للتأريخ طقوس المباراة
تختلف طقوس المباريات بين الأمس واليوم سواء في الاستعداد لها وإعداد اللاعب أو بالنسبة للجمهور وتفاعله معها وهذا طبيعي نتيجة التطور الحاصل في المجتمع عموماً وهذا الانفتاح الإعلامي. كانت المباريات تقام عصر الجمعة (يوم الإجازة) فيما تقام مباريات الأشبال (الناشئين) يوم الخميس ونظراً لشح الملاعب وكونها ترابية وغير مملوكة للأندية كانت تمارين الأندية تقام أيام السبت والاثنين والأربعاء بالنسبة للفريق الأول فيما تتم بقية الأيام للأشبال والشباب. كان الهلال والشباب يتدربان في ملاعب ترابية مكان ملعب الأمير فيصل حالياً فيما كان النصر يتدرب شمال شارع الجامعة بين إدارة التعليم حالياً وفندق زهرة الشرق وفترة في شارع الوزير مقابل مركز الملك عبدالعزيز التأريخي وبرج المياه مكان مؤسسة النقد حالياً أما الأهلي أو اليمامة (الرياض حالياً) فكان محظوظاً بملعب الصايغ رئيس النادي آنذاك. عصر الأربعاء يعتبر التمرين الرسمي للفريق والذي على ضوئه يتبين استعداده للمباراة حيث يدخل بعده المعسكر ويرتاح الخميس، ويحظى بحضور جماهيري كبير يأتي سيراً على الأقدام أو بحافلات النقل (باص مناحي) أو الدراجات العادية والنارية للاطمئنان على الفريق واستعداده ومعنوياته خاصة في مباريات الديربي. مباريات الهلال والنصر كما هي الأهلي والاتحاد والاتحاد والوحدة تحظى باهتمام كبير وحضور الجماهير لتدريبات الفريق الآخر لمعرفة جاهزيته من عدمها وينظرون إلى الحماس والجدية في التمرين الرسمي على أنه مقياس لما سيكون عليه الفريق في المباراة ولذلك يأتي مرسول لهذا الفريق يعطيهم تقريراً عن تمرين الفريق الآخر وكيف كان. من الطرائف التي تروى في هذا المقام قبل مباراة دورية بين الهلال والنصر أن مهاجم النصر محمد سعد العبدلي الذي كان مصدر إزعاج للفريق الهلالي شوهد في التمرين الرسمي لفريقه يجلس على كرسي وقد وضع رجله في الجبس من أعلى الفخذ إلى أصابع القدم وبجانبه عكاز مما طمأن الهلاليين الذين فوجئوا به يتقدم الفريق في المباراة ويقوده للفوز عليهم بأربعة أهداف. كانت هذه إحدى (حيل) الأمير عبدالرحمن بن سعود -يرحمه الله- ليوهمهم أنه مصاب ويبعث فيهم الاطمئنان وهو ما حصل. يوم المباراة طقوس أخرى تبدأ ببث الأغاني الكروية في الإذاعة أو التلفزيون إذا كانت منقولة (لها حديث آخر) والتوجه إلى الملعب جماعات على الأقدام أو النقل يسبقهم أحدهم في وقت مبكر قبل المباراة ليحجز المكان بوضع سجادة كبيرة على المدرجات الإسمنتية. بعد المباراة يخرجون جماعات أيضاً من ملعب الصايغ (هذا في الرياض) إلى شارع الأمير فهد بن مشاري ويتجهون يساراً، أرتال من البشر إلى مقهى شعبي في تقاطعه مع طريق عمر بن الخطاب مقابل المعهد الملكي حيث يتحول المقهى إلى إستديو تحليلي لأحداث المباراة. أجمل ما في هذا الإستديو أنه يضم أطيافاً مختلفة الميول يتناقشون بروح رياضية عالية هي انعكاس لعلاقة اللاعبين ببعضهم الذين يسهرون قبل المباراة ويجتمعون بعدها بعلاقات حميمية، وقد أشار إلى بعض من ذلك الأستاذ عبدالرحمن الموزان يوم أمس في زاويته الأسبوعية في جريدة الرياض. رجلان تعرفهما كل الجماهير الرياضية وتتعامل معهما وهما الأشهر في ملعب الصايغ ثم في ملعب الملز (ملعب الأمير فيصل) لفترة هما: عيسى العويس -شفاه الله وعافاه- الذي كان يقف على البوابة الرسمية ولباقته وخلقه الرفيع في تعامله مع الجميع بمختلف مستوياتهم. وسعيد الذي كان يبيع الفصفص في المدرجات، وعبارته الشهيرة (قرمش قرمش) الذي اشتهر بـ(فصفص) وامتد هذا اللقب إلى ابنه لاعب الهلال الخلوق مرزوق سعيد فأصبح يلقب به. مرة أخرى.. كل شيء تطور في بيئة الملعب ماعدا التذاكر.. والله من وراء القصد،،،