العنصرية وخلط المفاهيم
يبدو أن لدينا خلطاً كبيراً في المفاهيم أو بين المفاهيم.. هذا الكلام سبق أن قلته مراراً وتكراراً وقاله غيري عند حديثنا عن اللوائح واللجان، لكن هذا الخلط تجاوز ذلك إلى الألفاظ التي تطلقها الجماهير في المدرجات أو تخرج على ألسنة بعض المسؤولين وأصبحنا نخرج المفردة من مضمونها اللغوي ودلالة المصطلح إلى دلالات ذات مضامين أبعد إما بحسن النية نتيجة قصور في فهمنا الثقافي أو لأهداف نظن أنها تحقق رغبة ذاتية، وهي في الحقيقة تتجاوز هذه الرغبة لما هو أبعد من تحقيقها دون أن نشعر بالتأثير على علاقات المجموع أو الكيانات. في مباراة الهلال والاتحاد الأخيرة صدرت من بعض جماهير المدرج الهلالي عبارات غير مقبولة تجاه جماهير الاتحاد ولا مجال لإخفائها، ولست هنا في مقام من ينفي نسبتها لهم فقد صدرت من بين جماهيرهم وإن كنت شخصيا أؤمن بأن الجماهير المحسوبة فعلياً ومن يتحمل وزرها النادي -أي نادٍ- هي رابطة المشجعين. العبارات معروفة وتصدرت البيانات والطروحات الصحفية (نيجيريا.. نيجيريا) وجاءت ردة الفعل كبيرة من قبل الإدارة الاتحادية وغيرها ووصفوها بأنها (عنصرية) وأقيمت حولها ندوة في الغرفة التجارية وطالب البعض بهبوط الهلال للدرجة الأولى وكأنها تظهر في ملاعبنا لأول مرة. في المقابل رد الهلاليون ببيان يتهمون فيه جماهير الاتحاد بترديد عبارة (نيفيا.. نيفيا) وأنها نوع من القذف في لاعبيهم وكأنها هي الأخرى تصدر للمرة الأولى تجاههم. ومن يدخل إلى (اليوتيوب) ولا شيء يخفى في عالم اليوم يجد أن (نيجيريا..) وغيرها تكررت من جماهير غير هلالية لكنها لم تجد ردة الفعل ذاتها، بل لم تتحرك تجاهها أي جهة رسمية أوغير رسمية وأن (نيفيا..) سبق أن أطلقتها جماهير غير اتحادية على الهلال وأيضاً لم تجد ردة الفعل سواء الهلالية أو غيرها. الذي أتمناه ألا تكون ردود الفعل هذه مرتبطة بأطراف القضية قدر ارتباطها برغبة حقيقية لمعالجة الوضع قبل أن يتحول إلى ظاهرة يصعب التعامل معها وتهدد وحدة هذا الكيان الذي نتشرف جميعاً بالانتماء إليه ونسعى للحفاظ عليه، إذ إنها ليست المرة الأولى التي تصدر فيها مثل هذه العبارات تجاه الأندية بما فيها أندية أخرى غير الاتحاد والهلال وحتى بعض اللاعبين ولعل ما تعرض له ياسر القحطاني هو الأكثر إيلاماً عندما انطلقت من ملعب جدة وطافت ملاعب المملكة، وفي مباريات لم يكن الهلال طرفاً فيها مثل مباراة (أبها والرائد) في أبها وفي القصيم وغيرها دون أن تتحرك الجهات المسؤولة، ولعل صمتها تجاه هذه وغيرها من العبارات تجاه أندية وحضورها أمام أخرى هو ما جعل هذه الأمور تنتشر أكثر وتصل إلى هذه المرحلة. لنترك حصر القضية في نطاق ضيق ونناقشها بصورة أكثر شمولية، وأرى أن ذلك يتم من خلال خطوتين: الأولى تحديد معنى المفردة أو العبارة ودلالاتها، هل هي عنصرية أم لا؟.. وهل هي قذف أم غير ذلك؟.. حتى تكون العقوبة تتناسب وحجم الخطأ المرتكب؛ فالعنصرية تختلف عن الإساءة الشخصية والقذف غير السب والشتم مهما كانت الدلائل، فاختلاء رجل بامرأة وإن ضمهما سرير واحد كما خلقوا أول مرة لا يمكن الحكم عليه بالزنا ما لم تتوافر كل أركان الحكم.. ولجنة الانضباط لديها من القانونين ما يفترض فيهم معرفة المصطلحات ودلالاتها، ليكون الحكم مبنياً على أسس ومتناسباً مع الحدث. الثانية الحلول المطروحة والممكنة حتى لا نصل إلى الأولى أو بما يغنينا عن الوصول.. والخطوتان محورا حديثي القادم بإذن الله. والله من وراء القصد،،،