الاتحاد العربي..
التحدي المقبل
على مدى عام كامل كانت الأنظار تتجه إلى المملكة العربية السعودية حيث مقر الاتحاد العربي لكرة القدم.
ففي هذه الأيام من العام الماضي كانت اجتماعات الجمعية العمومية للاتحاد لانتخاب مجلس إدارة جديد (لجنة تنفيذية)، وللمرة الأولى منذ أكثر من ثلاثين عاما دخل منافس آخر لرئيس الاتحاد على هذا المنصب، حيث اعتاد العرب على تزكية الأمير فيصل بن فهد (يرحمه الله)، ومن ثم الأمير سلطان بن فهد الرئيس الحالي.
المنافس الجديد كان القطري محمد بن همام في خطوة فسرها البعض على أنها ردة فعل لموقف الاتحاد السعودي لكرة القدم ودعمه لمرشح منافس لابن همام على عضوية المكتب التنفيذي لـ(فبفا) كممثل عن آسيا.. حيث تزامن الحدثان في ذلك الوقت.. فيما فسرها آخرون على أنها رغبة في التغيير والتحديث.
وبغض النظر عن هذه أو تلك فقد اتفق المجتمعون في النهاية على تأجيل الانتخابات لمدة عام.. لإعطاء الأعضاء الفرصة لتقديم المزيد من الرؤى ودراسة الموقف وتطوير أعمال الاتحاد.. الخ، مما يؤكد أن الاختلاف لم يكن على الأشخاص بقدر ما هو البحث عن آلية ومنهج لتطوير أعمال الاتحاد وتغليب المصلحة العليا للرياضة العربية.
في هذا الوقت كانت الاتصالات تتم بين جميع الأطراف.. بعضها معلن كما حصل في اجتماعات تونس، ومنها ما هو (خلف الكواليس) لأن المصلحة العليا كانت تتطلب ذلك. وهو ما ظهرت نتائجه في اجتماعات الأسبوع الماضي.
كان هذا يتم على المستوى الرسمي.. والقيادات الرياضية العربية..
أما على أرض الواقع وللأسف فقد كانت هناك الكثير من الخلافات والخروج عن النص.. بما يسير في عكس الاتجاه الذي يتبناه الاتحاد العربي ويهدف إليه.. سواء كان ذلك على مستوى لقاءات الأندية في بطولات إقليمية أو المنتخبات في منافسات دولية أكثر أهمية، وهذه الأخيرة ألقت بظلالها على الشارع الاجتماعي والسياسي لدى الأطراف المعنية، مما يعني أن الاتحاد العربي لكرة القدم سيواجه في المرحلة المقبلة تحديات جديدة.. لا تقتصر على التطوير الفني للكرة العربية بقدر ما تتناول تطوير الفكر وتعميق الثقافة الكروية.
ومن هنا اتضحت أهمية تأجيل الانتخابات وحكمة الأمير سلطان بن فهد وهو يطلب ذلك قبل عام.. عندما شعر شخصيا وشعر المجتمعون أن تنفيذها في ذلك الوقت سيؤدي إلى شرخ في جسد الاتحاد قد تصعب معالجته.. وجرح قد لا يندمل على المدى المنظور.
لدينا مثل يقول :
(كل تأخيرة فيها خيرة).. وهو معروف على النطاق العربي.. وأهم من ذلك ما جاء في دستور هذه الأمة :(وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ــ البقرة ــ) وقوله تعالى أيضا: (فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ــ النساء ــ )
وفعلا
جاء هذا التأخير في انتخابات الاتحاد بالخير عليه وعلى مستقبله.
إن تزكية شخصية ما لقيادة هيئة أو منظومة معينة والإجماع عليها وعدم وجود المنافس يعني القناعة بهذه الشخصية وقدرتها على قيادة الهيئة أو المنظومة.
وبالتالي :
فإن تزكية الأمير سلطان بن فهد لرئاسة الاتحاد العربي لكرة القدم والإجماع على ذلك..و من ثم الإجماع على تسمية الأمير نواف بن فيصل نائبا تنفيذيا له.. يؤكد القناعة بهذه القيادة الرياضية وأنها الأصلح لهذه المرحلة والأنسب.
هذا الإجماع لم يأت من فراغ.. بقدر ما جاء لقناعات شخصية ومراجعة للذات ــ خلال فترة التأجيل ــ عما قدمه سلطان للاتحاد خلال ترؤسه له في الفترات الماضية ونجاح الأمير نواف في أن يكون ساعده الأيمن والنائب التنفيذي.
هذا من ناحية..
ومن ناحية أخرى..
انتماء هذه القيادة لهذه الدولة واستضافتها لمقر الاتحاد وتحمل تبعاته أكثر من ثلاثة عقود والنهج الذي تسير عليه في رسم السياسات العربية وقدرتها على صياغة هذه السياسات وتبنيها بما يحفظ لها وحدتها ويسهم في الارتقاء بمستواها سواء على المستوى الفني أو الفكر الإداري.. وحضورها في المحافل الدولية.
وفيما عدا الإجماع وتزكية رئيس الاتحاد وما تضمنته كلمة الأمير سلطان بن فهد عقب الترشيح.. فقد لفت الأنظار ثلاث نقاط مهمة.. ربما فات على كثيرين التوقف عندها أو التطرق إليها :
.. الأولى :
عدم فوز مرشحين معينين مشهود لم بالخبرة والكفاءة.. مثل البحريني الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة الذي يمكن اعتباره عميد الرياضيين العرب.. وما يتصف به من حكمة وخبرة، وخسارته لمنصب نائب الرئيس الذي ظل ملازما له سنوات طويلة أمام الجزائري محمد روراوة بفارق صوت واحد، مما يؤكد نزاهة الانتخابات والجو الصحي الذي سارت فيه.
ومما يدل على كفاءة الشيخ عيسى وخبرته الموافقة على تسميته نائبا شرفيا للاستفادة من خبراته وتاريخه وما يحمله من فكر وثقافة تساهم في تحقيق أهداف الاتحاد وتوجهاته.
.. الثانية :
دخول بعض عناصر كانت معارضة ــ إن صح التعبيرــ وذات صوت مطالب بالتغيير والتطوير.. مما يعني وضع هؤلاء أمام مسؤولياتهم في ترجمة تلك الآراء والتطلعات إلى واقع ملموس.. والاستفادة من هذه الآراء ومناقشتها معهم للوصول إلى قناعات مشتركة بتبني ما هو مفيد منها.. وما يمكن تحقيقه.
الثالثة :
فوز كل من رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم محمد روراوة.. ورئيس الاتحاد المصري سمير زاهر بعضوية اللجنة التنفيذية للاتحاد.
إن وجود الجزائر ومصر وما تمثلانه من ثقل في الكرة العربية وحتى على المستوى القاري أو الدولي في اللجنة سيساهم في تطوير عملها ولا شك.. وإيجاد بعض الحلول التي كانت تعترض مسيرة الاتحاد في وقت مضى.. ناهيك عن أن زاهر ومحمد روراوة يقودان اتحادين عربيين (مصر والجزائر) بينهما خلاف متأصل على خلفيات المنافسة على التأهل لكأس العالم عن قارة أفريقيا.. وازداد عمقا واتساعا في التصفيات الأخيرة.. مما انعكس بأثره على علاقات الشعبين. ولا شك أن وجودهما في عضوية اللجنة من شأنه أن يساهم في تخفيف حدة التوتر ونجاح مبادرة الأمير سلطان بن فهد لحل هذه المشكلة.
وإذا كان محمد روراوة وضع الاعتذار المصري شرطا أساسيا للصلح.. فيما أشار سمير زاهر إلى عدم مصافحة روراوة له أثناء مباراتهما في السودان.. فإن هذا يجب أن لا يجعلنا نفكر بسيرهما في خطين متوازيين بقدر ما هو إرث عربي لعزة نفس يمكن التعامل معها بإرث عربي آخر في المصالحة والتسامح.
محمد روراوة قال: المشكلة إننا كعرب نرفض الخسارة، مشيرا إلى ما يحدث في منافساتنا العربية.
فيما أكد سمير زاهر إمكانية التفاهم وفقا لمبادرة الأمير سلطان بن فهد وإنه الأجدر والأكفأ بقيادة هذه المصالحة واحترامهم لها.
ومن خلال هذين التصريحين يتأكد لنا أن مفاتيح الحل موجودة.. وأن بشائر المصالحة تلوح في الأفق وإن احتاجت بعض الوقت.
إن المتأمل في كلمة الأمير سلطان بن فهد عقب تزكيته يدرك أن فكرا جديدا وتوجها رائدا ينتظر الاتحاد في مرحلته المقبلة.
وهذا لا يعني تغيير المنهج.. فهو امتداد للمنهج السابق بقدر ما هو منهج يتناسب مع المرحلة وروح العصر.
كنت أتمنى لو أن المساحة تتسع للتعليق وتفنيد هذه الكلمة.. لكن أبرز ما لفت نظري فيها قول (إنه فخور بهذه الثقة ويؤمن بالعمل الجماعي) داخل الاتحاد العربي، وأن تصبح كرة القدم لغة محببة للشعوب وللشباب، وأن نغرس ثقافة الفوز والخسارة، وأن تكون نظرتنا لكرة القدم أكبر من الفوز والخسارة لأن ما يربط الشباب العربي أكبر من ذلك).
هذا القول يؤكد أن الاتحاد العربي لكرة القدم مقبل على مرحلة هامة من تاريخه, وإنه تنتظره مهمة صعبة في زرع ثقافة الفوز والخسارة في نفوس جماهير كرة القدم العربية.. وتنمية هذه الثقافة لأنها الأساس في وحدة الصفوف العربية والارتقاء بمستوى الكرة العربية، وإذا ما تبنى سلطان الرياضة هذه الخطوة.. وبمساهمة من نائبه التنفيذي الأمير نواف الذي يمكن أن يتصدى لمثل هذا الأمر بكل كفاءة واقتدار وهو رجل السلام كما قالت عنه اللجنة الأولمبية الدولية العضو الفعال في لجنة العلاقات الدولية فيها.. وكما أكد ذلك أعضاء منظمة السلام والرياضة الدولية أثناء مؤتمر سبورت أكورد 2010 الذي انعقد في دبي الأسبوع الماضي.. عندما قدموا الشكر والتقدير للأمير سلطان على اهتمامه وعمله الدؤوب لترسيخ مفاهيم السلام والرياضة في العالم)
أقول:
إذا ما تبنى الأمير سلطان على عاتقه نشر هذه الثقافة وترسيخ مفاهيمها.. وتولى تنفيذ آليتها الأمير نواف.. فإن مستقبلا زاهرا ينتظر الرياضة العربية.. وكرة القدم على وجه الخصوص.. ليس على الصعيد الفني فقط وإنما أيضا فيما يتعلق بتطوير الكوادر وترسيخ المفاهيم الحقيقية والمعاني السامية لهذه الرياضة..والله من وراء القصد.
الكبير كبير.. أيها الديربي
بين مباراتي الذهاب والإياب في مسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين (الهلال والنصر) بضعة أيام.. لم تتجاوز الأسبوعين.
لكن ردود الفعل عقب المباراتين كانت متباينة تماما ومتحولة بمقدار 180 درجة خصوصا تجاه التحكيم.. رغم أن الأخطاء تكاد تكون متشابهة.. كما أكد كثير من المحللين، وتتعلق بالبطاقة الحمراء والتجاوز عنها في حالات معينة .. إلا أن الفارق في نوعية الحكم أو بالأحرى هويته الوطنية والأجنبية..هذا يؤكد أن القضية لا تتعلق بالثقة في قرارات ذاك والتحفظ عليها أو رفضها تجاه هذا أو في قدراته.. بقدر ماتتعلق بأمور أخرى بعيدة كل البعد عن ذلك!
لنترك هذا جانبا ونتحدث عن الأهم في المباراة.. وهو الروح الرياضية العالية عقب المباراة رغم ما حدث من أخطاء وتجاوزات نادرة وتعتبر طبيعية في لقاء تنافسي كهذا.. وتبادل التهاني والابتسامات بين إدارتي الفريقين واللاعبين.. وتبادل القمصان.
أما ما أثير حول عدم ارتداء لاعبي الفريقين لها أو ارتدائها بالمقلوب.. فيجب أن لايعطى أكبر من حجمه.. إذ ربما دخل ذلك في أمور تسويقية تتعلق بالشركات الراعية.
أعتقد أن المهم هو قبول هذا التبادل وتجلي الروح الرياضية وهذا هو الأهم.. وهذا مانرجو ونتمنى أن يكون سائدا في كل اللقاءات.. وأن تكون هذه المباراة بداية عهد جديد في هذا النوع من التعامل مع الحدث أو بالأحرى امتدادا لتعامل كان سائدا بين الفريقين.
حدث العاقل بما لايليق
حدث العاقل بما لايليق فإن صدق فلا عقل له!
تذكرت هذا القول وأنا أقرأ نفي مصدر في الرئاسة العامة لرعاية الشباب لما نشر في جريدة الأهرام المصرية بقلم أسامة اسماعيل من أن الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير سلطان بن فهد أمر بتعويض حسام غالي مبلغ مليون يورو عن الأضرار التي لحقت به جراء اتهامه من قبل لجنة المنشطات السعودية بتناول المنشطات على حد قول الكاتب.
لاحظوا السبب.. تعويضا عن الأضرار التي لحقت به. ومصدر تذكري للقول أعلاه هو عدم اتساق ذلك مع المنطق أو العقل، فالمبرر أبعد مايكون عن الواقع والمنطقية.. فماهي الأضرار التي لحقت به!؟
هذا أولا، وثانيا إن موضوع حسام غالي وتبرئته أو اتهامه لم ينته بعد.. ولازال في أروقة الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات (الوادا) حسب تصريح رسمي صادر من (الوادا) قبل أيام من أن الموضوع يحتاج لعدة أيام حتى يتم البت فيه.. مشيرا إلى المعمل الماليزي وبعثه العينة إلى معمل كولون وما تخلل ذلك من ملحوظات من قبل الوكالة الدولية وتساؤلات لازالت تبحث عن إجابة .. وإشادة الوكالة بالخطوات التي اتبعتها اللجنة السعودية مما يعني تبرئتها من الموضوع براءة الذئب من دم يوسف، فهي لم تتهم بقدر ما استندت على اللواح والأنظمة.. وبالتالي عدم إلحاق أي ضرر معنوي بالمذكور..
والله من وراءالقصد.