2009-07-28 | 18:00 مقالات

الهلال ـ ART جيت والأندية الأخرى

مشاركة الخبر      

جاء عدم نقل أولى مباريات نادي الهلال الودية في معسكره في أوروبا (النمسا) عبر قناته الرياضية (الزعيم) والتي يتم تشغيلها من قبل مجموعة الـart رغم التأكيدات التي سبقت المباراة بنقلها، ليفتح الباب من جديد على انتقادات الهلاليين للقناة والقائمين عليها وتحديداً الـart ومطالبة النادي باتخاذ موقف ما تجاه القناة يحفظ للنادي حقوقه ...الخ.
ثم جاء عرض مباراة الهلال وأم صلال ضمن بطولة الأندية الآسيوية والتي خسرها الهلال بديلا لها. وفي التوقيت ذاته ليصب الزيت من جديد على بقايا النار المشتعلة وليفتح الباب أكثر للمزيد من الحدة في الطرح والمطالبة باتخاذ موقف.
ولم يكن اعتذار art لجمهور الهلال كافياً أو شافياً.. ولم تكن المبررات مقنعة حتى وإن كانت صحيحة.
وعندما تكثر الأخطاء.. وتتكرر المواقف السلبية تصبح المبررات غير مقبولة ويقترب التأويل من العمد بذات المسافة التي يبتعد فيها عن حسن النواياً.
هذا هو الإطار العام للفعل ورد الفعل على الحدث الذي أشرت إليه في البداية.
شخصياً..لا أعتقد أن قناة أو شركة يمكن أن تخاطر بسمعتها أو تتسبب في خسارة جمهور مستهدف، وتسعى لاستفزازه.. وهي التي تؤمن بأهميته وتراهن عليه كأحد روافدها المالية والمعنوية إن لم يكن الأهم.
وأنا هنا لن أدافع عن الـart التي لاتربطني بها أية صلة، ولن أقف في صف الهلال بقدر ما أسعى لتلمس الحقيقة ووضع الأمور في نصابها الطبيعي كمتابع محايد.
لكنني في الوقت نفسه لا أعفي الـart من الخطأ أوتحميلها بعضاً من المسؤولية.. سواء في الحدث ذاته والأخطاء المتكررة.. أو في الاعتذار الذي كان من المفروض أن يقترن بأشياء أخرى.. تعيد بعض الاعتبار لهذا الجمهور.. مثل إعطائهم اشتراكاً مجانياً لمدة شهر على الأقل.
مثل هذا الإجراء لو تم لامتص غضب هذه الجماهير.. وأشعرهم بحسن النية والرغبة في التصحيح، وهو إجراء لن يؤثر على القناة بقدر ما تكسب من خلاله هذه القاعدة العريضة.. بدلا من اعتذار لا يغني بالنسبة لهم ولايسمن من جوع.
كما أن الهلال يتحمل ـ في نظري ـ جزءاً من المسؤولية عند صياغة العقد، وإن كان حمله أخف باعتبار الخبرة في مثل هذه المجالات.
على أن قضية (الهلال ـ art) فتحت لنا آفاقاً أكثر ـ وهذا هو المهم في الحديث عن قنوات الأندية وكيف يتم النظر إليها والتعامل معها.
فالنصر (العالمي) والاتحاد (العميد) والشباب (الليث).. وغيرهم من الأندية وقنواتهم قد يتعرضون حاضراً أو مستقبلا لمثل هذه الأخطاء.. ما لم يدركون ما لهم من حقوق ويعرفون ما عليهم من واجبات.
ـ الذي أعرفه أن تشغيل قنوات الأندية من قبل الشركة المشغلة يتم عبر أسلوبين.
ـ الأول : أسلوب الشراكة بين الطرفين والقائم على توزيع مداخيل القناة من الاشتركات.. والرسائل.. والإعلانات ...الخ.
بنسبة معينة بين النادي والشركة.. ووفق آلية معينة يتفق عليها الطرفان.
ـ الثاني : مبلغ سنوي مقطوع تدفعه الشركة المشغلة للنادي يتم الاتفاق عليه بين الطرفين.. مقابل استثمار الشركة للقناة.
ـ وهناك شركة أخرى(بين الطرفين) تتولى عملية التسويق للقناة.. (الاشتراكات.. الإعلانات ...الخ) وهذه الشركة قد تنضوي تحت لواء المجموعة التي تنتمي إليها الشركة المشغلة.. وقد تكون خارج هذا الإطار ويتفق معها المشغل بنسبة معينة وأسلوب معين.
ولكل أسلوب إيجابياته وسلبياته أو ميزاته وعيوبه، ولعلنا نتوقف عندها قليلا قبل الدخول في تفاصيل أكثر.
أسلوب الشراكة :
لعل أبرز ميزات هذا النوع من التشغيل هو حفظ حقوق الطرفين المالية وعدم الغبن،
لكن هذا النوع من الشراكة يتطلب من النادي مسؤوليات كبيرة في المتابعة والاهتمام والحرص على أن تكون المادة المقدمة تتفق وسياسته وتوجهاته دون إخلال بالضوابط الإعلامية والعامة، وأن يكون له دور (ضمن العقد) في هذا الخصوص.
أما إسناد مهمة البرامج أو الإدارة.. وما إلى ذلك لآخرين.. ربما لا يملكون الخبرة الكافية في المجال الرياضي وحساسيته أو العمل الإعلامي، بحيث يصبح العمل لديهم آليا (مبرمجاً) على مدى أسبوع أو أسبوعين وربما لشهر مقبل، في بعض البرامج سواء كانت الأساسية أو البديلة لايمكن الحياد عنه أومخالفته، فهذا لا يتفق مع العمل الإعلامي.. وبالذات الرياضي، وهو ما يتسبب في كثير من الإشكالات.
ومن هنا قلت إن الشركة المشغلة تتحمل جزءاً كبيراً من الخطأ في موضوع الهلال والمباراة البديلة، ومن هنا أيضا تأتي مسؤولية النادي في الإشراف أو المتابعة.. وهو ما يجب أن يتضمنه العقد.
ـ المبلغ المقطوع:
أما الأسلوب الآخر.. وهو دفع مبلغ سنوي مقطوع من قبل الشركة للنادي مقابل استثمار القناة، فهذا النوع من الأساليب قد (يريح) النادي من هم المتابعة والدخول في حسابات المداخيل، فهو يعرف أن مبلغاً معيناً يحصل عليه كل عام.. ويبني عليه ميزانيته وأبوابها،
لكن في المقابل فإن هذا قد يحقق للشركة عوائد مالية وربحية يكون النادي أحق بها.. والعكس.
فقد لا تحقق الشركة هذا العائد ولكنها تتعامل مع (العقد) أو مع هذه (الخطوة) كنوع من التسويق الإعلامي لذاتها وحضورها في المشهد الرياضي والإعلامي، كما أن مثل هذا النوع قد لايرتقي بمستوى القناة وما يقدم فيها من برامج بما يرضي جمهور النادي ومحبيه، فالنادي مطمئن لحصته وحقه المادي.. وبالتالي قد لا يملك الوقت الكافي أو لا يهمه أمر متابعة القناة.
أي الأسلوبين أجدى؟
وحسب علمي فإن الهلال هو النادي الوحيد الذي يطبق الأسلوب الأول (أسلوب الشراكة)،
وبغض النظر عن هذه أو تلك.. فإن لكل ناد وجهة هو موليها وفق ظروفه وإمكاناته وقدراته أيضا، وطبيعي إن أسلوب(الشراكة) هو المناسب للأندية الجماهيرية.. في حين أن الأسلوب الآخر قد يتناسب مع الأندية ذات القاعدة الجماهيرية الأقل.. أو الأندية التي تملك مثل هذه القاعدة لكنها لا تملك الخبرة في التعامل مع مثل هذه الأمور، وربما رأت خوض التجربة في عامها الأول بأسلوب (أخف الضررين) أو (اللعب على المضمون).. على أن تعيد تقييمها فيما بعد.
ولعلي هنا أدعو جميع الأندية التي لديها قنوات رياضية أن تقيم تجربتها في عامها الأول عند رغبته في تجديد العقد بما يتفق مع مصالحها.. سواء في إعادة صياغته وتغيير أسلوب التعامل أو الإبقاء على الأسلوب ذاته.
وبإمكان هذه الأندية قياس الرأي العام وجماهيريتها من خلال عدد مشتركيها في جوال النادي عبر شركات الاتصالات الراعية لها.
ولا أعني هنا تحديد الكم ومدى اتساع القاعدة الجماهيرية للنادي.. بقدر ما أعني مدى رغبة جماهيره في التفاعل معه إعلامياً.. والتجاوب مع قنواته ومتابعة أخباره.
ناد كالهلال على سبيل المثال تجاوز عدد مشتركيه في الجوال ربع مليون مشترك أو قارب هذا العدد، ويحقق من خلالهم دخلا سنويا يصل عشرة ملايين وربما يتجاوزه.. يستطيع من خلال هذه الأرقام تقييم تجربته مع القناة الفضائية وعدد المشتركين المحتمل وبالتالي دخله التقريبي أو الحد الأدنى.. ومن ثم فرض رؤيته وشروطه.
وبعيداً عن الهلال إذا ما أردنا الحديث عن قنوات الأندية.. فإن المفروض أن تكون قيمة الاشتراك في الحدود المعقولة والمنطقية لضمان تسويقها لأكبر عدد من المشتركين.. وبالتالي ضمان مداخيل إعلانية واستثمارية أخرى، لأن المعلن أو المستثمر يبحث عن اتساع قاعدة الجمهور المستهدف.
فمن غير المعقول أن تصل قيمة الاشتراك في قناة النادي إلى ألفي ريال سنويا.. وهو مبلغ لا يتناسب مع دخول كثير من المتابعين.. خاصة عندما يتم دفعه مرة واحدة.. ناهيك عن عدم احترام المشاهد عند قطع البث عنه وإيقافه.. وهو في قمة متابعته لمباراة هامة من مباريات ناديه بحجة انتهاء الاشتراك!! وعدم إعادته ما لم يتم التجديد.. مما يسبب ردة فعل قوية لديه تجاه المشغل.
إذا كان الاشتراك في قناة الجوال لا يتجاوز 150 ريالا في العام وبتقسيط شهري (أو كل شهرين مع الفاتورة) وحقق هذه المداخيل، فإن هذا يتطلب إعادة النظر في رسوم الاشتراكات في قنوات الأندية.
أدرك تماماً الفرق بين هذه وتلك، ولكن تخفيض قيمة الاشتراك في القنوات الرياضية بنسبة معقولة وبأسلوب ميسر من شأنه أن يساهم في رفع عدد المشتركين.. وبالتالي في تسويق القناة.. ومن ثم زيادة مداخيلها، وهي قاعدة تسويقية معروفة ولا تحتاج لتبيان.
هذه ناحية، والأخرى وهي أكثر أهمية: لماذا يتم ربط الاشتراك في قنوات الأندية بقنوات أخرى؟!
نحن نعرف أن هناك من لا يرغب لسبب أو آخر الاشتراك في قنوات هذه الشركة.. ويهمه فقط قناة ناديه، ونعرف أيضاً أن لدينا كثير من الأسر المحافظة التي لا ترغب دخول قنوات معينة إلى المنزل ومتابعتها من قبل أفراد العائلة، لكنهم لا يتحفظون على قنوات الرياضة.. قد تحفظهم عن قنوات أخرى.
أمثال هؤلاء.. وهم كثر.. لماذا تخسرهم الشركة المشغلة؟!
ويخسرهم النادي؟!
إن أمثال هؤلاء قاعدة عريضة ومهمة، وبالتالي يجب أن تراعي خصوصياتهم وتحترم.
ومن هنا تأتي المطالبة بعدم ربط قنوات الأندية والاشتراك فيها بقنوات أخرى غير رياضية.
ـ إن جوال الأندية والقنوات الرياضية هي قنوات استثمارية جيدة تغفل عنها الأندية، وهي ذات مداخيل كبرى لو تم استثمارها والتعامل معها بفكر استثماري سليم.
وإذا كان "جوال لأندية" واضح المعالم ومحدد وله آلية معروفة، فإن قنوات الأندية الرياضية تحتاج إلى نوع من التنظيم وحس الإدارة وكيفية التعامل بين أطراف الموضوع.. سواء كان النادي أو الشركة المشغلة بما يحفظ حقوق الطرفين المادية والمعنوية.
وهذه مسؤولية إدارات الأندية وإدارات الاستثمار فيها.. التي يفترض أن تضطلع بدور أهم وأكبر مما تقوم به الآن.
صحيح أن الأندية لدينا لم تصل بعد إلى المرحلة التي تستطيع من خلاله تشغيل مثل هذه القنوات وإدارتها.
بل إن هذا ليس مطلوباً منها ما لم تملك الكادر المستقل والمتخصص والكفء لذلك.. شأنها شأن بعض الأندية العالمية الأخرى، وبالتالي لابد أن (تعطي الخبز خبازه حتى لو يأكل نصفه).
لكن هذا لايمنع أن تراقب نوع العجين ومقاديره.. والفرن.. ودرجة حرارته.. حتى لا يحترق الخبز أو يخرج غير ناضج.
وفي كلتا الحالتين تحرم جماهيرها الفائدة وتصيبها بالجوع.. وتحرم نفسها كذلك!
والله من وراء القصد.