الكرة البرازيلية
مهما كان عطاء الفريق ومستواه ونتائجه إلا أن النظرة إليه تختلف ربما بسبب الميول والعواطف التي لا يستطيع البعض فصلها عن نظرته العقلانية أو بسبب الرؤية الفنية واختلاف التقييم بين شخص وآخر أوالعملية النسبية في الحكم على الأشياء إلا الكرة البرازيلية فهي في نظري المتفق عليها مهما كانت الميول والرغبات ولا أعني هنا هذه الكرة في عمومها وأدائها ولكن عندما تتجه إلى "المتعة". "المتعة الكروية" جزء من المباراة وأساسها الأهداف هكذا تقول كرة القدم لكن الكرة البرازيلية ترى "المتعة" هي الأساس فاللاعب البرازيلي يستمتع وهو يلعب الكرة ويمتع من حوله حتى أصبحت جزءا من ثقافته لدرجة أنه ينسى الفريق أحيانا وهذا أبرز عيوبه ولذلك فليس غريبا أن تشاهد وأنت تذرع شواطئ البرازيل وحاراتها "بين كل ملعب وملعب ملعب". هذا اللاعب مفطورعلى كرة القدم ومنذ أن وعينا على متابعتها وتفتحت أعيننا على نهائي كأس العالم 1970 عندما فازت البرازيل على إيطاليا4ـ1 بجيل بيليه وجيرسون وجيرزينهووريفلينووكارلوس ألبرتو ثم جيل 82 سقراط وزيكو وإيدر وجونيور وأوسكار وجيل 94 روماريو وبيبيتو ثم رونالدو والآن مع جيل نيمار وديدن الكرة البرازيلية لا يتغير بل إن هذه المتعة والتركيزعليها أفقدها نتائج مهمة ولعل مونديال 82 في مدريد خير مثال عندما قدمت هذه الكرة أفضل فريق مر على كأس العالم من حيث الأداء الفني والمتعة الكروية ومع ذلك خسرت من إيطاليا2ـ3 الصاعدة من الدورالأول بأفضلية التسجيل على الكاميرون وفقدت البرازيل التأهل لنصف النهائي وكانت طريق إيطاليا للكأس. والمهارة الفردية هي طابع لاعبي أمريكا الجنوبية عموما لكنها تبرز في البرازيل كونها تمثل ما يزيد عن نصف القارة من حيث المساحة وعدد السكان وأذكر بين شوطي نهائي مونديال 1978 في الأرجنتين أن نزل مجموعة من صغار السن لا تتجاوزأعمارهم 12 سنة وكل معه كرة وقدموا فاصلا مهاريا في مداعبة الكرة لم تلامس فيه الأرض طيلة فترة الاستراحة بين الشوطين. أخذتني الكرة البرازيلية عن نهائي كأس القارات الذي فازت فيه على أسبانيا 3ـ0 بنتيجة لم يتوقعها أكثر المراقبين صحيح أن المنتخب الأسباني مرهق بعد مباراة إيطاليا وإضاعته ضربة الجزاء بعض منه لكن هذا لا يمنع أن الفوز البرازيلي وارد بهذا المستوى مهما كان وضع الأسبان فهو امتداد للفوزعلى اليابان والمكسيك وإيطاليا ثم الأوروجواي بمستوى ونتائج كبيرة وصل مجموعها11هدفا مقابل 3 في مرماه. المنتخب البرازيلي الوحيد الذي حضر في جميع نهائيات كأس العالم الـ 19ووصل إلى المباراة النهائية7 مرات فازبـ 5 منها وهو رقم قياسي والوحيد الذي فاز بها في4 قارات وعندما دخل كأس القارات في دورتها الثالثة مارس هوايته المعهودة ففازبـ 4 بطولات من أصل7 شارك فيها من دوراتها الـ9 منها ثلاث متتالية 2005 و2009 و2013. الكرة البرازيلية منتجة للاعبين والمدربين وأرضها ولادة ولايمكن أن تجد لاعبا أوروبيا أو مدربا في الدوري البرازيلي ربما لبعدها الجغرافي وطبيعتها الديمغرافية المتأثرة باقتصادها المحلي مما جعلها تتجه إلى الكرة وتكتفي ذاتيا بل وتصديرالنجوم والكفاءات إلى الخارج خاصة أوروبا والشرق. وهذا الفريق الفائز بكأس القارات عمره لا يتجاوز3 سنوات سواء كعناصرأو جهاز فني فقد تم تشكيله بعد مونديال 2010 وبعد أن أسندت المهمة للمدرب فيليب سكولاري الذي صنع منه فريقاً نجماً في زمن قصير ولهذا المدرب حكاية في زاوية قادمة. وأختم بمقولة في الأوساط الكروية العالمية "الإنجليز اخترعوها والبرازيليون أتقونها" والله من وراء القصد،،