مفترق الطرق .. وشاهد من أهلها
غداً تقف الكرة السعودية على مفترق طرق في مرحلة هامة من تاريخ مشاركتها في بطولة الأندية الآسيوية.. إن لم تكن الأهم.. ولأول مرة تمسك الأندية السعودية بنصف أوراق اللعبة في الدور نصف النهائي من هذه البطولة ممثلة في فريقي الشباب والهلال.. عندما يلتقيان على الترتيب مع سيونجنام الكوري الجنوبي على أرضه هناك.. وذوب أصفهان الإيراني هنا في الرياض.. الأندية السعودية التي سيطرت على هذه البطولة في العقد الماضي.. والنصف الأول من العقد الأول من الألفية الثالثة.. ابتعدت عن المنافسة فترة لا تتناسب ومكانتها.. وإمكانياتها.. وأهليتها لهذه البطولة.. خاصة الهلال زعيم الأندية الآسيوية وسيد بطولاتها بست بطولات كرقم قياسي ويتطلع لكسبها في نسختها الجديدة.
غدا..
ــ إما أن يتأهل الفريقان للمباراة النهائية.. ونضمن عودة الكأس إلى مستحقيها.. ــ أو.. يتأهل أحدهما.. وتتعلق الآمال به..
ــ أو.. يغادران ــ لا سمح الله ــ فنعود إلى المربع الأول.. كما يقولون.. والحقيقة.. أن كلا من الشباب والهلال.. قد وضع نفسه في موقف حرج.. من خلال أدائه ونتيجته.. في مباراة الذهاب..
الشباب..
فاز في مباراة الذهاب في الرياض 4ـ3 فأصبح لزاماً عليه الفوز.. أو الخروج متعادلاً على أضعف الأحوال..
والهلال.. خسر في إيران بهدف. ولم يسجل.. فوضع نفسه في موقف أكثر حرجا.. إذ لابد له من الفوز بفارق هدفين.. الفريقان ظروفهما متشابهة داخل الملعب.. وهي الحرص على التسجيل ومنع التسجيل.. وهذا يتطلب توافقا لياقيا وعصبيا.. وقدرة على التعامل مع أحداث المباراة وظروفها.. وتقلباتها.. ومن هنا تكمن الصعوبة.. وأهمية الإعداد النفسي والفني للفريق.. في مثل هذه المواقف..
شخصياً..
أعتقد أن موقف الهلال وإن كان يلعب على أرضه وبين جماهيره.. إلا أنه الأكثر صعوبة.. فالشباب.. مطالب بالفوز أو التعادل على أضعف الأحوال دون دخول في تفاصيل أخرى.. أو فارق أهداف.. أو.. أو.. إلخ وبالتالي يصبح تركيزه أكثر تحديدا.. وفي اتجاه واحد..! في حين أن الهلال.. مطالب بالفوز بفارق هدفين.. وأي هدف يلج مرماه.. يضعه في موقف حرج.. ويزيد من تعقيدات الأمر.. في الهلال.. عيب.. وللهلال.. ميزة..
عيب الهلال كما يقال (الخوف على الهلال من الهلال).. أو مقولة (أكثر ما يهزم الهلال.. الهلال نفسه).. بمعنى أنه يقع في أخطاء قاتلة.. لم تكن في الحسبان.. مباراة الغرافة.. في مرحلة الإياب.. خير مثال.. وخير منه.. مباراته أمام ذوب أصفهان الإيراني في مباراة الذهاب.. بعد أن أضاع ركلة جزاء واستقبل هدفاً من كرة ثابتة.. وفي كلتا المباراتين.. كان الوقوف الخاطئ للحائط البشري.. وتحركه.. سببا رئيسا في استقبال مرماه للأهداف.. الخوف أن يتعرض الهلال لموقف كهذا في وقت حرج يصعب معه التعويض.. كما لو كانت النتيجة تقدمه بهدفين.. واستقبل مرماه هدفاً بطريقة كهذه..
ميزة الهلال.. أما ما يتميز به.. فهي قدرته على العودة السريعة إلى جو المباراة.. وعدم تأثره بتقلباتها.. وهذا مصدر الأمل.. والاطمئنان.. في بعض الأحيان عليه..
الشباب والهلال.. مؤهلان من الناحية الفنية للتفوق.. ويجب أن يكون ذلك مصدر ثقة.. ودافعا معنويا لهما.. إذ لا مبرر للتخوف والشعور بصعوبة الموقف لكن لابد من الحذر.. ومضاعفة الجهد.. في مرحلة أصبح كل منهما قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الحلم ومعانقة المجد..
النصر والأهلي
(فيها حلال!)
أثار نقل مباراة النصر والأهلي ضمن دوري زين للمحترفين من ملعب الملك فهد الدولي إلى ملعب الأمير فيصل بن فهد.. إثارة إعلامية.. وبعض ردود الأفعال التي لم يكن لها ما يبررها.. سوى البحث عن الإثارة..
فالحدث لا يتعدى كونه نقل مباراة من ملعب إلى آخر.. ولم يكن من مدينة إلى أخرى.. أو من منطقة إلى منطقة.. كما أن كلا من الملعبين.. مؤهل.. من كل النواحي ووفق الامتيازات والشروط..!
صحيح أن بعض الأندية.. تنظر لبعض الملاعب نظرة تفاؤل.. أو مصلحة جماهيرية.. أو.. فنية أحيانا.. من حيث التكتيك الفني.. وخطة اللعب.. لكن كل هذه المبررات.. لا تستدعي ما حدث.. ولا أعتقد أن أيا من الناديين اعترض.. بهذه الصورة لكن ما لفت الأنظار.. هو ناحيتان مهمتان :
الأولى:
تصريح ذلك المسؤول الذي أكد أن السبب يعود إلى وجود صيانة في ملعب الملك فهد.. ثم تكذيب مسؤول في الملعب نفسه ذلك.. وتأكيده على سلامة الملعب وجاهزيته.. ثم تسرب تأكيد آخر بأن السبب يعود لإقامة مباراة الهلال وذوب أصفهان الإيراني عليه ضمن مرحلة الإياب في الدور نصف النهائي لبطولة الأندية الآسيوية.. وحاجة الناديين للتدريب عليه قبل المباراة.. كما تنص اللوائح.. وبالتالي عدم تعريضه لمزيد من الضغط.. حتى يبقى بصورة سليمة تحقق شروط المباراة.! وهو مبرر منطقي ومعقول.. ولا أعتقد أن أحدا يعترض عليه..
لكن السؤال: لماذا.. عزا المسؤول السبب إلى الصيانة ؟! وهذا في نظري لا يتعدى أحد أمرين :
ــ إما..
أنه يعتقد أن هذا التبرير.. سيأخذ طريقه.. ويقتنع به الآخرون.. دون أن يدرك أنه بهذا.. اتهم زملاء آخرين بالقصور.. وقد تولوا بأنفسهم الرد والدفاع عن أنفسهم.. كما أنه لا يدرك أن الزمن قد تجاوز هذا النوع من المبررات في عصر لم تعد المعلومة حكراً على أحد.. أو بعيدة المنال.. وقد تعددت مصادرها ومشاربها.
ــ أو..
عدم ثقة في النفس.. لأن الهلال طرف في الموضوع وخشية من موجة نقد تستهدف كل ما له علاقة بذلك.. رغم أن الأمر ليس فيه ما يستدعي.. وليس فيه تغليب مصلحة لناد على آخر.. وهذا دليل على تأثير تلك المواقف واعتبار البعض لها.. ممن لا يملكون الثقة في أنفسهم أو في قراراتهم.
كان بإمكانه أن يكون أكثر صدقاً ووضوحاً في زمن الشغافية.. وعصر المعلومة.
الثانية:
كان بإمكان لجنة المسابقات أن تتلافى هذا كله.. وهو أمر تحدثنا عنه مرارا وتكرارا.. عند وضعها للجدول.. وأمامها برنامج المشاركات الخارجية.. وتعلم أن هذا اليوم ستكون فيه مباراة.. أو على الأقل احتمال مباراة...وبالتالي أن تبرمج النصر والأهلي في ملعب الأمير فيصل أو تشير إلى أن نقلها وارد.. في حالة تأهل الهلال.. إلى الدور نصف النهائي. لكن مبدأ (فيها حلال).. أو( تعالج في حينه).. ما زال وسيظل ساري المفعول.. وبالتالي قابلا للفعل.. وردود الفعل.
وشهد شاهد من لجنة الحكام..
بمنطق غريب.. وغير مقبول تساءل مطرف القحطاني حكم مباراة الوحدة والنصر مبرراً عدم طرده مدافع الوحدة سليمان أميدو بعد تدخله العنيف على زميله لاعب النصر محمد السهلاوي وخروج الأخير مصاباً في الدقائق الأولى من المباراة قائلا: (لو قمت بطرد المدافع هل سيعود السهلاوي)..
وأضاف :
(الحالة كانت مبكرة وسريعة.. وعندما يعاقب الحكم لاعبا أصاب أحد زملائه فهل سيعود اللاعب المصاب من جديد !؟)..
تذكرت أغنية قديمة لأحد المطربين الشعبيين وأنا أقرأ هذا التبرير في إحدى الصحف أمس الأول يقول مطلعها:
ألا ليت البكا بيرد غالي.. لسيل وادي ما سال سيله ويذكرني بمن يعزي أحدهم بوفاة قريب: (البكاء.. ما يفيد ولا يرجع الميت.. ادعوا له بالرحمة).. فهل هذا هو المنطق ذاته الذي استند عليه الحكم.؟! هذا التبرير في نظري لا يخرج عن أحد احتمالات ثلاثة:
ـــ إما..
أن هذا الحكم غير مؤهل لإدارة أي مباراة ناهيك عن مباراة هامة وحساسة.. وفق هذا الأسلوب الذي ينتهجه.!
ــ أو :
أن ثقافته لم تساعده على حسن التعبير.. وانتقاء العبارة للتبرير.
ــ أو..
أن هذه توجيهات يتلقاها من مراقبي المباريات.. أو لجنة الحكام في التعامل مع هذا النوع من المباريات! والأخيرة هي ثالثة الأثافي..
والذي نعرفه.. ويعرفه الحكام قبلنا.. ودائما ما يؤكدون عليه أن المباراة تسعون دقيقة.. والقانون لا يميز بين دقيقة وأخرى.. بل بين لحظة وأخرى.. فالقانون هو القانون.. الذي نعرفه.. ويعرفونه أيضا.. أن القانون إنما تم وضعه لحفظ الحقوق.. وحماية المخطأ عليه.. وردع المخطئ.. حتى لا يكرر خطأه.
وما حدث يؤكد:
ــ إما :
عدم فهم القانون.
ــ أو..
تجاوزه.. ومخالفته.
لنترك هذا جانبا.. وننتقل لموضوع أكثر أهمية.. نستمده مما حدث..! هذا التبرير المعلن يفتح لنا ملف كثير من أخطاء التحكيم القاتلة.. والتي ربما غيرت في بعض الأحيان من مسار المباراة.. كنا نعزوها إلى تقدير الحكم.. من منطلق حسن النية.. ولكن يبدو أنها تندرج في إطار التبرير ذاته.. أو ما شابه لكنه لا يخرج عن ذات الدائرة.
- فعدم احتساب ركلتي جزاء لفريق واحد في مباراة واحدة , ناهيك عن أكثر من ضربة..
- وعدم احتساب ركلة جزاء في الوقت القاتل خاصة عندما يكون الفريقان متعادلين.
- أو في الدقائق المبكرة من المباراة..
- أو غض الطرف عن مخاشنات الفريق المتأخر بهدف أو هدفين..
- وما إلى ذلك من أخطاء.. يحاول بعض الحكام إدراجها ضمن روح القانون.. وهي أبعد ما تكون عنه..
كل هذه الأخطاء.. يبدو أنها تندرج تحت تلك المبررات المتعلقة بالدقائق الأولى.. أو القاتلة.. أو مدى استفادة الخصم منها.. أو...إلخ.
ولهذا.. نجد التحكيم لدينا لا يرتقي إلى مستوى الطموحات ويعج بكثير من الأخطاء.. التي لا يمكن من خلالها التشكيك في ذمم هؤلاء الحكام.. بقدر الشك في كفاءتهم وقدرتهم على إدارة المباريات..
- إما..
بسبب تعليمات اللجنة
-أو..
مراعاتهم لما يحدث عقب المباراة.. نتيجة عدم توفير الحماية لهم..
أعتقد أن دور لجنة الحكام الرئيسة بات اليوم أكثر أهمية.. وصعوبة في الارتقاء بمستوى الحكم.. ورسم خريطة النجاح له.. بعد أن (شهد شاهد من أهلها).. على وضع الحكم.. وأسلوب إدارة المباريات.
بين الحقيقة والاحتمال
يقول ناصر الكنعاني المشرف على الفئات السنية في نادي الشباب بعد إيقافه ثمان مباريات على خلفية مرافقته لفريق درجة الشباب بناديه.. وهو الموقوف أربع مباريات..: (إنه لم يعلم عن القرار السابق.. وأنهم في النادي سيرفعون استئنافاً على القرار وسيذكرون فيه عدم وصول القرار السابق إليهم).
أنا لن أشكك في كلام الأخ ناصر.. أو مصداقيته لكن مثل هذا الرأي.. غير مقبول.. أو منطقي في هذا العصر.. عصر الاتصالات وتقنية المعلومات.. بعد أن يتجاوزنا.. أو ــ هكذا يفترض ــ المراسل الذي يحمل دفتر الصادر في يد.. والوارد في يد أخرى.. فالحال هنا.. لا يتعدى أحد أمور ثلاثة :
ــ إما..
أن القرار لم يصل بالفعل.. وهنا من حق الكنعاني الاستئناف.. ورفع هذه العقوبة عنه. وتتحمل لجنة المسابقات والبطولات ذلك.
ــ أو..
أن النادي لم يبلغه بالقرار.. وبالتالي فهو (أي النادي).. الذي يتحمل تبعية القرار.. وعدم إبلاغه.. وهي حالة تحدث ــ وللأسف ــ في بعض الأندية.. حتى في إنذارات اللاعبين والبطاقات الملونة.
ــ أو..
لا هذه.. ولا تلك.. ولكنه ــ أي الكنعاني ــ يعلم وهذا مبرر للخروج من الموقف.
على أية حال.. الموضوع.. لا يخرج عن الوضع الإداري الذي تعيشه بعض القطاعات لدينا وستبقى الاحتمالات الثلاثة واردة.. حتى تتضح الرؤية.. ويتم الإعلان عنها.. بخروج احتمالين وبقاء الثالث.
والله من وراء القصد