الأمراء والانتخابات والتربية وماجد
الخطوة التي أقدمت عليها الإدارة العامة للمناهج في وزارة التربية والتعليم بكتابة موضوع عن اللاعب الدولي السابق ماجد عبدالله ووضعه ضمن مقرر مادة اللغة الإنجليزية تحسب لها على الصعيد الإيجابي.. ليس لأنه ماجد عبدالله فقط وهو يستحق .. ولكن مجرد الكتابة عن أي نجم رياضي له تاريخه وقيمته أوعن الرياضة عموما وكرة القدم في السعودية على وجه الخصوص تعتبر تحولا كبيرا لدى الوزارة في نظرتها للرياضة والاهتمام بها على صعيد المقررات كأحد روافد التنمية في بلادنا الغالية خاصة في هذه المرحلة التي أصبحت فيها الرياضة تمثل واجهة حضارية لكثير من الشعوب ..
وعلى الصعيد الفردي فإن ماجد عبدالله واحد من أفضل النجوم التي مرت على تاريخ الكرة السعودية وهو ما لا يستطيع أحد إنكاره أو التقليل من شأنه ويستحق مثل هذا التقدير والتكريم ناهيك من المستوى الخلقي الرفيع الذي كان يتمتع به سواء على الصعيد الرياضي أو الشخصي خارج الملعب فقد فرض إحترامه على الجميع طوال تاريخه الكروي منذ أكثر من 35عاما بطيبته ونبل أخلاقه ..
لكن ..
دعونا نأخذ الموضوع من جانب آخر في تساؤل موجه إلى إدارة المناهج وهي التي يقوم عليها رجال تربويون ويفترض أن ينظروا للخطوة من كافة الجوانب خاصة التربوية منها قبل الجانب التعليمي وهل فكروا في أبعادها؟
أرجو ألا تكون ردة الفعل على حديثي بعد هذا التساؤل مباشرة قبل قراءته بتمعن والدخول إلى ما بين سطوره .. وهو ما يمكن تناوله من ناحيتين تتعلق إحداهما بماجد عبدالله كلاعب والثانية بتوقيت الموضوع ..
الأولى .
ماجد اللاعب ..
ولا أعني هنا ماجد بذاته بقدر ما أعني طرح اسم أي لاعب ضمن المقرر المدرسي أيا كان هذ اللاعب وأيا كان عطاؤه وما قدمه للمنتخب في ظل ثقافة محدودة يعيشها المجتمع الرياضي تجاه الأفراد واختلافه حولهم .. والحال تنطبق على الأندية أيضا مهما كان نجاح النادي وتاريخه وتشريفه للكرة السعودية حتى وإن كان هذا اللاعب سامي الجابر الذي رأى البعض فيه أحقية باعتبار مشاركته في كأس العالم 4 مرات أو محمد الدعيع من منطلق عمادته للاعبي العالم أو محمد الشلهوب محبوب الجميع وقدوة النشء في أخلاقه واستمرار عطائه أكثر من عشر سنوات أو يوسف الثنيان الذي رشحه ماجد بكل روح مثالية وخلق ونبذ للتعصب ليدخل المقررات الدراسية أو غيرهم من لاعبي الأندية الأخرى ..
كنت أتمنى والحالة هذه أن تناول الموضوع الرياضة في السعودية بوجه عام وكرة القدم على وجه الخصوص وتاريخها ونشأتها ومنجزاتها على الصعيد العالمي في كأس العالم للناشئين (أبطال العالم 1989) أو في المونديال .. مع التطرق في ثنايا الموضوع إلى بعض النجوم وذكرعدد من الأسماء من كل ناد .. وكذلك التطرق لمدربين وطنيين أو لاعبين لم تمنعهم الكرة من مواصلة تحصيلهم العلمي في تأكيد على إيجابيات كرة القدم وهو ما يحاول البعض التقليل منه .. أمثال الدكاترة عبدالرزاق بكر(الاتحاد) وعبدالرزاق أبوداود (الأهلي) وخالد التركي (النصر) والدكتور لواء صالح العميل (الشباب) وأحمد عيد وسلطان مناحي (الهلال) وكريم المسفر (الوحدة) وغيرهم من النجوم ..
الثانية ..
التوقيت ..
وأعني هنا توقيت طرح الموضوع ضمن المقرر المدرسي في هذه الفترة بالذات وهذا أيضا يمكن التطرق إليه من جانبين:
الأول ..
أننا ــ وللأسف الشديد ــ نعيش هذه الفترة حالة من التعصب والاحتقان في الشارع الرياضي لا يمكن إخفاؤها أو التنصل منها ورأي عام تم تشكيله من خلال طروحات ورؤى إعلامية متعصبة في بعضها وتسعى لإقصاء الآخر ..
وقد لاحظنا ردة الفعل على هذا الموضوع سواء من قبل الإعلام أو الشارع الرياضي الذي يمثل ذلك الرأي العام الذي تم صناعته .. حتى ونحن نحاول ربط المنهج التعليمي بالحياة العامة .. وقد تمثل ذلك جلياً في بعض الطروحات الإعلامية أو في المنتديات العامة من خلال التقليل من قيمة ماجد وما قدمه للكرة السعودية ومقارنته بآخرين يرى أولئك أحقيتهم والبحث عن مبررات لتعزيزات اتجاهاتهم أو طرح أسماء أندية على أنها أكثر أحقية وكلها طروحات يحاول كل طرف تعزيز توجهه والتقليل من الآخر دون تفكير في أبعاد الموضوع وأهميته أو مكمن المصلحة العامة ..
ردود الفعل هذه ستنعكس ولا شك على الطالب الذي يتعامل مع المقرروعلى المعلم .. خاصة وأن الفئة العمرية التي توجه إليها المقرر في مرحلة المراهقة ولم تصل بعد إلى مرحلة النضج العقلي والتمييز .. كما لو كان الموضوع مقررا على طلبة المرحلة الجامعية مثلا ..
ولو أن هذا الموضوع تم إدخاله ضمن المقرر في الثمانينيات الميلادية على سبيل المثال عندما حقق المنتخب كأس آسيا مرتين ربما كان أكثر قبولا عند الشارع الرياضي. لإذ لم نكن نعاني في تلك المرحلة كما نعانيه الآن من تفاوت الآراء والتعصب فيها ..
الثاني ..
فيما يتعلق بالتوقيت وهو نظرة المجتمع عموما ـ وليس الرياضي فقط ــ لكرة القدم في هذه المرحلة بالذات وللاعب كرة القدم في ظل الاحتراف وتميزه .. , قد بدا ذلك في طروحات بعض المثقفين إذ يرى هؤلاء وغيرهم ــ وهي حقيقة ــ أن هناك أسماء قدمت للمجتمع وللوطن خدمات جليلة وأسهمت في حضوره على المستوى الدولي في كثير من المجالات الحيوية ولها الحق بأن ترد أسماؤها كنماذج في المقرر الدراسي إن لم تكن أكثر أحقية أمثال رجالات الملك عبدالعزيز الأربعين الذين أسهموا في فتح الرياض وقيام الدولة السعودية ومن الجيل الحالي ثريا عبيد .. حمدالجاسر .. عبدالكريم الجهيمان .. عبدالله بن إدريس . حمزة شحاتة .. غازي القصيبي أو رجالات التربية والتعليم الذين أرسوا قواعده أمثال ناصر المنقور .. محسن باروم .. جميل أبو سليمان .. وغيرهم من الأسماء التي لا أتذكرها وهناك من هو أدرى مني بها وأكثر قدرة على إحصائها والحديث عنها ...
ثم إن مواضيع كهذه في عمومها يفترض أن تطرح ضمن مقرر (القراءة) مثلا أو غيره من المقررات كأحد مواضيع القراءة الحرة غير الملزمة في الاختبار ليطلع عليها التلميذ ويقف عند منجزات هؤلاء دون أن يكون لها دور في نجاحه أو تفوقه من عدمه
على أنني ..
وقبل أن أختم الموضوع ..
لابد أن أؤكد على نقطة هامة .. وهي أنني لا أعترض على دخول ماجد المقرر أو على شخصه الذي أكن له كل تقدير واحترام وهو يدرك ذلك .. بقدر ما أطرح رؤية تنطلق من خبرة في التربية والتعليم والإعلام تزيد عن ثلاثة عقود .. ولذلك أستغرب ألا تدرك الإدارة العامة للمناهج في وزارة التربية والتعليم التي يقوم عليها رجال تربويون أبعاد مثل هذه الخطوة وانعكاسها ـ وأعني طرح اسم لاعب أي لاعب كان ـ ضمن المقرر المدرسي في هذه المرحلة بالذات . وهي الجهة التي يجب أن تهتم بالتربية قبل التعليم .. أن تربي أبناءنا وطلبتنا على تنمية الروح الرياضية ونبذ التعصب وتنمية روح الولاء للوطن والمنتخب أولاً .. وليس للأفراد أو حتى الأندية وإذا كانوا يرون أن في طرح اسم لاعب مهما كان عطاؤه وموقعة خطوة في هذا الاتجاه فهم مخطئون ..
أخيرا وليس آخرا ..
أرجو قراءة الموضوع كاملا وبكل أبعاده والدخول إلى ما بين سطوره قراءة متأنية قبل ردة الفعل تجاهه والحكم له أوعليه ..
والله من وراء القصد
أصحاب السمو
والانتخابات
أحد الزملاء طرح تحقيقاً صحفياً حول رأي (فيفا) في الجمعيات العمومية ولوائحها عبر إحدى الصحف .. , في نهاية التحقيق ذكر أن أصحاب السمو الأمراء لا ينطبق عليهم شرط السن الذي حددته لائحة انتخابات الاتحاد السعودي وهو سن الــ 35 وأنهم مستثنون منه .. مشيرا إلى أنهم يجب أن يصغروا الأمير نواف سناً باعتباره رئيسا عاما لرعاية الشباب وهو مرجعيتهم في النهاية كما هو عرف الأسرة المالكة حسب ما جاء في تحقيقه ..
ومع إجلالنا للأسرة المالكة وقيمتها الاجتماعية واحترامي للزميل فإنني لا أعتقد أن مثل هذا الشرط وارد .. فاللوائح واضحة وتسري على الجميع سواء ما صدر عن (فيفا) أو حتى لدينا .. فالأمير عندما يخوض الانتخابات وغيرها فإنما يترشح بصفته الاعتبارية وليس بصفته الاجتماعية ..
ثم إن هذا العرف موجود لدى المجالس الخاصة .. أما الجهات الرسمية فلا أعتقد أنه ينطبق عليها .. وأهمها نظام الحكم الذي تم تعديله وأصبحت الولاية منوطة بالأكفأ وفق رؤية مجلس الأسرة وليس بالسن ..
وفيما يتعلق باللرياضة فهنا شواهد عدة لمدة سابقة وفي العصر الحالي ..
ففي عهد الأمير فيصل بن فهد ـ رحمه الله ـ ضم اتحاد القدم في إحدى دوراته الأمير عبدالرحمن بن سعود وهو يكبره سناً .. وترأس الأندية عدد من الأمراء يكبرونه سناً وكان مرجعيتهم ومن أبرزهم هذلول بن عبدالعزيز وفهد بن ناصر وعبدالله بن ناصر ومحمدالعبدالله الفيصل وعبدالرحمن بن سعود وغيرهم آخرين ..
وفي عهد الأمير نواف هناك الأمير نواف بن محمد رئيس اتحاد ألعاب القوى والأمير طلال بن بدر رئيس اتحاد السلة كما يترأس الأمير عبدالله بن مساعد لجنة الخصخصة ومرجعيتهم جميعاً الأمير نواف سواء من خلال الرئاسة العامة لرعاية الشباب أو اللجنة الأولمبية ..
من جانب آخر ..
لازال البعض يطرح اسمه كمرشح لرئاسة اتحاد القدم ونيته في ذلك وآخرون يعلنون اعتذارهم وعدم رغبتهم في دخول هذا السباق وجميعهم لا يحق لهم ذلك من الأساس لأن الشروط واللوائح لا تنطبق عليهم أو أنها تقف حائلا دون وصولهم لارتباط ذلك بترشيحات مسبقة قد لا تدعمهم أو تؤيدهم ..
ويطرح آخرون آراء وتحليلات تأتي في السياق نفسه من حيث بعدها عن النظام واللوائح ويأتي هذا كله بمباركة من بعض الإعلاميين وأجهزة الإعلام ..
لا أدري ..
هل هؤلاء لا يعرفون اللوائح ونصوصها ويكتفون بالثقافة السماعية بدلا من البحث عن المعلومة ..
أم أنهم يدركون ذلك لكنهم يتعاملون مع هذه المواقف بنوع من المجاملة والتسويق الإعلامي؟..
ويظل المتلقي الرياضي في النهاية هو المتأثر بهذ الطرح.
والله من وراء القصد