الفضيحة والحقيقة
لم يخالجني أدنى شك وأنا أتابع ما تناولته بعض الفضائيات أو صرح به بعض من أفراد منتخب ذوي الاحتياجات الخاصة حول جلب راقصة وخمور داخل معسكر المنتخب في تونس وعلى مشهد من الإداريين كنوع من الترفيه عن اللاعبين بأن هناك خللاً ما ونقطة ضعف في الرواية ما جعلني لا أقتنع رغم شواهد الصورة لكنني تذكرت المثل الدارج (إذا قالوا لك رأسك مهوب عليك رحت تلمسه). ما حملني على ذلك حقيقتان: ـ أنني أثق تماماً ومن سابق خبرة ومعرفة أنه لا يمكن لأي بعثة سعودية في أي مهمة خارجية أن تدخل أو تسمح بأن يدخل لمعسكر الفريق مثل هذه الأمور. ـ إنني أعرف إداري المنتخب الأستاذ علي الغامدي منذ أكثر من أربعين عاما عندما كنا طلاباً في المراحل الإعدادية والثانوية نلعب الكرة في الحواري ثم زملاء في منتخب الجامعة وإن سبقته عمراً وعندما كان لاعباً في الشباب وهو على مستوى عال من الخلق والاستقامة أهلته لأن يكون إدارياً في هذا المنتخب على قرابة عشرين عاما ثم عرفت أن من تحدثا فضائيا لم يكونا ضمن المعسكر بل (مستبعدين) من المنتخب. الحادثة المشار إليها وقعت كما عرفت قبل خمس سنوات وليس في المعسكر الإعدادي لأولمبياد لندن الذي حقق فيه المنتخب نتائج مشرفة وتحديدا عام 2007 في حفل أقامته إدارة الفندق في ختام المعسكر تكريماً للوفود التي عسكرت فيه ومنها الاحتياجات الخاصة ومنتخبين آخرين وفريق أردني تضمن فولوكلورا تونسياً كتقليد من إدرة الفندق وعند دخول الراقصة تحفظ على ذلك إداري المنتخب وطلب من اللاعبين الخروج إلى غرفهم مما يؤكد حرصه عليهم تربوياً. حقيقة لقد ساءني ما تناولته مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الصحف الإلكترونية الليلة قبل الماضية وتداوله من قبل آخرين بعيدين عنه دون تثبت وكيل الاتهامات للمجتمع الرياضي بصورة عامة والطعن في سلوكيات أفراده حتى وصل الأمر إلى رئيس الاتحاد الأمير نواف بن فيصل علماً أن رئيس أي اتحاد لا علاقة له بتصرفات فردية تقع في معسكرات خارجية ـ هذا إن وقعت. يبقى التساؤل: لماذا أثيرت الحادثة هذه الأيام بعد صمت خمس سنوات وقلب الحقائق بهذه الصورة واتهام الإداريين والطعن في سلوكياتهم؟ هل هي (تصفية حسابات)؟ وهل وقع الإعلام الذي أثارها ضحية عدم التحقق من مصداقيتها أم أنه شريك في تحمل المسؤولية؟ لن أجيب على هذه التساؤلات بقدر ما أطرحها تاركاً الرد عليها لمن مسهم الموضوع سواء الاتحاد ككيان أو الأشخاص كأفراد الذين من حقهم الدفاع عن أنفسهم بتبيان الحقيقة كاملة أو رفع قضية رد اعتبار حيال اتهامهم في سلوكهم وقيمهم وتشويه سمعتهم أمام أسرهم وذويهم ومجتمع يؤمن بالقيم والمبادئ ولديه خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها لكنني أتساءل عن مدى فهمنا للإثارة الإعلامية والدور التربوي في مناقشة الكثير من قضايا المجتمع ونظرتنا كأفراد لخلافنا مع الآخروالنهج الإسلامي الداعي إلى الستر في معالجة الأمور ـ إن وجدت ـ وبتقارير وحقائق ترفع للمسؤول كما حدث في اتحاد آخر منذ مدة وتم تصحيح الوضع. فرق بين نشر الحدث وتقديمه كـ (فضيحة) أمام المجتمع. وبين النظر إليه كخطأ ومعالجته بهدف الصالح العام. والله من وراء القصد.