النهضةوفن الممكن
هبط النهضة إلى دوري ركاء وعاد من حيث أتى، وعندما صعد النهضة كتبت هنا قائلا "النهضة الجميل في دوري جميل" متحدثا عنه كتأريخ وعراقة ولا أجد مراء في أن أقول بأنني كنت أتوقع بقاءه أوعلى الأقل أن يقدم نتائج تشفع له وتتناسب مع تأريخه وأن يكون ثاني الهابطين وليس أولهم إذا لم يتمكن من البقاء.
النهضة الذي قضى موسمين في دوري ركاء قادما إليه من الدرجة الثانية ليصعد لدوري جميل لم يستطع مجاراة فرقه والصمود فهبط كنتاج طبيعي لذلك قبل أن ينتهي الدوري بجولتين، والـ 24 جولة كافية لتقييمه إذ لن يكون هناك جديد فيما تبقى بل ربما كان أقل عطاء لانتهاء الطموح ولايضيرالشاة السلخ بعد ذبحها.
دوري هذا الموسم كان ضعيفا في مجمله ومعظم فرقه، وكانت فرصة النهضة بالبقاء ولنا أن نتصورأن 9 فرق من أصل 14 مهددة بالهبوط قبل جولتين من نهايته منها 3 حسابيا وإن أمنت نفسها بعض الشيء (الاتحاد والفتح والفيصلي) و5 في المركزقبل الأخيرلايميزهم عن بعضهم إلا فارق الأهداف وواحد هبط رسميا وهوالذي نتحدث عنه.
مشكلة النهضة إنه عندما صعد لم تكن لديه رؤية إستراتيجية أوخطة واضحة للبقاء، كان يعتمد على اجتهادات فردية ولم يتعامل مع الدوري بنظرة واقعية بمعنى تقييم مكانته بين فرق جميل بدليل نتائجه خاصة في الدورالأول الذي أنهاه بـ 4 تعادلات مع الشعلة والرائد والاتحاد والعروبة وهذه الأندية تتنافس على الهروب من الهبوط، وإن كان الاتحاد الأفضل والأبعد عن هذا الشبح فيما خسر12 مباراة وبنتائج كبيرة حيث ولج مرماه 37 هدفا وفي الـ 24 مباراة الماضية كان معدل تسجيله للأهداف هدف في كل مباراة مقابل 2.5 هدف تلج مرماه وهذه نسبة ضعيفة تؤكد الخطأ الإستراتيجي الذي وقع فيه وفازفي 3 فقط وتعادل في7 وخسر14 فيما كان المفروض أن يزيد عدد التعادلات على حساب الخسارة.
لم يعش الفريق استقرارا فنيا فكان الخطأ الأكبرفي التعاقد مع بيلاتشي كمدرب لايتسق نهجه التدريبي مع فريق يبحث عن البقاء وليس بطولة وأنهاه بعد الجولة الرابعة ثم كلف أيمن مخلوف بمباراتين وأخيرا جلال قادري (تونسي) الذي وضحت بصماته بعد الاستقرارولكن بعد فوات الأوان.
اللاعبون الأجانب لم يكونوا في مستوى طموحات الفريق بدليل أنهم سجلوا 33% فقط من أهدافه وصنعوا 19% فقط منها وهذه نسبة ضئيلة تؤكد أنهم لايصنعون الفارق بل لم يكونوا أساسيين في بعض المباريات وكان أكثرهم مشاركة المدافع التونسي أيمن عباس الذي لعب 17 مباراة كاملة و2 تم استبداله فيهما.
هبط الفريق وعاد ليس لأنه لايملك مقومات البقاء فقط ولكن لأنه لم يتعامل مع دوري جميل بما يستحق ويتناسب معه.
والهبوط في حد ذاته ليس عيبا فكثيرمن الفرق مرت بهذه المرحلة لكن المهم كيفية الاستفادة من هذه التجربة ليعود بصورة أفضل، وماقضاه الفريق في دوري جميل يمثل تجربة ثرية على أرض الواقع لمعرفة إمكانياته وطريقة تعامله مع المباريات.
مثل هذه الأندية عادة التي تصعد لدوري يفوق إمكاناتها ولدى فرقه خبرة كبيرة ونجوم عالميون لاتحتاج لمدربين عالميين يفوقونها ثقافة وفكرا أولايستطيعون تقييم الوضع بقدراحتياجها لمدربين يتعاملون مع الدوري بـ(فن الممكن).
والله من وراء القصد.