إسبانيا وإيطاليا
تأهلت إسبانيا لنهائي كأس القارات التاسعة بعد أن أقصت إيطاليا (ولا أقول فازت عليها) بركلات الترجيح6/7 وبعد أن انتهى الوقت الأصلي والإضافي بالتعادل بدون أهداف.
والحقيقة أن النتيجة الطبيعية للمباراة كما انتهت إليها في وقتها المحدد وهوالتعادل بناء على ما قدمه الفريقان والمستوى الذي ظهرا به في اللقاء.
مباراة إسبانيا وإيطاليا تجاوزت في حقيقتها الإطارالعادي لأي مباراة ليس لأنها نصف نهائي كأس القارات أوأن الفائزتأهل للمباراة النهائية ولكن لأنها قدمت دروسا في كرة القدم وما يجب أن تكون عليه المباراة لا من حيث الأداء الفني للفريقين بل وكل مايحيط بها من عوامل وطقوس في التنظيم الإداري والإدارة التحكيمية والروح العالية والنظرة الحقيقية لمعنى التنافس في الحياة العامة وفي مجال الرياضة على وجه الخصوص.
ــ اثبت المنتخبان أن متعة المباراة ليست مشروطة بالأهداف، إذ بالإمكان تقديم مباراة ممتعة وغيرمملة ومثيرة ونظيفة في كل شيء حتى من الأهداف، صحيح إن الأهداف كما يقولون هي حلاوة المباراة لكن الحقيقة أنها تزيد من حلاوتها أوأنها تأتي لتغطي بعض جوانب النقص فيها ولهذا كثيرا ما نقول (مباراة لاتنقصها إلا الأهداف) أو (مباراة ليس فيها سوى الأهداف).
ــ أكدت المباراة أن التنافس في الملعب وذلك من خلال الروح الرياضية العالية للفريقين التي أكد عليها قائد كل فريق قبل المباراة وترجمها الجميع أثناءها وبعد انتهائها بالعناق وتبادل القمصان والابتسامات حتى بين المدرب الإسباني ديل بوسكي وأحد الحكام أثناء مجريات اللعب، ولا أعتقد أن أحدا سيخرج صبيحة اليوم التالي في الإعلام أوتلك الليلة في قناة فضائية ويفسرمعنى الابتسامة وفق ميوله وأهوائه كما لوحدثت في ملاعبنا.
ــ اثبتت الكرة الإيطالية أنها تمرض ولاتموت، وأنها ذات شخصية قوية داخل الملعب بخبرتها وتأريخها العريق لايمكن استبعادها من أي ترشيحات لأي بطولة، واثبتت الكرة الإسبانية أنها سيدة الموقف وقائدة الركب في السنوات الأخيرة وهي تسعى لإكمال عقد بطولاتها الثلاث الكبرى لتكون ثاني منتخب أوروبي بعد فرنسا ينال هذا الشرف.
ــ الأكثرأهمية أن المباراة أعطت درسا في معنى الاحتراف الحقيقي وثقافة اللاعب.
نحن نعلم أن كلا من الدوري الإيطالي والإسباني يتكون من 38 جولة، وإذا أضفنا لها مسابقتي الكأس في البلدين وبطولة الأندية الأوروبية التي يشارك فيها معظم هؤلاء اللاعبين إن لم يكن جميعهم وتصفيات كأس العالم عن أوروبا وأيام فيفا وغيرها .. نجد أن اللاعب من هذين المنتخبين لعب خلال هذا الموسم عددا كبيرا جدا من المباريات ربما يتجاوزالـ 70 أو80 مباراة وربما أكثرومع ذلك قدم هؤلاء 120 دقيقة من العطاء المتواصل تشعرمن خلاله كأنهم يلعبون في منتصف الموسم، وجاءت ركلات الترجيح لتؤكد على ذلك وتؤكد أيضا على إكتمال لياقة اللاعب سواء من حيث الإعداد الفني والنفسي أوالتوافق الذهني والعصبي لديه، حيث تم تنفيذ7 ركلات ترجيح لكل فريق بنجاح عدا الأخيرة، ونحن نشتكي ونعاني عندما يؤدي اللاعب لدينا 35 مباراة في الموسم أو40.
هذا العطاء هونتيجة التغذية السليمة والالتزام بالتمارين وساعات النوم والراحة وغيرها من الأسس لتطبيق المفهوم الصحيح للاحتراف الحقيقي وشعوراللاعب بالمسؤولية تجاه نفسه وهذا هوالفرق بيننا وبينهم.
والله من وراء القصد.