الدفاع خير وسيلة
(الهجوم خير وسيلة للدفاع) مقولة ظلت سائدة فترة طويلة على ألسنة المحللين والنقاد في كرة القدم وحتى المدربين أثناء التطبيق الميداني ولازالت لدى كثيرمن محللينا ونقادنا الرياضيين.
والسؤال المطروح:
إلى أي مدى يمكن اعتبارهذه المقولة ألتي أطلقها القائد الفرنسي نابليون بونابرت إبان الحرب العالمية الثانية وتلقفتها الأوساط الكروية صحيحة في عصرنا الحاضر؟
كان نابليون ينظرإلى الإجهازعلى الخصم في الحرب ومبادرته بالهجوم حتى لاتكون لديه الفرصة لمهاجمتك ووضعك في خانة المدافع.
ولأن كرة القدم ينطبق عليها ما ينطبق على الحروب من حيث التنافس مع الخصوم والفوزوالخسارة والهجوم وخطوط الإمداد الخلفية .. إلخ فقد عمد مدربوها إلى توظيف هذه المقولة واعتمادها ولعل نظرة في مباريات كرة القدم بما فيها نهائيات كأس العالم في النصف الثاني من القرن الماضي وحتى مونديال المكسيك 1970 تؤكد ذلك حيث تميزت بنتائج كبيرة ووفرة الأهداف واشتهرت في تلك الفترة الطريقة البرازيلية 4ـ2ـ4 وهي هجومية بحتة والإنجليزية 4ـ3ـ3 التي تميل لتكثيف منطقتي الوسط والهجوم ثم الإيطالية والظهيرالقشاش ثم فاجأ الهولنديون العالم بالكرة الشاملة في مونديال 1974 وبدأت الفرق والمنتخبات العالمية تحرص على تحصين الخطوط الخلفية أولا ثم التفكيرفي الهجوم والدفاع في كرة القدم يأخذ أسلوبين:
ـ الرقابة الفردية.
ـ دفاع المنطقة.
والثاني هو السائد حاليا وتستخدمه معظم الفرق والمنتخبات العالمية ويختلف عن الأول بأنه لا يعتمد أسلوب الرقابة الفردية (لاعب يراقب لاعبا آخر) وإنما الجميع يراقب الجميع وهذا ما يسهم في القدرة على إفتكاك الكرات وقطعها بصورة أسرع وأفضل ومع التطورالذي يحدث في كرة القدم فقد تنوعت أساليب دفاع المنطقة وأصبح بالإمكان تنفيذ ذلك في منطقة الخصم وهذا ما نلحظه في كثير من المنتخبات والفرق العالمية مثل ألمانيا وأسبانيا وريال مدريد وبرشلونة بحيث يبدأ الفريق بالدفاع والضغط من منطقة الخصم لإبعاد الخطورة عن مرماه وهذا الأسلوب يتطلب الانتشار الجيد للاعبين وعدم ترك مساحات فارغة ينفذ من خلالها الخصم وتبادل الرقابة عليه والرقابة الجماعية التي قد تصل إلى 3لاعبين مقابل 1وإذا ما تم تطبيقها بصورة جيدة وصحيحة فإنها تعطي الثقة للفريق وتبعد الخطورة عنه وتجبرالفريق المقابل على لعب الكرات العالية أواللعب على الأطراف مما يسهل من مهمة الفريق المدافع في قطع الكرات وبدء الهجمة.
ولعل خير مثال على نجاح هذه الطريقة فوز اليونان بكأس أوروبا 2004 وقهرها البرتغال على أرضها في الافتتاح 2ـ1 والنهائي 1ـ0 وإطاحتها بالمنتخب الفرنسي بطل النسخة السابقة ومنها فوز إيطاليا بكأس العالم 1982عندما صعدت للدورالثاني بفارق التسجيل عن الكاميرون في المجموعة الأولى حيث انتهت جميع مبارياتها بالتعادل عدا فوزإيرلندا على بيرو5ـ1 وتصدرها المجموعة وكان لإيطاليا هدفان وعليها هدفان فيما كان للكاميرون هدف وعليها هدف وتأهلت ثم أنهت المشوار بنجاح مقصية البرازيل والأرجنتين ثم بولندا ثم ألمانيا في النهائي والثانية مونديال 2006 عندما اتبعت سياسة أن تصل متأخرا خير من ألا تصل أبدا.
لدينا تطبق بعض الفرق هذه الطريقة بشقها الدفاعي البحت ومن منطقة الفريق وليس الخصم ومع ذلك تظل هي الأكثر نجاحاً وكثيرا ما تدفع الفرق ذات الطابع الهجومي المعتمد على فتح اللعب الثمن عندما لاتملك خطوطاً خلفية جيدة تتوازن مع بقية خطوط الفريق والمهم أن تدرك إمكانيات فريقك وقدرات لاعبيه وتوظفها التوظيف الصحيح.
والله من وراء القصد،،،