2010-06-08 | 18:00 مقالات

حمى كأس العالم... والدوري الممسوخ !

مشاركة الخبر      

ساعات قلائل يطلق معها الحكم الأوزبكي إيراماتوف صافرته معلنا بداية مباريات كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا عصر الجمعة القادم بين البلد المضيف والمكسيك. لاشك أن ايراماتوف فخور بذلك حيث العيون من جميع أنحاء العالم تنتظر هذه اللحظة التاريخية.. لحظة انطلاق كأس العالم التي ظل يترقبها منذ أربع سنوات ويرقبها عقودا من الزمن جيل بعد جيل! ولا شك أن جنوب أفريقيا هي الأخرى فخورة بذلك.. ثلاثون يوما.. تتجه فيها الأنظار إلى جوهانسبيرج.. ثلاثون يوما.. تعيش فيها جوهانسبيرج تحت الأضواء.. وجوهانسبيرج تزهو غبطة.. وتترقب بوجل.. مزهوة بالأضواء.. وموسيقى الفرح.. خائفة تترقب.. من حادث يعكر صفو احتفائها بليلة الحلم.. عروسا.. أكملت حسنها.. وارتدت فستانها الأبيض تتمايل طربا مع موسيقى فرائحية.. لتلتقي فارس أحلامها الذي لم تره من قبل.. لكنها ظلت ترسم صورته في خيالها على مدى عقد من الزمن.. !

كأس العالم..
تشرئب لها الأعناق.. وتخضع لها الرقاب.. وتدين لها الرؤوس.. وتفرض طقوسها على الجميع.. رؤساء دول.. يرسمون برامجهم وفقا لها.. مؤسسات رسمية.. تتأثر بها.. بنوك ومؤسسات مالية أعادت ترتيب أوقات الدوام الرسمي لها وساعاته (كما في البرازيل) لتتوافق مع مواعيد المباريات..

وهنا أيضا..
تحضر التخفيضات.. على أجهزة التلفزيون وشاشات العرض.. يضع الشباب برامجهم.. ويعيد البعض النظر في ساعات دوامه..

الرجال..
يعلنون حالة الطوارئ.. إما غياب عن المنزل ساعات.. أو حضور بصورة غياب.. بشروط مسبقة.. لا مشاوير.. لا طلبات.. لا.. لا.. لا..!! وكما ورد في النكتة التي تم تداولها هذه الأيام..

الطلاب..
بين مطرقة الاختبارات.. وسنديان كأس العالم.. ومنذ أكثر من ستة عشر عاما وتحديدا منذ عام 1994 عندما تأهلنا لكأس العالم لأول مرة.. وأنا اكتب عن هذه النقطة بالذات وأهمية مراعاتها.. حتى مللت مني.. وغيري كذلك.. فهو حدث يتكرر كل أربع سنوات.. ومواعيده محددة.. ولكن يبدو أن أنظمة الاختبارات لدينا سوف تتغير.. لأن كأس العام ثابت لايتغير.. وربما جاء ذات مرة في رمضان.. أو بتوقيت مناسب.. لأن نظام التقويم الدراسي لدينا يخضع لظروف رمضان والصيف على المدى المنظور

النساء...
خاصة ممن لا يعنيهن الأمر.. ومن لا يفرقن بين كأس العالم وكأس الماء! وكذلك بعض الرجال.. فهي فرصتهم في قضاء حوائجهم بسهولة ويسر..! ستجد المرأة.. فرصتها للتسوق.. بعيدا عن مزاحمة الشباب لها في الأسواق.. خاصة وأننا مقبلون على فصل الصيف ومناسباته..! وستجد الأسواق هادئة.. والشوارع خالية.. فتوقيت المباريات يتوافق مع ساعات العمل فيها. إنها فرصة العمر.. لكل من أراد قضاء حوائجه.:. بالسر والكتمان.. والهدوء وراحة البال.. !

هيئة
الأمم الكروية
وصفوه بأنه (امبراطورية الفيفا).. كناية عن قوته وجبروته.. ونفاذ قراراته.. وقالوا إنه (هيئة أمم كروية).. كناية عن عدد الأعضاء المنتمين إليه.. إنه الاتحاد الدولي لكرة القدم.. أو الـ(فيفا) اختصارا.. هذه المفردة.. التي أصبحت أشهر من الدولار.. واليورو.. أكثر من مائتي عضو (208) أعضاء ينتمون إلى هذه المنظمة.. بزيادة تفوق الثلاثين عضوا عن هيئة الأمم المتحدة لا أحد منهم يتجرأ.. أن يرفض قرارا.. أو يتأخر في تنفيذه! حتى الحكومات.. صارت تهابه.. ولا تفكر التدخل في شئونه.. وشئون اتحادات تقع ضمن محيطها.. لأنها تنتمي للفيفا وتنضوي تحت لوائه وتنعم بحمايته.. أمين عام الأمم المتحدة يتمنى أن يحظى بحرية التحرك.. وصلاحية القرار التي يحظى بها رئيس الفيفا.. الساسة.. يتمنون أن يكون لهيئة الأمم المتحدة.. صلاحيات ونفوذ هيئة الأمم الكروية (الفيفا). والمجتمع العالمي بأسره يتمنى أن يسود السلام.. كما تسود الروح الرياضية كأس العالم.. إنها الرياضة.. وإنها كرة القدم.. حاولت السياسة اختراقها ففشلت.. وحاولت التدخل في شئونها.. فرفع الفيفا (البطاقة الحمراء) في وجهها! ثمانون عاما.. وكأس العالم منتظمة كل أربع سنوات تماما.. كما كانت ساعة بيج بن.. بل إن الأخيرة توقفت عقاربها عن الركض أو أوقفت.. فيما ظلت كأس العالم تواصل المسير.. مرة واحدة فقط توقفت.. أثناء الحرب العالمية الثانية.. لكنها عادت أكثر قوة.. وأوسع انتشارا.. وأقوى حضورا..

مليارات..
على الأرض !
عندما تتابع مباراة في كرة القدم في كأس العالم.. خاصة بين منتخبات أوربية.. أو مع نظيرتها من أمريكا الجنوبية.. حاول أن تنسى المتعة.. والأهداف.. واطلق لخيالك العنان لدخول عالم الحسابات.. وتخيل كم هي الملايين التي تتحرك أمامك في الميدان.. !؟.. قيمة عقود هؤلاء اللاعبين والتأمين عليهم.. حيث تدخل منطقة الأصفار الثمانية.. بل تتجاوزها إلى التسعة..! ولك أن تتخيل عائد هذه الملايين على الأندية التي ينتمي إليها هؤلاء اللاعبون.. إذا كان لاعبا واحدا فقط مثل كريستيانو رونالدو لاعب ريال مدريد.. تجاوزت مبيعات قميصه (100) مليون يورو فقط! أي ما يعادل نصف مليار ريال سعودي تقريبا، وهو اللاعب الذي اشترى الريال عقده من مانشستر بـ(94) مليون يورو في صفقة اعتبرها البعض آنذاك خيالية! إنها كرة القدم.. وصناعة كرة القدم.. وكيف يتم استثمارها.. فهل نعي ذلك.. !؟

السعودية...
الغائب الحاضر !
جيل اليوم من الشباب السعودي الذي قارب الثلاثين عاما من العمر.. لم يتعود أن يشاهد كأس العالم خالية من منتخبه..! أو لم يتعود أن يرى منتخبه خارج هذه المنظومة.. وهو الذي اعتاد عليها أربع دورات متتالية.. حيث تختلف نظرته وتقييمه عن جيل عاصر الكرة السعودية.. بحضورها وغيابها.. وتاريخها.. فالعملية هنا نسبية.. ولهذا كان وقع صدمة الخروج عليه كبيرا..! وإذا كانت كرة القدم السعودية غابت هذه المرة كمنتخب.. إلا أنها لم تغب كحضور ممثلا في اللجنة المنظمة للبطولة (د. حافظ المدلج).. وفدنا لاجتماعات الفيفا.. أو.. وهذا هو أكثر أهمية تواجد الحكم السعودي خليل جلال، كثالث مشاركة بعد فلاج الشنار (1986) وعبدالرحمن الزيد (1998) تأتي مشاركة خليل في وقت يشهد فيه التحكيم السعودي غيابا محليا وقاريا.. لم نعتد عليه في مسيرته التحكيمية! دعواتنا لخليل.. بأن يكون حضوره تعويضا لغياب المنتخب وامتدادا لنجاحات التحكيم السعودي في كأس العالم..الذي تم تتويجه بمشاركة الزيد في المباراة النهائية (1998) صحيح ــ حتى لايقولها البعض ــ أن هذا الحضور السعودي لايسمن ولايغني عن حضور المنتخب.. لكنه في جميع الأحوال خير من الغياب الشامل.. كما لدى الآخرين.. !

الندوة العالمية..
وكأس العالم
إذا كانت المنتخبات المشاركة في كأس العالم سوف تتسابق على تسجيل الأهداف في مرمى الخصوم طمعا في نيل اللقب.. فإن الندوة العالمية للشباب الإسلامي ومقرها الرياض قد أصابت الهدف مبكرا ونالت اللقب على طريقتها الخاصة.. بمعنى آخر كأس عالم خاص بها! يقول خبر تم نشره في جريدة الجزيرة يوم الثلاثاء الماضي إن: (الندوة العالمية للشباب الإسلامي أنهت استعداداتها للمشاركة في هذه البطولة، بعد اعتمادها من قبل اللجنة الرسمية المنظمة لفعاليات كأس العالم ضمن عدد من الجهات الدولية لتقديم خدماتها والتعريف ببرامجها في البطولة، انطلاقا من تثمينها لدور الندوة ومشروعاتها وبرامجها التوعوية الموجهة للشباب باعتبارها عضو المنظمات غير الحكومية في هيئة الأمم المتحدة) ويتضمن البرنامج التعريفي للندوة على لسان أمينها العام المساعد الدكتور منير الحميد العديد من الفعاليات من أبرزها: معارض ثابتة بجوار الملاعب التي ستقام عليها المباريات ومجسمات ضخمة للأماكن المقدسة.. والتعريف بدور المملكة في خدمة الإسلام والشباب الإسلامي، كما يتضمن تعريفا بالجوانب المشرقة للحضارة الإسلامية وإسهامها في نهضة البشرية على مختلف الأصعدة.. وحقوق الإنسان.. وحقوق المرأة.. عبر لافتات وشاشات عرض عملاقة تم استئجارها لهذا الغرض بجوار الملاعب وأماكن الفعاليات.. إلى جانب العديد من الكتيبات الدعوية للتعريف بالإسلام وأنه دين محبة وسلام، وموقفه من الكثير من القضايا كحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.. والحوار مع الآخر ,... الخ! والعديد من البرامج التي تحدث عنها د. الحميد لافتا النظر إلى دعم الأمير سلطان بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب لهذه البرامج وللندوة أثناء استقباله وفدا برئاسة أمينها العام الدكتور صالح الوهيبي لهذا الغرض. والحقيقة أن الندوة العالمية للشباب الإسلامي وهي تخطو هذه الخطوة.. إنما تمارس دورا حقيقيا وفاعلا لترجمة أهدافها على أرض الواقع.. في توقيت ومكان مناسبين وفي وقت يشهد فيه العالم تحولات اجتماعية وسياسية، ومحاولات لتفريغ الشباب المسلم من هويته.. وتشويه صورة الإسلام كدين محبة وسلام. وأذكر أنني كتبت مقالا بهذا الخصوص في غير هذه الجريدة (أعني استثمار المناسبة للتعريف بالإسلام ودور المملكة الريادي في كثير من القضايا) قبيل مشاركتنا في نهائي كأس العالم 2002 في كوريا واليابان خاصة وأنها جاءت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر بأشهر قليلة، لكن الموضوع لم ير النور! إن استثمار الندوة العالمية لهذه المناسبة.. وفي هذا الوقت بالذات هو نجاح كبير يسجل لها وللقائمين عليها وجهد يشكرون عليه.. ندعو العلي القدير أن يثيبهم عليه، وأن يجعله في موازين أعمالهم.. وأن يحقق الهدف الذي سعوا من أجله.

الدوري الممسوخ...
عند الدكتور العناد !
في (منتصف الأسبوع الماضي) كتبت موضوعا حول رعاية الشباب ومجلس الشورى وتطرقت في فقرة مستقلة إلى ما أثير حول مداخلة الدكتور العناد عضو المجلس ووصفه الدوري السعودي بالممسوخ وردود الفعل عليه وأشرت إلى معرفتي بأبي مشعل وثقافته واستشعاري هدفه كأستاذ (بروفيسور) إعلامي يعي ويعني ما يقول. بعد نشر الموضوع وصلتني على الإيميل رسالة من الدكتور العناد قال عنها إنها شخصية لي فقط! ولعلي أستميحه عذرا في نشرها دون إذن منه لوجاهتها وأهميتها في نظري :
(أخي أبا بدر: طرحك الجميل حول "الممسوخ" يدعوني أن أوضح لك بدقة.. العبارة التي ذكرتها والتي قصدتها آنذاك، وأعجبتني ردود الفعل الصاخبة والغاضبة فتبنيتها بكل المعاني الممكنة! المعنى الذي قلته: (أصبح دورينا يشبه دوري أوروبي ممسوخ) وهذا التعبير لا أظن أن أحدا يختلف معي فيه، فدورينا لم يعد وطنيا خالصا ولا هو صورة أصلية لدوري أوروبي! وعندما تم سلخ كلمة "ممسوخ" من المعنى الذي قصدته وفسرتها الصحافة بطريقة سلبية لم أفهمها حتى الآن (يعني ايش ممسوخ حسب ما فهموها)، أكدت في ردي بجريدة الحياة وفي برنامج هجمة مرتدة وفي لقاء بقناة أوطان: (نعم هو أكثر من ممسوخ فما يجري يشوه تاريخ الكرة السعودية) وتبنيت المعنى الذي طرحته يا أبا بدر في مقالتك (أن دورينا لم يعد وطنيا خالصا)! أما التوصية التي سيتم التصويت عليها فتنص على: "مراجعة تجربة الاستعانة باللاعبين الأجانب في الأندية السعودية " ومن المسوغات التي ستقدم أثناء طرح التوصية للتصويت:
1ـ هل كانت التجربة مفيدة للاعبين الوطنيين!؟ وهل كان لها تأثير إيجابي في تحسين مستوياتهم!؟
2ـ الأعباء المالية وتأثيرها على ميزانيات الأندية وما يخصص لاستقطاب لاعبين وطنيين، وهل الأجانب الذين تمت الاستعانة بهم بالمستوى المأمول، بالإضافة إلى دراسة عدم العدالة بين الأندية التي تملك والتي لا تملك حيث تستمر الفجوة وربما تتسع.. إلخ
3 ـ الجانب النفسي وتأثير وجود اللاعب الأجنبي على اللاعب الوطني ونفسيته!
4ـ الجانب الاجتماعي وما إذا كان النشء يتخذون الأجانب مثلا أعلى بدلا من نجوم الوطن (رحم الله زمن النعيمة وماجد).
هذا مجمل الطرح وهو كما ترى يدعو للمراجعة والتقويم.. وكما ذكرت سابقا لو ثبت من خلال دراسات علمية أن التجربة مفيدة وناجحة فسأتبناها وبشدة، أما إذا ثبت العكس فقد يكون المفيد للوطن تخفيض العدد إلى اثنين! هذا التوضيح شخصي لك! وسأطرحه قبل التصويت على التوصية التي قد تنجح وقد لا تنجح، وقد تعودت بعد عشر سنوات في المجلس قبول الرأي الآخر ورأي الأغلبية! وبالمناسبة فالتصويت قد لا يحدث إلا بعد الإجازة (بعد رمضان) بعد أن تدرس اللجنة مداخلات الأعضاء وتلتقي بمسؤولي رعاية الشباب والاتحاد السعودي لكرة القدم للإجابة على بعض الاستفسارات !
ولك تحياتي

تعليق : أشكر البروفيسور العناد على ثقته وتعقيبه ووجدتني مضطرا لنشره رغم حمى كأس العالم حتى لا تفوت مناسبته، على أنني سأعود لمناقشة الموضوع فيما بعد بإذن الله !
والله من وراء القصد