من يواجه من؟
"قررت إدارة نادي الهلال إيقاف بث الأخبار من المركز الإعلامي مكتفية بنشرها في الموقع الرسمي" هذه الخطوة من قبل إدارة نادي الهلال اعتبرها البعض نوعاً من مقاطعة النادي للصحافة وإيقاف تزويدهم بأخباره. لا أعتقد أن هناك مقاطعة طالما أن الأخبار موجودة في الموقع الرئيسي فالباحث عن الخبر سيجده وإذا كان النادي يرى بخطوته هذه أنه يحرم الصحافة من بعض التسهيلات التي كان يوفرها لهم وأن عليهم البحث عن الخبر فهو يخطئ في هذا التصور، وإذا كان هناك من الصحفيين من يعتقد أن مثل هذه الخطوة موجهة ضده فهو يخطئ أكثر. وبعيدا عن الهلال فإن بعض الأندية تلجأ إلى مقاطعة الصحافة نتيجة موقف معين فسرته على أنه موجه ضدها وتعتقد بهذا أنها تحرمها من متابعة أخبارها وتقديمها للمتلقي وبالتالي تخسر بعضاً من قرائها. والحقيقة أن لا أحد يستطيع كسب معركته مع الإعلام سواء كشخصيات اعتبارية وأفراد أو كيانات لأنه في النهاية هو الخاسر الأكبر فهو بحاجة إلى الإعلام مهما حاول نفي ذلك أو التظاهر بعدم الاهتمام به سواء لبث أخباره ونشاطاته أو لوضعه في الواجهة وتقديمه للمجتمع. أقول هو الخاسر الأكبر لأنه: ــ إما أن يقابل إعلاماً رزيناً يدرك دوره ويعرف مهنيته ويعرف كيف يتعامل مع هذه المواقف فهو يتوجه إلى عموم المجتمع والمصادر وبالتالي لا يضيره غياب أحدها لو تم ذلك.. عدا أن مثل هذا الإعلام قادر على أن يصل إلى مصدر الخبر وتقديمه وفق رؤيته وتصوره متى ما أراد بطريقته الخاصة. ــ أو أن يقابل إعلاما لا مسؤولا يتعامل بأسلوب الفعل ورد الفعل فيصبح التعامل معه أو الدخول معه في صراع كمن يجادل الأحمق. أذكر أثناء تشرفي بالإشراف على الشؤون الرياضية في جريدة الرياض في الثمانينيات الميلادية أننا مارسنا هذه المقاطعة مع أكثر من شخصية اعتبارية (3 أو4) من توجهات مختلفة لمواقف معينة مارسوها تجاه الجريدة كان لابد من اتخاذ موقف يحفظ للجريدة مكانتها وشخصيتها ثم أدركوا في النهاية أنهم الخاسر الأكبر لكننا لم يكن لنا ذات يوم موقف تجاه أي كيان بل العكس حدث أن أعلن أحد الأندية مقاطعتنا لأننا كنا ننفرد بنشر الكثير من أخباره التي لا يريد لها أن تظهر على السطح وأخبار الاجتماعات الخاصة بفريق كرة القدم لكن هذا لم يمنعنا من الوصول إلى مبتغانا واستمرار حصولنا على الأخبار لدرجة أن رئيس ذلك النادي قرر إبعاد بعض الإداريين وفي نهاية المطاف اجتمع بـ11 لاعبا فقط هم أعمدة الفريق بدون الأجهزة الإدارية والفنية ولاعبي الاحتياط ومع ذلك نشرنا ما دار في الاجتماع. كانت نوعا من الحرب الشريفة ونوعا من التحدي بيننا وبين الرئيس الذي نتبادل معه الاحترام والتقدير مهما كانت المواقف. لا أسرد هذه القصة من باب التباهي والتفاخر بكادر كان يتواجد آنذاك في الشؤون الرياضية في الجريدة بقدر ما أضعها أمام جيل اليوم من قيادات إدارية في الأندية أو من زملاء مهنة وصحفيين ميدانيين أن الإعلامي الناجح هم من لا تقف أمامه الحواجز وهو من يتمكن من تخطيها مع المحافظة على نفسه من الوقوع، وأن من يدخل في حرب أو معركة مع الإعلام هو الخاسر في النهاية. والله من وراء القصد.