النصر من الغراب إلى نور
تعاقد النصر مع اللاعب الدولي ونجم نادي الاتحاد محمد نور أعاد للأذهان وبالذات بعض الأذهان النصراوية صفقة نصراوية - اتحادية من العيار نفسه قبل 45 عاماً تقريباً عندما انتقل نجم الاتحاد سعيد غراب إلى النصر عام 1389هـ 1969م في خطوة تأريخية كانت قياسية في ذلك الوقت، حيث بلغت قيمة الصفقة 50 ألف ريال للغراب نفسه (لا تزيد عن 13500 دولار).
أحدثت صفقة الغراب الذي كان من أفضل لاعبي المملكة إن لم يكن الأفضل في تلك الفترة كمهاجم وصانع ألعاب ضجة كبرى، خاصة وأنه لم تكن هناك فترة تنقلات وشكلت إضافة للنصر الذي كان يزخر بعدد من نجوم المنتخب لكن النصر بالرغم من هذا كله لم يستفد من الغراب بما يتناسب ومكانته وقيمة الصفقة التي لم تدم طويلاً، حيث كان يعلق عليها آمالاً كثيرة.
التأريخ يعيد نفسه ولكن بلغة أخرى، فالغراب انتقل للنصر دون رغبة اتحادية بسبب نقل عمله للرياض، فيما خرج نور من البيت الاتحادي مطروداً بلغة مؤدبة -وعفواً لهذا التعبير- بمعنى تم الاستغناء عنه، وجاء للنصر كأحد الخيارات المطروحة أمامه، فقد كان لديه الاستعداد للذهاب إلى الهلال أو الأهلي أو ناد خليجي، لكنه وجد رغبة نصراوية توافقت مع تطلعاته ليبرز تساؤل هام تداوله كثيرون واختلفوا على إجابته:
هل ينجح نور مع النصر؟..
نجاح أي لاعب في أي نادٍ يعتمد على عنصرين أساسيين:
أولهما:
اللاعب نفسه.
والثاني:
البيئة وهذه تشمل بيئة النادي وبيئة الفريق على وجه الخصوص.
محمد نور يحتاج فترة إعداد، بل مرحلة إعداد قاسية وصعبة يستعيد فيها لياقته وحساسيته على الكرة والمعروف عنه عندما كان في الاتحاد أنه كان لاعباً مزاجياً، وحضوره في المباريات غير ثابت ومتذبذب المستوى، وأصبح من الصعب على الإدارة الاتحادية تطويعه لذا قررت الاستغناء عنه خاصة وأنه شارف على الـ 35 من عمره.
هذا الأسلوب ربما تولدت عنه ردة فعل لدى نور نفسه ليدخل مرحلة صراع مع الذات أن يكون أو لا يكون، ليثبت للاتحاد وللأندية الأخرى التي لم تستقبله أنه قادر على العطاء لموسم واحد أو موسمين على الأقل.
أما البيئة فالإدارة النصراوية قادرة على إيجاد البيئة المناسبة داخل النادي، البيئة التي تساعده على النجاح وأيضا ضمن صفوف الفريق.
البعض يرى أن وجود نجم بحجم حسين عبدالغني وخبرته قد يتعارض مع وجود محمد نور على اعتبار أن كلاً منهما يرى قدرته وكفاءته في قيادة الفريق وهو ما تراه الجماهير والقيادة هنا لا تعني فقط شارة القيادة بقدر ما تمتد إلى قيادة الفريق داخل الملعب وإصدار الأوامر والتوجيهات على طريقة المثل العربي (لا يجتمع سيفان في غمد واحد).
حسين ونور كلٌّ منهما أكمل ثلاثة عقود ونصف من عمرهما المديد بإذن الله، وعقدين في الملاعب، وأعتقد أن خبرة كهذه كافية لأن يدرك كل منهما دوره ودور الآخر أيضاً في نجاح الفريق، وأن يتنازل عن كثير من القناعات لتحقيق هذا النجاح.
إذا اقتنع نور بهذا..
وقرر الدخول في تحد مع الذات..
واستطاعت الإدارة النصراوية إيجاد البيئة المناسبة آخذة في الاعتبار كل الظروف المحيطة وتوزيع الأدوار والمهام بين أفراد الفريق.
إذا تم هذا كله ستنجح الصفقة، وسيذكرها التأريخ كأهم الصفقات وإلا ستكون مثل صفقة الغراب.
الفرق أن الغراب، كانت الظروف خارج إرادته ونور ستكون الظروف تحت إرادته.
وللغراب مع النصر قصة أخرى في زاوية قادمة.
والله من وراء القصد،،،