الإعلام ... والباحثون عن الذات
قبل أسابيع أطلق الدكتور حافظ المدلج ممثل الاتحاد العربي السعودي لكرة القدم في رابطة دوري المحترفين والمعروف بدوره الفاعل من خلال حضوره محليا وآسيويا ودوليا في مجال كرة القدم رأياً من خلال إحدى القنوات الرياضية الفضائية غير السعودية اتهم فيه بعض الإعلاميين السعوديين بأنهم تابعين لرؤساء أندية أو يقتاتون على موائدهم ويرافقونهم في سفراتهم الخارجية وأنه اطلع على رسالة جوال من أحد الإعلاميين إلى رئيس ناد تحتوي على رقم حسابه البنكي، هذا التصريح أو الرأي كان بمثابة إلقاء حجر في بركة مياه راكدة واعتبره البعض (تفجير قنبلة من العيار الثقيل) وتباينت ردود الفعل حول ذلك .. غير أن ردة الفعل من قبل الإعلاميين أو معظمهم كان رفض هذا الاتهام جملة وتفصيلا حيث رأوا فيه امتهاناً لمهنة الإعلام .. وذهب (بعض) هذا (البعض) إلى المطالبة بـ (رأس حافظ) والانتصار لكرامتهم ومحاكمته .. حتى أن بعض المحامين أعلن استعداده لتبني قضيتهم مؤكدا على أن هذا يعتبر نوعاً من القذف.
ولكن ..
يبدو أن حجم البركة كان صغيرا مما حد من اتساع رقعة الدوائر كنتيجة طبيعية لصغر نصف القطر أو أن القنبلة ألقيت في أرض فلات لم يكن لها تأثير فكانت ردود فعل هؤلاء الإعلاميين صرخة في واد.
وبعد أن وهنت هذه الدوائر وبدا اتساعها منهكاً يتحرك ببطء شديد وقبل أن تركد المياه وبعد أن خفت دوي (القنبلة) رمى خالد البلطان رئيس مجلس إدارة نادي الشباب حجراً آخر لكنه هذه المرة أكبر حجماً وفي بركة أعمق وأكثر اتساعا فقد تجاوز (التبعيض العمومي) لدى الدكتور حافظ إلى التحديد (كماً وانتماء) ومعه شخصياً عبر رسائل نصية تدين هؤلاء.
ردة الفعل هذه المرة لم تكن عامة كما هي مع الدكتورحافظ بقدر ما انقسمت بين فئة معينة دافعت ودخلت في جدال مع البلطان وأخرى تحدثت عن الإعلام الرياضي وما يدور في هذا الوسط وما تعنيه هذه الاتهامات .. لكن أيا من المحامين لم يعلن استعداده للدفاع عن هذه التهم أو تبني مثل هذا الموقف وطالب بعض الزملاء أن يتصدى الإعلاميون الرياضيون لمثل هذه التهم لتأكيد نزاهة الإعلام الرياضي ودفاعا عن شرف المهنة ..
والحقيقة ..
أن الدفاع عن أي قضية لا يمكن أن يتم بالصوت العالي بقدر ما يتم من خلال صوت قوي .. والصوت القوي هو الذي يعتمد الحجة والبرهان وتفنيد التهم لست هنا في مجال تأييد هذه التهم أو تبنيها .. كما أنني لن أكون مدافعاً عنها لمجرد الدفاع .. لكنني سأتوقف عند نقطتين هامتين:
الأولى:
أن كلا من الدكتورحافظ المدلج والبلطان يملك من الفكر والخبرة الإدارية ما يجعله يعي ما يقول ويدرك أبعاده ولديه الاستعداد الكامل لتحمل تبعاته خاصة وأن كلا منهما أعلن أنه يمتلك الدليل المادي على ذلك ..
الثانية:
أن بعض الزملاء الإعلاميين قد تبادلوا مثل هذه الاتهامات فيما بينهم عبر القنوات الفضائية وبصورة أكثر وضوحا .. بل إنهم سبقوا حافظ والبلطان في ذلك وإذا كانوا قد رضوا ذلك فيما بينهم وأقروا به وهم أهل الدار فالغريب هو رفضهم لها عندما أتت من خارج أوساطهم وهم الذين تبادلوها فيما بينهم كما أشرت ..
على أن هذا لا يعني أنني أوافق على هذه التهم أو أرضى بها إذ يسوؤني كمنتم لهذا الوسط أن تطاله مثل هذه الاتهامات وفي الوقت نفسه فإن من حق أي إعلامي يرى أنه تحت طائلة هذا الاتهام أو يريد الدفاع عن الإعلام أن يتبنى مثل هذه القضية ويسعى لنفي التهمة برفع قضية على هؤلاء ومن حق أي إعلامي أيضا يريد أن يدرأ التهمة عن نفسه أن يتبناها ويرفع قضية تجاه من يتهمه بذلك.
والحقيقة ..
أنني طوال مسيرتي الإعلامية وحتى في متابعتي لمن سبقني من الأساتذة لم أشهد حالة كهذه الحالة التي يمر بها الإعلام الرياضي ولم أشهد أو ألحظ مثل هذه الاتهامات الصريحة التي تطعن في ذمة هذا الإعلام وأخلاقيات المهنة سواء من قبل المنتمين إليه أو من خارجه مما يجعلنا نتساءل عن السبب وراء ذلك ومن حقنا أن نتساءل والمشكلة أن هذا الأمر لا يتعلق فقط بفئة جديدة دخلت إلى الإعلام تفتقد الخبرة والتأهيل بقدر ما انسحب أيضا على عناصر أمضت عقوداً في العمل الإعلامي وتعتبر من أصحاب الخبرة فيه ..
وبقدر ما ساهمت القنوات الرياضية الفضائية والإعلام الجديد بنشرالرياضة وتسليط الضوء على كثير من قضاياها بما يساهم في التعريف بها ودعمها والرفع من مستواها إلا أنها من جانب آخر ـ وللأسف الشديد ـ أتاحت الفرصة لكل من هب ودب بالدخول إلى عالم الإعلام من خلال بحثها عن ملء فراغ ساعات البث الممتدة على مدار اليوم على حساب جودة المنتج .. فوصل كثير من الإعلاميين المبتدئين إلى الصفوف الأمامية بسرعة ينافسهم في ذلك بعض منسوبي الأندية وأعضاء مجالس إدارات وأعضاء شرف ومدربون وربما مشجعين وأصبح الكل يحمل لقب إعلامي بحثاً عن الأضواء وبمباركة من بعض القائمين على الإعلام ..
وأصبحت صفة (إعلامي) مبتغى الكثيرين ومطلباً يبحثون عنه لإرضاء غرورهم ..
بل إنها أصبحت تنافس (الشيخ) لدى كثير من الباحثين عن تحقيق الذات ..
ويبدو أننا سنصبح في هذا المجتمع كلنا إما (شيوخ) أو (إعلاميين) ..
ودخل الرياضة آخرون بهدف تقديم أنفسهم إلى المجتمع من خلال الرياضة وتسويق أنفسهم من خلالها بحثاً عن الذات ..
ولا أدل على ذلك من تغير لغة الخطاب الإعلامي بين المنتمين إلى الرياضة عموماً والأندية على وجه الخصوص قبل عقدين أو ثلاثة عقود وأكثر وبين بعض المنتمين إليها اليوم ..
وبين ذلك الجيل من الإعلاميين وبعض من جيل اليوم أولئك دخلوا المجال وهم مثقفون رياضياً وأثروه بخبرتهم وثقافتهم ..
وهؤلاء تثقفوا رياضياً بعد دخولهم إليه ويحاولون تنمية ثقافتهم من خلاله ..
أولئك أضافوا له ..
وهؤلاء أضاف لهم ..
وعندما أقول (بعض) وأكرر هذه المفردة فإنني أعنيها وأؤكد أن في المجتمع الرياضي بمختلف قنواته واتجاهاته من هم مؤهلون للقيام بدورهم وممن يفتخر الإعلام بوجودهم فيه ونفخر بهم ..
لكني أتحدث عن فئة وإن كانت قليلة إلا أنها تبقى مؤثرة وخطابها مسموعاً ..
ليس لأنها الأفضل أو الأقوى ..
ولكن لأنها الأكثر انتشارا وانتهازا للفرصة وبحثاً عن الذات والشهرة ..
إفلاس المنتخب ..
منتخب المملكة العربية السعودية الذي تأهل لكأس العالم أربع مرات وفاز بكأس آسيا ثلاث مرات ومثلها الوصيف وتزعم الكرة الآسيوية فترة من الزمن عاجز عن تأمين مباريات ودية ترتقي إلى مستوى الطموحات وتتناسب مع مكانته وطريقة إعدادة بما يعينه على العودة إلى مكانته الطبيعية وما يطالبه به جمهوره بل وينتظره منه مواطنوه السبب هذه المرة ليس كما كان سابقاً خطأ التنسيق أو الترتيب ولكن ضعف الإمكانات المادية والعجز المالي ..
نعم ضعف الإمكانات المادية ..
فالمملكة العربية السعودية بإمكاناتها المالية ..
ووضعها الاقتصادي والقطاع الخاص والشركات الكبرى والبنوك وما تجده من تسهيلات من قبل الدولة ..
كل هذه الأمور لم تشفع للمنتخب أو تعينه على تحقيق ذلك ..
إدارة المنتخبات التي أعلنت هذا العجز قالت إنها ستكتفي بمباراة ودية واحدة أمام الأرجنتين فيما ستبحث عن منتخبات متواضعة المستوى بما يتناسب وإمكاناتها المادية لإجراء مباريات ودية معها في أيام (فيفا)..
قد يأتي من يجعل راتب المدرب أحد الأسباب ممن هم بعيدون عن الكرة وشؤونها أو يطلق أحكاما جزافا ..
أعتقد أن الموضوع يتجاوز هذا كله إلى أهمية إعادة النظر في السياسة المالية للمنتخب وأمور أخرى ..
وهذا له موضوع قادم بإذن الله ..
أصدقاء المنتصف (ثورة الشك والشباب عيار24) كان مقال (في منتصف الأسبوع) الماضي وتناول فوز الشباب ببطولة الدوري ..
حول هذا الموضوع كان هناك العديد من تعليقات الإخوة القراء زائري موقع “الرياضية” على النت نتوقف هنا عند أبرز ماجاء فيها مع شكري وتقديري للجميع:
الإخوة الأعزاء:
زائر .. سعودي .. أبوتركي .. أشكركم على ماجاء في تعليقاتكم والشباب قدم في هذا الدوري عملاً يستحق الثناء والتقدير وواجبنا تقدير هذا العطاء وعطاء كل ناد يقدم عملا متميزاً ..
الأخوين زائر للموقع .. والسبيعي:
هذا صحيح .. فالشباب فاز بكأس الملك للأندية الأبطال مرتين متتاليتين وهي حقيقة لا تقبل الجدل ولا يمكن نسيانها أو تجاهلها أعتذر ..
الأخ .. المعين:
الأهلي ناد كبير له حقه من التقدير والإحترام شأنه شأن الشباب والهلال والإتحاد والنصر والإتفاق وغيرها من أندية المملكة ..
الثناء على الشباب والإشادة به حق من حقوقه وهذا لايعني التقليل من قيمة الأهلي ولو فاز الأهلي ببطولة الدوري لنال حقه من الثناء والإشادة لجدارته كما نال غيره .. في الموسم الماضي عندما فاز الأهلي بكأس خادم الحرمين الشريفين للأندية الأبطال كتبت هنا (في منتصف الأسبوع) وتحديدا يوم 26ـ6ـ2011 مقالا كان عنوانه (الراقي يرتقي بالموسم) .. لم يعترض عليه أحد ويبدو أنك لم تطلع عليه ..
أرجو أن نكون عقلانيين في أحكامنا أخي الكريم .. لك تحياتي وتقديري
الأخ أبويزيد:
منصورالبلوي وخالد البلطان شخصيتان رياضيتان واجتماعيتان أيضا لهما كل التقدير والاحترام ..
مقالي عن الشباب لم أتطرق فيه لأي شخصية وبإمكانك إعادة قراءته كان حديثاً عن النادي ككيان على أنني أؤكد أن نجاح النادي هو من نجاح إدارته ..
لا أتذكر يوما أن تناولت أي شخصية رياضية بالنقد أو التجريح الشخصي والتعرض لذاته ويبدو أن الأمور لديك قد اختلطت وتبدلت بعض المفاهيم ..
تحياتي وتقديري للجميع ..
والله من وراء القصد