طقها وإلحقها
عندما أطلق السويسري ستيفان ستورد صافرته معلناً نهاية مباراة الشباب والهلال الدورية بفوز الشباب 3ـ2 والتي شهدت 4 أهداف في دقائقها الـ10 الأخيرة 3 منها للشباب في د.81 و86 و90 وهدف للهلال في د.89، تذكرت مباراة مانشستر يونايتد والآرسنال على نهائي كأس إنجلترا 1979 وصيحات معلق المباراة المرحوم أكرم صالح: (لا تلوموني لا تلوموني)، وهي المباراة التي عرفت فيما بعد بمباراة الدقائق الخمس، وهذه لها قصة تستحق الذكر وأكرم أيضاً في زاوية قادمة بإذن الله.. لكنني أعود لمباراة الشباب والهلال التي استحق فيها الشباب الفوز بجدارة، وكان الأفضل والأقدر على التعامل مع أحداثها والسعي قدماً نحو الصدارة والمنافسة عليها.. وحديثي هنا عن الهلال والدقائق الأخيرة عموماً. فالهلال هذا الموسم ليس الهلال الذي اعتاد عليه المتابع الفريق المطمئن لجمهوره والداعي للأمل بقدّ ما أصبح مصدر الخوف والباعث على القلق. جمهور الهلال الذي كان يبتسم ويتحدث بلغة الواثق المطمئن حتى وفريقه يخسر الشوط الأول، لأنه يدرك ما يملكه من إمكانات وثقافة العودة للمباراة وقلب النتائج أصبح يضع يده على قلبه عندما يتقدم فريقه وتنتابه مشاعر الخوف وعدم الاطمئنان. في هذا الموسم تكرر السيناريو ذاته أربع مرات أمام الفتح في الجولة الأولى خسر 2ـ1 في الدقيقة 87 وأمام الاتفاق تعادل مرتين كلاهما عند الدقيقة 93 بعد أن كان متقدماً في الذهاب 1ـ0 وفي الإياب 2ـ1 ثم الشباب أخيراً واللافت للنظر أن الأهداف الشبابية الثلاثة جاءت بالرأس. الهلال جاءته هدايا كثيرة هذا الموسم تدفع به نحو البطولة رغم خسارته مرتين من الفتح المتصدر وكان يرفضها من خلال تفريطه في الدقائق الأخيرة، وبالتالي ربما تفريطه ببطولة دوري كان منه قاب قوسين أو أدنى. والهلال ليس الفريق الوحيد الذي يتعرض لهدف الدقائق الأخيرة وحتى لوكان متقدماً بالنتيجة وهو يحدث على المستوى العالمي والمنتخبات أيضاً، ولعل منتخبنا هو الآخر خسر وتعرض لمواقف مشابهة، أثرت على تأهله لكأس العالم، لكنها كبيرة في حق الهلال وغريبة على تركيبة الفريق، وهو الذي لم يكن يتأثر بالهدف الذي يلج مرماه، بل تعود على قلب النتائج والعودة إلى المباراة حتى وهو يخسر بالهدفين والثلاثة طوال تأريخه. يقول علماء النفس الرياضي وخبراء التدريب أن اللاعب الذي يعيش أجواء المباراة بتركيز تام طوال دقائقها؛ وأنا أقول بين الصافرتين يكون الأكثر قدرة على العطاء وندرة الأخطاء، المشكلة عندما يخرج اللاعب عن أجوائها في دقائقها الأخيرة ويأخذه التفكير بعيداً في ماذا ستكتب عنه الصحافة غداً.. أو أين سيسهر هذه الليلة.. ومع من؛ والمكافأة التي سيحصل عليها أوالمباراة القادمة.. وهنا يسرح اللاعب بعيداً -كما نقول- أو يفتقد التركيز مما يتسبب في إضاعة الفرص أمام المرمى أو التسبب في ولوج أهداف في مرمى فريقه، وقد يقوم هو بهذا الدور. وهنا تأتي خبرة اللاعب وثقافته وإدارة الفريق بإعداده الإعداد النفسي الجيد للمباراة وهو ما تفتقده أنديتنا دون أن نغفل عاملاً مهماً أيضاً وهو عامل اللياقة البدنية وقدرة اللاعب في توزيع جهده على دقائق المباراة. إعداد اللاعب للمباراة لا يعني فقط رسم الخطط له من قبل المدرب ومطالبته بتنفيذها بقدر ما هو كل لا يتجزأ من الإعداد البدني والفني وحسن التصرف في المواقف أثناء المباراة من خلال رسم جميع السيناريوهات المحتملة وكيفية التعامل معها في حينه، وليست (طقها وإلحقها) وبس. والله من وراء القصد،،،