الاتحاد وتبدل المفاهيم
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولا .. لا أبا لك يسأم لو كان الشاعرالجاهلي زهير بن أبي سلمى موجوداً بيننا في هذا العصرأو كان يدرك ببصيرته وهو حكيم العرب في زمانه أن ناديا اسمه الاتحاد سيظهربعد 13 عشرا قرناً ونصف من معلقته الشهيرة تلك لربما أضاف لها أبعادا أخرى أو استثنى فيها، فقد جعل الاتحاد الثمانين وهو يعبر منتصفها إلى التسعين مرحلة نضج وتغييروفترة عطاء وتجديد.
والذين تابعوا حال الاتحاد خلال المواسم الأخيرة لم يدر بخلدهم أنه سيتعافى ويقف على قدميه يسير معتمدا على نفسه بهذه السرعة ليس تشاؤما وفقدا للأمل فالأمل بالله موجود ولكن لأن حالته كانت صعبة خاصة هذا الموسم وشخصها البعض بـالـ (Hopeless) واستعد البعض لنقله إلى غرفة الإنعاش وآخرون في تجهيز عربة لدفعه عليها بعد خروجه منها.
كان الاتحاد بحاجة لعملية جراحية لم تكن سن الثمانين تسمح بإجرائها لخطورتها عليه كانت تحتاج لقرار جريء وشجاع في ظل مطالبة البعض بالمسكنات والإكتفاء بها.
القضية لم تكن في إتخاذ القرارولكن في تحمل تبعاته فيما لو فشلت العملية (لا سمح الله) وردود أفعال الرافضين إجراءها خاصة أن كلفتها عالية مقابل نسبة نجاح ضئيلة سواء من حيث التركيبة الفسيولوجية للمريض أومن حيث التوقيت.
الإتكال على الله
ثم محبة الاتحاد
والبر من أبنائه المخلصين
ثم جرأة الطبيب المعالج وثقته واستعداده لتقبل ردود الفعل بحلول بديلة وضعها مع مستشاريه قبل إجراء العملية عوامل أسهمت في نجاحها وأجبرت أصحاب الحلول الوقتية والمسكنات على القناعة بصحة القرار بعد أن كان البعض ينتظر خطأ الطبيب أومضاعفات ما بعد العملية ليظهر في صورة البطل وصاحب الرأي السديد.
غاب الاتحاد عن مشهد اعتاد عليه خلال العقد الماضي وظن البعض أنه تاه طريق المنصات لأنه فقد القائد الذي كان يأخذه عادة إلى هناك وغاب عن ركبه من بالنجم هم يهتدون،
ولخارطة الطريق يقرؤون،
وظنوا أن إعداد هذا الدليل يحتاج إلى مال وجهد ووقت وتدريب،
لكن هؤلاء فات عليهم أن جيل اليوم يتعامل مع تقنية حديثة يقرأ من خلالها خارطة الطريق ويصل عن طريقها إلى ما يريد مختصرا المسافة والزمن فجاءت هذه الخارطة لترسم عودة الاتحاد بأسرع مما يتوقعون.
عاد الاتحاد فرقصت (العروس) حتى الصباح كأنما لم ترقص من قبل.
وبدأت آسيا تتزين إبتهاجاً بعودة البطل.
عاد الاتحاد وكأنما أراد أن تكون هذه العودة تاريخية في كل شيء تاريخية في نتيجتها.
تاريخية في شخصية المنافس الذي تسيدها أمامه وتباهى بها من خلاله في دورتيها الأوليين.
تاريخية في عدلها ليقف في صف واحد مع أبطالها المنافسين في عدد مرات الفوز بها وإن فاقهم حضورا في منصاتها.
تاريخية في تبدل المفاهيم والقدرة على صنع الإنجازوالانتقال من حال إلى حال.
تاريخية في نجومها الذين انتصروا على ذاتهم وأخلصوا لاتحادهم وصدقوا ما عاهدوا عليه جماهيرهم.
أن تكسب بطولة ليست معجزة فالكثير قادر عليها.
أن تغير جلد الفريق وتعيد صياغته من جديد ليست صعبة فالمسألة قراروبديل.
لكن أن تنقل الفريق من الإحباط إلى التفاؤل.
ومن الغياب إلى الحضور ومن الصفوف الخلفية إلى واجهة الأحداث.
أن يجدث هذا في زمن قياسي، فهي الشجاعة بعينها والجرأة بذاتها والقدرة على صناعة القرار وهو قرارلا يقدر عليه إلا أولو العزم من الرجال الواثقين في أنفسهم وفيمن حولهم والاتحاديون من هذا النوع من الرجال.
والله من وراء القصد،،