بنما وبنينأفضل من غانا والصين
عندما تراجع ترتيب المنتخب السعودي في تصنيف (فيفا) الشهري العام الماضي متجاوزا الـ 100 وهي مرحلة لم يصل إليها منذ أن دخل دائرة المنافسات الخارجية أقام كثيرون الدنيا واعتبروا ذلك نكسة للكرة السعودية ودليل فشلها وتخطيطها حتى كثير ممن لا يهتمون بشأن كرة القدم وتفصيلاتها أو يدخلون دهاليزها ركبوا ذات الموجة واعتبروه مؤشرا أو(مسطرة تقييم) لحال الكرة السعودية، ولم يخل الأمر من نظرية المؤامرة عند البعض وأصبح تحسين المركز هو شغلهم الشاغل دون أن ننظر لتحسين المستوى أولا وقبل كل شيء ولذلك ـ وهذا حسبي ـ عندما أنتخب الأستاذ أحمد عيد رئيساً لاتحاد القدم وعد في أول تصريحاته بتحسين مركزنا في هذا التصنيف إرضاء لهؤلاء وإقناعاً لهم وهو يعي في قرارة نفسه تحسين وضع المنتخب ونتائجه لأنه السبيل الوحيد لتحسين ترتيبه وحتى السيد لوبيز أصر على أن يلعب أمام إندونيسيا بالمنتخب الأول رغم أنها تحصيل حاصل مبررا ذلك بتعميق ثقافة الفوز واستمرارها وتحسين مركزنا في تصنيف (فيفا) أو على الأقل المحافظة عليه ولا أعتقد أنه كان يعني الأولى حقيقة لأنه يدرك أن ثقافة الفوز قد تأصلت ولن تؤثر فيها مباراة كهذه عندما يشرك مجموعة أخرى جديدة أو أولمبية وبالتالي فقد كان واضحاً أن هدفه (الترتيب).
التساؤل المطروح
كيف ننظر لهذا التصنيف؟
وإلى أي مدى يمكن اعتباره دليلا على تطور مستوى الكرة في بلد ما؟
في التصنيف الأخير للفيفا الذي أعلن الأسبوع الماضي جاء المنتخب السعودي في المركزالـ 75 وكان قد تراجع إلى المركز109 في سبتمبر الماضي وقبل شهرين كان في المركز72 بمعنى أنه قفز37 مركزا خلال 5 أو4 أشهر وتراجع 3 مراكز رغم أنه طوال الشهرين الماضيين لم يخسرأي مباراة بل كانت نتائجه ممتازة في التصفيات الآسيوية.
في نفس التصنيف لهذا الشهر جاءت بنما في المركز29 وكوستاريكا 34 وغانا 35 وتركيا 38 ونيجيريا 47 واليابان 48 وكوريا 60 فهل من المعقول أن بنما وكوستاريكا أفضل من كل هذه المنتخبات سواء في المستوى العام أو على المستوى القاري أو في المونديال؟
وهل يمكن اعتبار منتخب ليبيا الذي جاء في المركز71 أو سيراليون72 أفضل من المنتخب السعودي 75 أو من الصين 98 وحتى بنين التي جاءت في المركز94 هل هي أفضل من الصين؟
هذه الأرقام تؤكد أن التصنيف الشهري للمنتخبات الذي يصدره (فيفا) لايعطي مؤشراً حقيقياً على وضعية كل منتخب ومكانته عالمياً وإنما هو تصنيف يعتمد على عدد من النقاط من أبرزها متوسط النقاط التي حصل عليها خلال الأربع سنوات الماضية ونتائجه (فوزا أو تعادلا) في المباريات الودية الدولية أوالتصفيات أوالنهائيات القارية أو المونديال وتختلف حسب أهمية المباراة وأهمية الفريق المقابل.
التصنيف الشهري مهم وتقدمنا فيه ضروري كناحية معنوية ولأن الاتحاد الدولي لكرة القدم يعتمد عليه كأحد المعايير في تقسيم المنتخبات على التصفيات وغيرها لكن يجب ألا نجعله الأساس في تقييم منتخبنا والنظرة إليه.
مشكلتنا مع مثل هذه التصنيفات أو الإحصاءات الصادرة من جهات دولية رسمية مثل (فيفا) أوالاتحاد الدولي للإحصاء أننا نتعامل معها من منطلق عاطفي وبعيدا عن لغة العقل.
نثني عليها ونعتبرها مرجعاً هاماً ومعتمداً ونثق في أصحابها عندما توافق لدينا هوى وتتسق مع ميولنا ورغباتنا، لكن عندما يتعلق الأمر بما لا نريد أو لا يتوافق مع رغباتنا نعتبرها مجرد أرقام ونبدأ التقليل من أهميتها.
والله من وراء القصد،،،