مونديال .. الأسبان
(في مدخل الحمراء كان لقاؤنا ...
ما أطيب اللقيا بلا ميعاد
عينان سوداوان في حجريهما ...
تتوالد الأبعاد من أبعاد
هل أنت أسبانية ..
ساءلتها !؟ ...
قالت وفي غرناطة ميلادي ....... )
لا أدري .. كيف قفزت إلى ذهني هذه الأبيات ..!! بعد أن أطلق الحكم الإنجليزي هوارد ويب صافرته معلنا نهاية كأس العالم 2010 بفوز أسبانيا باللقب .. مستذكرا قصيدة (غرناطة) كاملة .. والتي قالها نزار قباني بتلك الأسبانية ذات الأصول العربية التي التقاها مصادفة (في مدخل الحمراء) وعانق فيها عندما ودعها (رجلا يسمى طارق بن زياد) ..
أطلق الحكم صافرته وطار الأسبان بالكأس ولسان حالهم يشابه الموقف لكنهم يلتقون بكأس العالم .
قلت ..
الحمدلله .. أن كأس العالم .. لم ينته .. إلا بانتصار عربي .. ووجود عربي ..
بعد أن فقدت كل المنتخبات العربية فرصة التأهل ..
واكتفينا بالجزائر كأحد ممثلي أفريقيا .. ونتائجه المتواضعة ..
هانحن نحقق أعظم انتصار في النهاية ..
ونعيد أمجادنا العربية ..
العرب الذين كان لهم الفضل في النهضة الأوربية عندما (كانت اوروبا تعيش في ظلام دامس)
والعرب الذين اخترعوا الإسطرلاب ..
واكتشفوا الدورة الدموية ..
ووضعوا علم الرياضيات ..
والفلك ..
هاهو فضلهم يمتد إلى كرة القدم .. عندما أصبح الزمن زمن كرة القدم .. فالأسبان .. أصولهم عربية ..وأسبانيا (كانت) عربية .. (وكانت) .. تسمى الأندلس
إذا ..
لا علينا ياعرب .. فقد انتصرنا في المونديال ..
وجاء فوز أسبانيا ليخفف من معاناتنا .. ويهون مصيبتنا .. في كأس العالم ..
أسدل الستار على المونديال بعد شهر من المتعة والإثارة .. وجاء تساقط الكبار تباعا .. ليزيد من إثارته وتشويقه ..
ولم يكن أكثر المحللين قدرة يتوقع .. أو يرشح هولندا وأسبانيا للمباراة النهائية .. خصوصا بعد أن اعترضت البرازيل طريق هولندا في ربع النهائي .. ثم اعترضت ألمانيا طريق أسبانيا في نصف النهائي .. لكن المونديال يأبى إلا أن يكون مونديال (سقوط الكبار) .. عندما استمر هذا التساقط إلى مراحله الأخيرة (نصف النهائي) على أن الجميع متفقون على جدارة هولندا وأسبانيا بالوصول إلى المباراة النهائية .. وأنهما الأحق بذلك. عطفا على ما قدماه خلال المونديال .. وقبل المونديال أيضا في المسابقات أو في التصفيات .. ومراحل الاستعداد !
الثلاثي الأفضل
المونديال كان منصفا في نتائجه .. وفي محصلته النهائية .. عندما منح أسبانيا وهولندا وألمانيا المراكز الثلاثة الأولى على التوالي ..
هذه المنتخبات .. كانت هي الأفضل في المونديال سواء على صعيد النتائج .. أو العطاء داخل الملعب، وإذا ما بحثنا عن السبب الرئيس وراء هذا التفوق لهذا الثلاثي .. نجد أن الاهتمام بالقاعدة (الناشئين والشباب) هو الأساس .. إذ إن متوسط أعمار لاعبي هذه المنتخبات الثلاثة لايتجاوز سن الـ 25سنة.. وهذا ماجعلها تسحب البساط من تحت أقدام الكرة في أمريكا الجنوبية .. بل إن السنوات الأخيرة شهدت تفوقا للكرة الأوربية على كرة أمريكا الجنوبية .. وفي كأس العالم 2006 كانت المراكز الأربعة الأولى من نصيب أوروبا أيضا .. (ولهذا حديث في منتصف الأسبوع) القادم بإذن الله .. بشيء من التفصيل ..
أسبانيا .. هولندا
يتفق المنتخبان في أشياء كثيرة .
فمشوارهما في التصفيات التأهيلية للمونديال كان مثاليا وناجحا .. حيث حقق المنتخبان العلامة الكاملة ولم يفقد أي منهما نقطة واحدة في مشوار التأهل ..
فان مارفيك .. مدب المنتخب الهولندي استلم مهمته خلفا لمواطنه فان باستن صيف 2008 ..
الحال نفسها مع دل بوسكي .. مدرب أسبانيا الذي استلم المهمة خلفا لمواطنه لويس اراجونيس بعد فوزه بكأس الأمم الأوروبية 2008.. وسارا على نفس النهج والأسلوب ومعظم الأسماء.. مما منح الفريق استقرارا فنيا واضحا .
داخل الملعب ..
جميع لاعبي أسبانيا يلعبون في الأندية الأسبانية عدا تورس (ليفربول) ..و فابريجاس (الأرسنال) ومعظمهم من فريق برشلونة ..
أما المنتخب الهولندي .. فيلعب العديد منهم في الدوريات الأوربية ..
على صعيد المونديال ..
لم يفز أي من الفريقين بكأس العالم .. وتعتبر أسبانيا الأكثر مشاركة في النهائيات (12) مرة فيما شاركت هولندا ثمان مرات .. وهذا قبل مونديال 2010 .. لكن هولندا تتفوق من حيث النتائج .. وصلت إلى النهائي خلال هذه المرات الثمان مرتين .. وخرجت من نصف النهائي مرة واحدة .. ومثلها من الدور ربع النهائي .. فيما لم تتأهل أسبانيا إلى النهائي .. وكانت تخرج من الأدوار المبكرة .. والمرة الوحيدة التي وصلت فيها إلى الدور نصف نهائي كانت قبل ستين عاما (مونديال البرازيل 1950) وربع نهائي 1994 و1998 .
الفريقان لم يخسر أي منهما في مبارياته الأخيرة التي تتجاوز الـ 35 مباراة .. ويضعهما الفيفا ضمن تصنيفه الأخير في المركز الأول بالنسبة لأسبانيا والثالث بالنسبة لهولندا ..
هذا السرد التاريخي .. والمواقف الفنية .. لابد أنها ألقت بظلالها .. وكان لها أثرها على عطاء الفريقين سواء أثناء المونديال .. أو في المباراة النهائية ..
أسبانيا ..
الدوري القوي .. يصنع منتخبا قويا .. ولاشك أن الدوري الأسباني هو أقوى .. وأغنى دوري في العالم حاليا .. وفي السنوات الأخيرة بات مطمعا لنجوم العالم .. ولذلك فلا غرو .. أن ينتج عنه منتخب قوي .. ويبدو أن أسبانيا .. قد وضعت لها هدفا واضحا .. هو الفوز بكأس العالم .. بعد أن شعرت أنها لابد وأن تدخل (نادي الأقوياء) .. (نادي الكبار) .. وأنها لاتقل شأنا عنهم ..
لكن السؤال الذي كان مطروحا .. متى !!؟ اهتمت بالدوري .. وبالاستفادة من الخبرات الأجنبية .. خاصة الهولندية من مدربين أمثال هيدينك .. وريكارد .. ولاعبين مثل يوهان كرويف .. وغيره .. فكان لذلك أثره في تطور الكرة الأسبانية ومنهجيتها .
المنتخب الأسباني.
سار وفق استرتيجية واضحة ومنهجية ثابتة .
دوري قوي ..
الاهتمام بالقاعدة ..
وأسبانيا فازت بجائزة الاتحاد الأوربي للاهتمام بالناشئة أربع مرات .. والمنتخب الأسباني .. جميع لاعبيه ممن يلعبون في الدوري الأسباني ــ كما أشرت قبل قليل ــ فكان ذلك مبعث استقرار لهم .. ولم يكونوا بحاجة إلى الانتقال لأندية أخرى .. لأن الأندية الأسبانية غنية .. وتدفع لهم المقابل الذي يقنعهم بالبقاء .. ولهذا فإن معظم لاعبي الفريق من برشلونة بطل الدوري .. ثم ريال مدريد ..
وعندما تغير المدرب بعد كأس أمم أوروبا سار المدرب الجديد ــ كما أشرت أيضا ــ على نفس النهج من حيث الخطط والعناصر .. وأضاف بعض العناصر الشابة التي برزت في بطولات أوربا للشباب .. ويعتمد الفريق كثيرا على أداء متوازن بين خطوطه الثلاثة ويحرص كثيرا على مرماه .. واعتماد الهجمات المرتدة السريعة عند الحاجة والسيطرة على وسط الملعب .. ولهذا كانت جميع نتائجه تنتهي لصالحه بأهداف قليلة .. دون أن يلج مرماه أهداف .. مما يؤكد قدرته على الحفاظ على مايسجله ..
في المونديال سجل ثمانية أهداف .. وولج مرماه هدفان فقط كانا في الدور الأول (الخسارة من سويسرا بهدف والفوز على تشيلي 2-1) .. وانتهت جميع مبارياته لصالحه بهدف واحد عدا فوزه على هندوراس 2-0 .. ويبدو أن خسارته أمام سويسرا في افتتاح مبارياته كانت بمثابة الإنذار الذي أشعل فيه الشعور بأهمية الحدث والتعامل معه ..
وفي مباراته الأخيرة أمام هولندا على الكأس سار على النهج ذاته .. وكان أكثر ثقة من خصمه .. وأقدر على ترويض الكرة والسيطرة على أعصابه وعلى المباراة .. وكان يؤمن تماما بأن (الوصول متأخرا خير من عدم الوصول أبدا) وهو ماتحقق له ..
هولندا
بطل لم يتوج
ينظر كثير من النقاد والمحللين إلى منتخب هولندا .. على أنه بطل كأس العالم الذي لم يتوج .. أو أنه أفضل منتخب لم يفز بكأس العالم .. فرغم قلة عدد مشاركاته في النهائيات قياسا بآخرين (8 مرات من أصل 18 قبل هذا المونديال) .. إلا أنه كان يقدم خلالها أداء متميزا .. وصل للنهائي 74 و1978 وخسر من ألمانيا ثم الأرجنتين وكان الأحق فيهما .. وخرج من نصف النهائي مرة واحدة ومثلها ربع النهائي ..ورغم أن هولندا ابتدعت الكرة الشاملة في مونديال 74 ولها الفضل في تطور الكرة الأسبانية عبر هجرة بعض نجومها إلى الدوري الأسباني كمدربين أو لاعبين ــ كما أشرت عند الحديث عن أسبانيا ــ إلا أنها لم تستطع أن تصنع لها مجدا خاصا .. ويبدو أن عقدة النهائيات أصبحت ملازمة لهذا المنتخب .
ويبدو أيضا أن ظاهرة الهبوط المفاجئ أصابت الفريق .. فبعد سلسلة من الانتصارات المتتالية .. كان لابد له من توقف .. لكن متى !؟ .. ولسوء حظه كانت على نهائي كأس العالم .. وربما كان لإقصائه البرازيل (نشوة) .. ولخروج ألمانيا من أسبانيا .. نوع من الاسترخاء بزوال (هم) .. فانعكس ذلك على الفريق بصورة عامة ..
لهذا ..
لم يكن أداؤه في المباراة النهائية .. امتدادا لتلك المستويات .. واتضح ذلك جليا على الأداء الفردي للاعبين .. وعدم القدرة على التحكم بأعصابهم.. و(النرفزة) .. معيدين للأذهان مباراتهم أمام البرتغال في الدور الثاني (دور الـ 16) من مونديال 2002 عندما وقع خلاف آنذاك بين لاعبه فان نبستلروي .. والمدرب فان باستن .. ليلة المباراة عندما علم اللاعب أنه سيكون خارج التشكيلة فانعكس هذا على الفريق .. وكانت مباراتهم تلك حافلة بالبطاقات الملونة (16بطاقة ملونة منها 4 حمراء) .. وانتهت بخسارتهم بهدف للاشيء وخروجهم من المونديال ..
الفريق بصورة عامة .. يسجل .. ولديه الاستعداد ليستقبل .. فهو يعاني من ضعف في الخطوط الخلفية .. وقد أكدت مشاركته في هذا المونديال هذه الحقيقة .. فسجل 12 هدفا فيما استقبل مرماه 6 في سبع مباريات ..
أرقام .. وأرقام
إذا كانت البرازيل بخروجها من المونديال قد أضاعت على نفسها مجدا من الصعب أن يتحقق لغيرها وهو الفوز بكأس العالم في جميع القارات والمناطق التي أقيم بها ..
وأضاعت فرصة رفع الرقم القياسي لعدد مرات الفوز إلى رقم يصعب تجاوزه على المدى المنظور ..
وأضاعت ألمانيا بخروجها فرصة رفع لرصيدها بالفوز إلى 4 ومعادلة الرقم الإيطالي .. إلا أنها قفزت برقمها في عدد مرات الوصول إلى نصف النهائي إلى (12) مرة وهو مالم يتحقق لأي منتخب .
لكن أسبانيا ..
وهي تفوز بهذه الكأس حققت العديد من الألقاب ..
فقد خلدت اسمها ضمن أبطال كأس العالم ..
وهي أول منتخب أوروبي يفوز بكـأس العالم خارج أوروبا.. وهي أول منتخب أوروبي يفوز بكأس العالم بعد فوزه بكأس أمم أوروبا مباشرة .
وهي أول منتخب يفوز بكأس العالم وقد خسر مباراته الافتتاحية .. ليكسر بذلك قاعدة ظلت مسيطرة على المونديال ..
أصدقاء المنتصف
حول منتصف الأسبوع الماضي والذي كان امتدادا لما سبقه من حديث حول المونديال تحت عنوان (المونديال وهل من مزيد) وردني تعليقان ..
البرازيل والأسلوب الدفاعي ..
الأول من الأخ محمد يقول فيه ..
أستغرب منك أن نيلمار وغرافيتي وليس غرافيني كما كتبت تميل للأسلوب الدفاعي نيلمار هداف داخل الصندوق مع فياريال وجرافيتي هداف الدوري الألماني العام الماضي وليس الموسم المنصرم .. أحترم كتاباتك ولكن واضح أنك لم تشاهد اللاعبين إطلاقا .. محمد اسمي الحقيقي وليس المستعار.
أخي محمد ..
أولاً .. بغض النظر عن اسمك ..وأعرف لماذا قلت ذلك ..!؟ .. رغم أنه لافرق .. فـ (محمد) يظل مجهولا .. كاسم مفرد ..
على العموم ..
احترم رأيك رغم اتهامي بأنني لم أشاهد اللاعبين إطلاقا (هكذا) وأنني غير متابع ..
هذا أولاً ..
وثانيا .. تعليقا على رأيك أقول ..
غرافيتي أو غرافيني .. أعتقد أن العملية هنا واضحة .. ولا تعني جهلي بالاسم .. أو كما كتبتها أنت .. مرة غرافيتي .. ومرة .. جرافيتي .. أما .. مايتعلق بالأسلوب الدفاعي للبرازيل .. فقد قلت مانصه .. (إن مدرب البرازيل دونجا .. افتقد للثقة في الكرة البرازيلية ــ وأقصد التفوق وكان جبانا ــ فعمد إلى أسماء معظمها تميل للأسلوب الدفاعي .. أو ذات مواصفات دفاعية .. أكثر منها هجومية أمثال نيلمار وغرافيتي ... في حين استبعد أسماء ذات خبرة أمثال رونالديو ... إلخ) وهذا صحيح .. فأنا لم أقل ذات مواصفات دفاعية أمثال نيلمار وغرافيتي .. وإنما قلت أكثر منها هجومية أمثال نيلمار وغرافبتي ..إلخ .. فالتشبيه هنا للهجومية وليس الدفاعية.
ثم إذا ما رجعنا إلى القائمة النهائية لمنتخب البرازيل التي دخل بها المونديال نجد أنها ضمت أربعة مهاجمين فقط! و(8) لاعبين في الوسط ومثلهم في الدفاع .. شأنها شأن انجلترا .. في حين ضمت قائمة كل من الأرجنتين وألمانيا وأسبانيا وهولندا وغيرهم ستة مهاجمين وسبعة لاعبين في كل من الوسط والدفاع ..
وهذا يؤكد ما أشرت إليه من اعتماد المدرب الأسلوب الدفاعي أكثر من الأسلوب الهجومي .. الذي اعتدناه من الكرة البرازيلية ..
الأخ فيصل المالكي .. يقول ..
ألا تستحق هولندا أن تتوج بكأس العالم هذه المرة وتحقق بشنايدر وروبن وفان بوتين ماعجز عنه كرويف ونيسكنز وآري هان وهانجيم .. بعد ما تصدى لهم الحظ مرتين .. أتمنى ذلك .. وأمام ألمانيا بالتحديد .. فعلا منتخب هولندا هو أفضل منتخب في تاريخ كأس العالم لم يحقق الكأس. أخي فيصل ..
هولندا .. فعلا تستحق أن تكون ضمن قائمة أبطال كأس العالم .. وكثيرون يتعاطفون معها ..
مونديال 2010 انتهى كما رأيت .. وغادرت ألمانيا وتم تتويج البطل .. ونال كل مايستحق ..
والله من وراء القصد