نهائي التاريخ والحسم
يأتي نهائي كأس سمو ولي العهد هذا الموسم 2012 حاملا في مضمونه ميزتين هامتين :
تتمثل الأولى في كونه أول نهائي يحمل اسم الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية.
فيما تتمثل الأخرى في طرفي اللقاء وهما الهلال والاتفاق وما يحملانه من عراقة وتاريخ مع هذه البطولة.
كأس الأمير نايف:
تأتي رعاية الأمير نايف لهذه المسابقة امتدادا لرعاية سامية سابقة على مدى نصف قرن معبرة عن رسالة هامة مضمونها أن اهتمام القيادة يحفظها الله بالشباب ودعمها لبرامجهم ونشاطاتهم هو إرث نذرته على نفسها منذ قيام هذه الدولة على يد مؤسسها الملك عبد العزيز طيب الله ثراه وسار على نهجه من بعده أبناؤه البررة بمختلف مواقعهم ومسؤولياتهم في هذه المسابقة وغيرها من المسابقات الرياضية المختلفة.. والتي تأتي كجزء من سياسة الباب المفتوح التي تنتهجها هذه القيادة مع الشعب في مختلف مناحي الحياة.
من جانب آخر..
كون هذه المسابقة تحمل اسما جديدا وراعيا جديدا فإنه أدعى لأن تسعى جميع الفرق المشاركة فيها للفوز بشرف نيلها ناهيك من طرفي النهائي.. وقد أصبح كل منهما قاب قوسين أو أدنى منها لإضافتها إلى سجل بطولاته وأولياتها.
الهلال والاتفاق..
عندما يلتقي الهلال والاتفاق على مثل ها النهائي فإنه يعني لقاء التاريخ.. لقاء الإثارة.. لقاء الندية.. وربما لقاء حضارتين ــ إن جازت التسمية ــ خاصة بالنسبة لمن عاصروا هذه اللقاءات وعايشوا تاريخ الكرة السعودية وتاريخ الفريقين على وجه الخصوص.. ولكل منهما سجله الخاص وتاريخه المستقل في هذه البطولات وإن تقاطعا في بعض منها لكنه تاريخ حافل وله إرثه الكروي بغض النظر عن لغة الأرقام
الاتفاق..
حامل هم الكرة في ساحلنا الشرقي على مدى التاريخ..
والهلال..
زعيم هذه الكرة في مملكتنا الحبيبة وحامل لوائها عبر بطولاته المتعددة وأرقامه القياسية..
وبين هذا وذاك تكمن أهمية المباراة وطبيعة اللقاء..
على مدى 45 عاما وتحديدا منذ عام 1388هـ ـــ 1968م الثقى الفريقان على نهائي البطولات الكبرى (الكأس) ثلاث مرات.. بل إنه نفس النهائي مع اختلاف المسمى من كأس الملك إلى كأس ولي العهد..وهذا هو اللقاء الرابع..
ندرة اللقاءات تعطي لها نكهة خاصة.. فعلى حد تعبير خالد الفيصل (لذة الحب بالشيء القليل)
في هذه اللقاءات الثلاثة.. كانت الغلبة للاتفاق مرتين :
ـ 1988 فاز الاتفاق في كأس الملك 4ـ2 في ثالث نهائي للاتفاق والخامس بالنسبة للهلال الذي كان يحمل في جعبته ثلاث بطولات (كأسان للملك وواحدة لولي العهد) فيما كان الاتفاق يحمل في جعبته بطولة واحدة في كأس ولي العهد. وكانت نتيجة تاريخية في مباراة لم يحترم فيها الهلال خصمه الاتفاق..
ــ 1985 فاز الاتفاق بكأس الملك بركلات الترجيح 4ـ3 بعد أن تعادل الفريقان في الوقت الأصلي 1ـ1 في مباراة غاب عنها معظم نجوم الهلال لانضمامهم لمعسكر المنتخب الذي كان يستعد لدورة الخليج الثامنة في البحرين.
ــ 2008 فاز الهلال بنفس البطولة بعد تغيير مسماها إلى كأس ولي العهد 2ـ0..
في نهائي كأس فيصل بن فهد :
الثقى الفريقان ثلاث مرات فاز الهلال في اثنتين منها :
ــ1987 فاز الهلال 2ـ0
ــ 1996 فاز الهلال 4ـ2
ــ 2004 فاز الاتفاق بركلات الترجيح بعد تعادل الفريقين 1ـ1في الوقت الأصلي والإضافي..
مما سبق يتضح أن :
الاتفاق يتفوق على الهلال في المسابقات الكبرى 2ـ1
والهلال في مسابقة كأس فيصل بن فهد 2ـ1
وإجمالا..
لعب الفريقان على ستة نهائيات فاز كل منهما ثلاث مرات..
وحسم الاتفاق اثنتين منهما بركلات الترجيح..
أردت من خلال ما سبق التأكيد على أن سجلات التاريخ والأرقام قد لا يكون لها ذلك التأثير في لقاءات النهائي خاصة عندما يكون الطرفان بحجم وثقل الهلال والاتفاق وقدرتهما على التعامل مع الحدث..
لن أتطرق للنواحي الفنية وتفصيلاتها تاركا ذلك للزملاء المحللين في القنوات الإعلامية المختلفة لكنني سأتحدث هنا من جانب آخر حول المباراة وتصوراتها وترشيحات المراقبين.
الهلال :
الذين يرشحون الهلال للفوز بهذه البطولة ينطلقون من نقاط عدة:
ــ ثقافة الفوز والتعامل مع البطولات مشيرين في ذلك إلى الكم الهائل من البطولات في سجل الهلال مقارنة بما لدى الاتفاق ونجاح الهلال في هذه المواقف أكثر من مرة.
ــ علاقة الهلال بمسابقة كأس ولي العهد وارتباطه بها حتى أصبحت وكأنها ماركة مسجلة باسمه خاصة في السنوات الأخيرة.
ــ ارتفاع العامل المعنوي لدى الفريق بعد إنهاء عقد مدربه الألماني دول وانعكاس ذلك على أدائه بصورة عامة وتحسن هذا الأداء.
ــ اعتماده كثيرا على العناصر الشابة الطموحة وقدرته على التفوق في ظل غياب اللاعبين الأجانب وبعض النجوم.
ــ عدم قدرة النادي والقائمين عليه على تجاوز الماضي ونسيانه وتأثيره على حاضرهم في مثل هذا النهائي وتحديدا (كأس 1988 وكأس 1985) كما سبق وأشرت في بداية الحديث.
ــ يرى الهلاليون في خروج الأهلي من المسابقة وإقصائه من قبل الاتفاق في نصف النهائي دافعا لهم لتحقيقه شعورا منهم بكونه ــ أي الأهلي ــ الأصعب لأسباب سبق أن تطرقت لها في منتصف الأسبوع الماضي.. وإن كانت هذه النقطة بالذات سلاحاً ذا حدين وفق نوعية وكيفية التعامل معها.
الاتفاق..
فيما ينطلق الذين يرشحون الاتفاق من النقاط التالية :
ــ إن الاتفاق يقدم نفسه هذا الموسم بشكل مغاير عن السابق وبصورة جميلة من حيث الأداء والنتائج لم يظهر بها منذ فترة, وبالتالي فلابد أن يتوج هذا كله ببطولة كبرى خاصة أنه أصبح على أعتابها.
ــ وامتدادا لذلك.. سار بشكل تصاعدي في مستواه هذا الموسم وباستقرار تام.
ــ لقاءاته مع الهلال في النهائيات لا تشير إلى أنه الحلقة الأضعف.. بل الأقوى خاصة في الهامة منها.
ــ وفي هذه البطولة بالذات هي فرصة عمر بالنسبة له قد لا تتكرر على الأقل في هذا الموسم منطلقين في هذه النقطة بالذات من تعامل الاتفاق ونظرته للحدث.
فالاتفاق يرى أن تحقيقه بطولة الدوري تشوبها الكثيرمن الصعوبات في ظل انفراد الأهلي بالمقدمة بفارق كبير عنه ومزاحمة الشباب ثم الهلال له وهما الأقرب من الاتفاق للصدارة، ولهذا فقد وجد في وصوله لنهائي كأس سمو ولي العهد فرصة العمر في الظفر بإحدى بطولات الموسم.. وما يمثله مثل هذا الفوز من انعكاس على وضع الفريق بصورة خاصة والنادي بصورة عامة سواء في السوق أو الشارع الرياضي أو في مجال الإعلام والتسويق والبحث عن رعاة للنادي الموسم المقبل ودعم ميزانيته.
ومن هنا..
فقد بدأ التفكير جديا بذلك والتضحية بالدوري بعد إعطاء أولوية للمباريات التي تسبق النهائي بعد وصوله إليه وتحديد موعده، وكانت مباراة الأنصار التي تعادل فيها في اللحظة الأخيرة وخطف الأنصار من خلالها أول نقطة له في الدوري بعد أن مضى ثلثاه تقريبا.. خير مثال على ذلك.
وربما ضحى الاتفاق أيضا بمباراة البارحة أمام النصر..
والتضحية هنا لا أعني بها التنازل عن النتيجة لكن على الأقل عدم بذل جهد إضافي يؤثر على أداء اللاعب وطاقته وقد يعرضه للإصابة..
وعموما..
أعتقد أن المباراة ستكون سجالا بين :
ـ تكتل اتفاقي يهدف بالدرجة الأولى إلى المحافظة على مرماه وانتهاج أسلوب الهجمات المرتدة لخطف هدف والمحافظة عليه.. أو على الأقل الوصول بالمباراة إلى محطتها الأخيرة (ركلات الترجيح) وهي بر الأمان بالنسبة للاتفاق حيث يجيد التعامل معها وصناعة الفارق ليس أمام الهلال فقط ولكن في كثير من اللقاءات التي تتطلب ذلك.
ـ واختبار هلالي في قدرته على النجاح في فك الشفرة الاتفاقية ومن ثم امتلاك مفاتيح اللعب وحسم الموقف قبل الوصول لركلات الترجيح.
تداخل المسابقات
والنهائي..
تحدثت في منتصف أسبوع سابق عن تداخل المسابقات وتأثيرها على الموسم وعلى اللاعب نفسه.
لجنة المسابقات أجرت تعديلا طارئا وعاجلا قبل نهائي كأس سمو ولي العهد بأيام هي في الواقع ساعات.
الهلال والاتفاق طرفا النهائي سيلعبان في الدوري مباراتين هامتين تسبقان النهائي بأربعة أيام فقط ثم مثلهما بعد النهائي بنفس المدة.
الهلال..
سيقابل القادسية.. الفريق الذي يسعى للهروب من شبح التهديد بالهبوط فيما لازال متمسكا بأمل صدارة الدوري والفوز به.
سيضطر الهلال لدخول المباراة يتنازعه تيار الفوز واللحاق بركب مقدمة الدوري.. وتيار الخوف من إصابة لاعبيه قبل نهائي كأس سمو ولي العهد.
والاتفاق..
هو الآخر يدخل مباراة النصر ويتنازعه تيار الفوز للحاق بركب المقدمة للفوز ــ على الأقل ــ بمقعد في البطولة الآسيوية للأندية خاصة بعد أن فقد نقطتين هامتين أمام الأنصار لم تكونا واردتين في الحسبان وتيار الخوف من الإصابات قبل النهائي الذي يجد فيه فرصة العودة لعالم البطولات.
تأثير هاتين المباراتين وتداخل المسابقات ليس على طرفي النهائي بقدر ما ينعكس بدوره على لقاء النهائي نفسه الذي يفترض أن يرتقي فنيا إلى مستوى التطلعات ومستوى المناسبة، إذ أن مثل هذه التداخلات قد تؤثر بصورة سلبية على ذلك.
اتحاد اليد..
ورسالة للآخرين..
دائما مايثبت اتحاد اليد أنه خير منقذ لسمعة رياضتنا وحضورها في المحافل الدولية ولكرة اليد نفسها وإعادة تألقها خاصة في السنوات الأخيرة سواء كان ذلك على مستوى الأندية أو المنتخبات، ولعل تأهله الأخير لنهائيات كأس العالم خير دليل على ذلك.. وأنا هنا أتحدث عن الألعاب الجماعية المختلفة مع احتفاظي بالتقدير لألعاب وأفراد في رياضات أخرى.
هذه الأسطر لا تكفي في حقه وحق رئيسه الشاب الأستاذ عبدالرحمن الحلافي ونائبه الأستاذ تركي الخليوي وبقية أعضاء المجلس، فظروف كتابة المقال لا تسمح بالتوسع لكنها إشارة سريعة قبل فوات المناسبة.. والتأكيد على أنها رسالة لبقية الاتحادات الأخرى.
ثقافة
الدقيقة الأخيرة
لازلنا نفتقد لثقافة التعامل مع الدقيقة الأخيرة في كرة القدم.. سواء على مستوى الأندية أو المنتخبات وبسببها دفعنا الثمن في كثير من المناسبات.
ولعل مباراة منتخبنا الأول مع كوريا الجنوبية في تصفيات الأولمبياد وقبلها منتخبنا في تصفيات كأس العالم السابقة خير دليل.
الموضوع يحتاج إلى وقفة ونقاش أوسع لتحديد المسؤولية والخطأ وكيفية معالجته وتلافيه مستقبلا حتى لايستمر النزيف..
والله من وراء القصد.