الرشوة والحل من الخارج
يبدو أن الانفلات الإعلامي ــ إن جازالتعبيرــ عبرالفضائيات بدأ يلعب بالنارويدخل مراحل أكثرخطورة، والخطورة هنا ليست في مناقشة (الرشوة) كقضية، فهي ــ أي الرشوة ــ موجودة في المجتمع وتناقش علنا وتطرح عبرالمحاكم والإعلام، ولعل قضية سيول جدة وغيرها من القضايا التي يعلن عن اكتشافها دائما خيردليل. والمجتمع الرياضي هوجزء من هذا المجتمع لايمكن فصل قضاياه لكنها تأخذ صبغة رياضية، فـ(الرشوة) هي (الرشوة) سواء حدثت في مجتمع ديني أورياضي أواقتصادي أوسياسي، وسواء كان الهدف منها تمريرمشروع أوتمريرهدف.
الخطورة في كيفية تناول الموضوع والخلط بين الرشوة والابتزازوعدم فهم دلالة كل منهما ومعناه، فالقضية ليست ضربة جزاء مشكوك فيها أوراية تسلل مختلف عليها وإنما فيها (دفع) و(قبض) وذمم وضمائرواتهام بالمحرمات والمحظورات (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي في الحكم).
وأخشى إذا ما استمرالوضع على ماهوعليه أن تصبح مناقشتنا للرشاوى واتهاماتها كما نتعامل مع ضربات الجزاء وغيرها، والمتلقي جاهزلتبني وجهات النظروالسعي بها بين المجالس في المجتمع طالما تلقاها من الإعلام.
لا أنكرأن هذا واقع وموجود في المجتمع للأسف، لكن الصعوبة في اثبات ذلك ووجود القرائن، فالراشي، والمرتشي على وجه الخصوص سيعمل على إخفاء خطوته هذه وسيكون أكثرحذرا في التعامل معها بسرية حتى لاينكشف أمره.
والسؤال الآن:
لماذا وصلنا إلى هذه المرحلة؟ ليس في طرح الرشوة أومناقشتها كقضية ولكن في إطلاق التهم على بعض الأشخاص تلميحا وتصريحا ومحاولة جرهم إلى طاولة النقاش دون أدلة ملموسة أوبراهين موثقة؟
والموضوع هنا لايتعلق بلاعب أورئيس ناد ولكن أيضا بأعضاء مجلس إدارة يتهمون آخرين برشوتهم للاستقالة حتى تسقط الإدارة أوببقاء الإدارة الحالية حتى توقع العقود مع رعاة جدد للنادي لأنهم سيستفيدون من ذلك في إشارة واضحة لمعنى هذه الفائدة.
أعتقد أن هناك أسبابا ثلاثة رئيسة وراء ذلك:
ــ الغوغائية في الطرح الإعلامي ورمي التهم دون حسيب أورقيب على مسؤولي الأندية والاتحادات واللجان والحكام وغيرهم، بسبب قرارات انضباطية أوإدارية أوتحكيمية، مما أدى إلى استسهال الأمروالبحث عن مواضيع إثارة أخرى ومنها الرشوة (أستثني بعض الطروحات والزملاء وبعض البرامج)
ــ عدم البت في قضية الرشوة بين نادي الوحدة ونادي نجران التي مضى عليها مايقارب العامين رغم مافيها من أدلة واضحة وتسجيلات صوتية وتحديد لأطرافها ورفعها للجهات الرسمية والطلب رسميا بالتحقيق فيها.
ــ صمت وزارة الإعلام تجاه مايطرح في الإعلام الرياضي من تجاوزات وخروج عن النص وعدم البت في قضايا مرفوعة إلى الوزارة بشأن بعض التهم والحقوق حسب قول أحد رؤساء الأندية بعد أن أصبحت الجهة المسؤولة عن البت في هذه القضايا حسب التوجيه الملكي الكريم بديلا عن المحاكم الإدارية، وأصبحت الجهات الرياضية هي المسؤولة عما يدورفي الشأن الرياضي بناء على أنظمة الاتحاد الدولي لكرة القدم.
ومالم تمارس الجهات المسؤولة دورها وإيقاف مثل هذا العبث ولا أعني (منع الحديث أو التكميم)، فالحديث قد ينتقل إلى مواقع أخرى أكثرخطورة وأقل سيطرة ولكن بإعطاء كل ذي حق حقه أيا كان الموضوع وأيا كانت القضية فعلينا أن ننتظرالحل من الخارج.
والله من وراء القصد.