بطل بالفطرة وبطل غير متوج
الفوز الهلالي ببطولة بات أمرا عاديا وطبيعيا.
ولم يعد مثل هذا الفوز أمرا غير مألوف.
بل إن البطولة في حد ذاتها ــ أي بطولة ــ لم تعد تشكل هاجسا .. أو شاغلة للفكر وجالبة للهم ..
ليس هذا بالنسبة للهلاليين فقط.
بل حتى غير الهلاليين أصبحوا يدركون ذلك وعلى قناعة تامة به .. سواء أعلنوا ذلك أو لم يملكوا الجرأة على إعلانه.
فالفريق الذي فاز بـ53 بطولة على مدى تأريخه ومنذ تأسيسه قبل مايقارب الـ55 عاما بمعدل بطولة كل عام،
والفريق الذي فازبهذا العدد من البطولات في51 عاما أوأقل هي تأريخ مشاركاته الرسمية في البطولات عندما دخلها لأول مرة.
والفريق الذي تفتحت عيناه على البطولات منذ أن أصبح عضوا مشاركا فيها.
والفريق الذي فاز بـ11 بطولة في كأس ولي العهد من أصل 12 نهائياً وصل إليه.
وفاز بـ 11 بطولة من أصل 37 بطولة أقيمت في المسابقة ذاتها أي مايزيد عن ربع عدد البطولات، وإذا استثنينا المرات التي خصصت للمنتخبات وعددها 5 نجد أن الهلال فاز بثلث بطولات كأس سمو ولي العهد.
والهلال الذي يتصدر تسعة أندية نالت شرف الفوز بهذه البطولة .. تجاوز بعدد بطولاته فيها بطولات ستة أندية مجتمعة من هذه الأندية التسعة.
الفريق الذي قلت ذات يوم عن جماهيره والمنتمين إليه (إنهم يبتسمون في كل عام مرة أو مرتين).
فريق كهذا لم تعد البطولات تستعصي عليه، فقد روضها ودانت له وأصبح يتعامل معها بشيء من الروتين المعتاد.
ولم تعد البطولات شيئا جديدا بالنسبة له.
ولم يعد السؤال المطروح:
هل يفوز الهلال أو لايفوز؟
أصبح السؤال:
ما الجديد مع هذه البطولة أو تلك؟
لأن الهلال تعود أن يأتي بجديد في كل مرة يفوز فيها ببطولة.
فهو صاحب أولويات.
وصاحب مبادرات.
وصاحب مواقف.
جاء الأمير نايف بن عبدالعزيز يحفظه الله راعيا لأول بطولة في عهد سموه كولي للعهد، فأصر الهلال أن يكون أول ناد ينال شرف الفوز بالكأس واستلامها من يد سموه.
وحاولوا التقليل من عطاءاته فنسبوها للاعبين الأجانب.. ولاعيب في ذلك فيما لايتجاوز الأنظمة واللوائح لكنه قدم فريقا وطنيا قاده للنهائي.
واتهموه بأنه لم يعد يعتمد على إنتاجه الذاتي وأبنائه.. فقدم فريقا متكاملا وعناصر واعدة تعلمت في مدرسته وتخرجت فيها .. ليؤكد أن البطولة بالنسبة للاعب الهلالي (فطرة) يتربى عليها فينمو معها وتنمو معه.
الهلال ..
الذي قال عنه رئيسه الأمير عبدالرحمن بن مساعد إن نتائجه تترجم أفعاله، وأنها نتاج أعمال الخير وتبرعاته للجمعيات الخيرية.. فهي فضل ومنة من الله سبحانه وتعالى.
هو الهلال الذي وصفه كثيرون بأنه نادي النوايا الحسنة.
وهو النادي الوفي مع أبنائه في كثير من المواقف.
وجاءت هذه البطولة في أول مناسبة ومسابقة بعد رحيل مؤسسه الشيخ عبدالرحمن بن سعيد وفاء له وعرفانا. وإنهم سائرون على النهج الذي رسمه لهم عندما أسس هذا الكيان على ثوابت راسخة تعتمد الصدق في القول والإخلاص في العمل واحترام الآخرين.
حاولوا البحث عن مواطن أخرى ومناقب لتعليل هذه البطولات والنيل منها.. فقالوا: إن توفر المادة هو الذي صنع الهلال .. وكان رده:
هذه تهمة لا أنفيها وشرف لا أدعيه.
وأضاف:
إن المادة وحدها لاتصنع شيئا فقد توفرت لغيره فضاعت هباء منثورا.
والفكر أيضا لايصنع شيئا مالم يستند على مادة تترجمه وتحوله إلى برنامج عمل.
والهلال اجتمع فيه الاثنان ..
الفكر القادر على التخطيط ورسم السياسات العملية الناجحة التي صنعت النتائج فمهدت الطريق للمادة لتحضر من خلال المستثمر الذي رأى في الهلال قناة ناجحة للوصول إلى هدفه دون إغفال لدور أعضاء الشرف وهم الأساس، وهو الأمر الذي لم يستطع غيره تحقيقه .. ولم ينجح في الوصول إليه.
الهلال ..
بهذه البطولة وبهذا الانتصار يوجه رسالة للمجتمع الرياضي.. وتحديدا للأندية الأخرى الراغبة في منافسته والباحثة عن طريق الصعود إلى المنصات والجلوس عليها بأن تحذو حذوه في العمل.
وتسير على نهجه في التعامل.
أما (العاجزون) المتمنين على الله الأماني الباحثين عن مناقب الآخرين والعزف على أخطائهم.. فعليهم البحث لهم عن مقاعد بين المتفرجين وتمتيع ناظريهم بمن هم على المنصة والإمساك بورقة وقلم لعد وتدوين بطولاته بعد أن تجاوزت عدد أصابعهم وأصبح لزاما عليهم ذلك.
الإتفاق ..
وظلم ذوي القربى
قلت (في منتصف الأسبوع) الماضي إن نهائي كأس سمو ولي العهد هذا الموسم هو لقاء بين حضارتين كرويتين.
الاتفاق حامل لواء الكرة في المنطقة الشرقية من بلادنا الغالية والهلال زعيم الأندية وبطل أبطالها.
وكنت أعني ماأقول،
فمنذ أن تفتحت أعيننا على كرة القدم وحتى ماقبل ذلك وعلى مدى نصف قرن والاتفاق حامل هم المنطقة وممثلها في البطولات وراسم البهجة على شفاه جماهيرها وأبنائها.
أستثني عام 1969م عندما مثلها فريق النسور من سيهات (الخليج حاليا) في كأس الملك آنذاك وخرج من الشباب الذي قابل الأهلي في النهائي، وكذلك القادسية عام 1992م عندما فاز بكـأس سمو ولي العه.
الاتفاق ..
أول من مهد الطريق للكرة السعودية للخروج من نطاقها المحلي، فحقق أول بطولة للأندية العربية ثم أتبعها بالخليجية .. وواصل التفوق مرات ومرات.
الاتفاق ..
الفريق الذي على يد أحد أبنائه (خليل الزياني) حققت الكرة السعودية أول انتصاراتها في المحافل العالمية (التأهل للأولمبياد والفوز بكأس أمم آسيا84) ..
هذا غيض من فيض سأعود إليه بعد قليل.
الاتفاق فريق يأسرك بحضوره ..
ويفرض عليك احترامه
بأدائه ..
بمثاليته ..
بتعامله ..
سواء كان ذلك داخل الملعب أو خارجه وفي علاقاته مع الآخرين.
أثق لو أن الاتفاق قابل فريقا غير الهلال في هذا النهائي لكان الأقرب للفوز به.
مشكلته إنه قابل الهلال، والهلال فريق متمرس له ثقافته الخاصة في التعامل مع البطولات.
وثقافته المميزة في كأس ولي العهد.
المشكلة لم تكن في الاتفاق كفريق وكيان وإدارة،
المشكلة في لاعب الاتفاق الذي وجد نفسه في اختباز صعب وظروف لم يتعود عليها.
والعامل النفسي في مثل هذه المواقف يلعب دورا هاما في أداء اللاعب وعطائه ..
هدف واحد ..
كان كفيلا بأن يرفع معنويات الفريق ويرتقي به ..
وهدف آخر ..
كفيل أن يهز ثقه بنفسه ..
وكان الهدف الآخر الذي أعقبه مثله في زمن قصير لم يكن واردا في الحسبان الاتفاقي.
الذي ألمني وآلم كثيرين أمران ..
الأمر الأول ..
موقف جماهير النادي ونظرتها السلبية التي لاتمت للرياضة ولا للأعراف والتقاليد ولا حتى الدين بصلة.. عندما ربطت بين الإعلان الذي ظهر به الفريق في المباراة وبين النتيجة وهي أمور مقدرة ومكتوبة.
هذا الإعلان رأى فيه الاتفاق دعما لمسيرة التنمية في المنطقة ودعما لخزينته،
ورأت فيه جريدة (الشرق) الوليدة حضورا لها في مناسبة كهذه ومساهمة منها في دعم ممثل المنطقة.
وهي خطوة تشكر عليها ويجب تقديرها.
وموقف آخر..
الاستقبال الذي لقيه الفريق بعد العودة من الرياض والذي لم يكن لائقا بتاريخه وعطائه.
الاتفاق لم يكن فقط المباراة النهائية.
الاتفاق قدم هذا الموسم نموذجا للفريق المثالي بإدارته وجهازه الفني ولاعبيه.
الاتفاق قدم الفريق الذي اعتدنا أن نشاهده عليه وهو يقود لواء الكرة السعودية في المحافل الدولية.
وكان حرياً بهذه الجماهيردعمه والتصفيق له والوقوف إلى جانبه فهو فريق المستقبل.
الأمر الثاني ..
الموقف السلبي للقطاع الخاص من هذا النادي والذي عبرعنه رئيسه عبدالعزيز الدوسري عقب المباراة وهو يتحدث بكل ألم عن معاناته متسائلا عن ذلك الموقف ملمحا لإحدى هذه الشركات،
وأنا مع (أبومحمد) معيدا طرح التساؤل .. لأننا ونحن نطرحه ندرك ويدرك الجميع أن الاتفاق بحضوره وجماهيريته يفوق أندية أخرى حظيت بهذا الدعم وبتلك الوقفة إضافة إلى خصوصية يتميز بها وهي انفراده بالمنطقة سواء على مستوى الحضور الفني أو الجماهيري وما أشرت إليه أيضا في بداية حديثي عن الاتفاق.
والتساؤل في الواقع يجب أن يمتد إلى رجالات المنطقة نفسها وإلى القطاع الخاص فيها وموقفه السلبي من دعم الرياضة عموما هناك.
نتساءل ..
ورئيس أعضاء الشرف الاتفاقي هو رئيس الغرفة التجارية والصناعية في المنطقة الشرقية.
نتساءل ..
ورؤوس الأموال الكبيرة موجودة في المنطقة .. والإثنان (الاتفاق وهؤلاء) يحتاج كل منهما للآخر.. كل فيما يخصه.
إلى متى يظل الاتفاق يعيش على بعض أعضاء الشرف ..
وعلى استجداء هؤلاء؟
وأن يتحمل رئيسه تبعات ذلك كله.
هل يرضيهم أن يعرض الاتفاق بعض نجومه الذين يساهمون في صناعة مجده وكتابة تاريخه وتاريخ المنطقة للبيع ليسدد بعض التزاماته ويعيش في الحد الأدنى من مستوى المعيشة؟
وأين هم عندما يقدم على ذلك كما حصل وضجوا يطالبونه بأن لايفعل؟
أتساءل وغيري ..
ونرجو أن نسمع إجابة واضحة ومحددة.
ما الذي يمنع هؤلاء من دعم الاتفاق؟
هل يحتاج الاتفاق أوالرياضة في المنطقة عقد لقاء مشترك بين ممثلي الأندية وممثلي القطاع الخاص يجيب على هذه التساؤلات ويرسم ملامحها ويحدد أطرها؟
وهل يتبنى الاتفاق ذلك؟
أتمنى .. وأتمنى للاتفاق أكثر منه..
والله من وراء القصد.