يحدث في الاتحاد!!
برز نادي الاتحاد على واجهة الأحداث خلال هذا الأسبوع بشكل لافت للنظر.
والاتحاد الذي يحتل هذه الواجهة بصورة شبه دائمة إن لم تكن دائمة بالفعل لتاريخه وعراقته وحضوره الدائم في المشهد الرياضي، جاء حضوره هذه المرة من خلال موقفين متناقضين من حيث ردة الفعل على جماهيره.. ونظرتها لمستقبله.
هذه الجماهير التي دقت طبول الفرح.. وغنت ابتهاجا بانفراج أزمة الرئاسة (بالتكليف).. وانتخاب رئيس جديد في وقت يعتبر مناسبا جدا للتخطيط للموسم الجديد.. ورسم سياسة النادي.. هذه الجماهير لم تكتمل فرحتها.. عندما انصدمت بقرار الاتحاد السعودي لكرة القدم ممثلا في لجنة الاحتراف، يمنع الاتحاد من إجراء أية تعاقدات محلية أو خارجية، لوجود حقوق والتزامات مالية عليه تجاه آخرين.. لا بد من الوفاء بها قبل أي تحرك!
وقبل الحديث عن هذين الموقفين.. لا بد من الإشارة إلى أن مثل هذا قد يحدث لأي ناد آخر غير الاتحاد.. وما حدث في نادي الاتحاد سواء في الانتخابات.. أو التعاقدات.. يفترض أن تستفيد منه الأندية الأخرى..
وما حدث ليس كله سلبيا.. حتى لا يذهب البعض بتفكيره بعيدا.. وإنما هناك إيجابيات في الجانب الآخر من الحدث.
الانتخابات الاتحادية
لن أتحدث هنا عن نتيجة الانتخابات.. ولا فارق الأصوات التي ـ كما يقول البعض ـ ذكرتنا بالانتخابات العربية (99.99%) لمرشح الرئاسة..!!
طالما أن الانتخابات سارت في جو ودي.. وفق الأنظمة واللوائح... فلا مجال للطعن.. أو التشكيك.. ولا نملك إلا أن نبارك للدكتور خالد المرزوقي.. بل وندعو له.. لأن رئاسة الأندية ليست ترفاً.. ولكنها مسئولية كبرى.. أعانه الله على حملها..!
لكنني سأخرج من هذه الانتخابات بحقائق ثلاث:
الأولى:
أن الانتخابات ظاهرة صحية.. وما جرى في نادي الاتحاد يجب الإشادة به.. كخطوة في الاتجاه الصحيح.. وكبداية.. وهي امتداد لما حصل في الاتحادات الرياضية واللجنة الأولمبية.. ومن قبل نادي القادسية.. والنادي الأهلي عندما اختار مرشحيه للاتحادات الرياضية.. وغيرها من الأندية.. وهي خطوة نتمنى أن تبرز أكثر.. وتصبح حاضرة في كل أنديتنا الرياضية.. ومع كل دورة رئاسية.
والمهم أن تنعكس ثقافة الانتخاب هذه على ثقافة الناخبين.. وتعاملهم مع الرئيس الجديد.. والقبول والرضا بالنتيجة.. كأمر واقع!
الثانية:
أستغرب أن نادياً كبيرا مثل الاتحاد.. بتاريخه وجماهيريته.. لا يتجاوز عدد أعضاء الجمعية العمومية مئة وثمانين شخصا!!
ربما ابتعد بعض الأعضاء عن الدخول في الترشيحات.. تسجيلا لموقف.. أو لأسباب أخرى.. لكن يظل العدد ضئيلا.. وهي حالة تنطبق حتى على بقية الأندية.. بل إنها تعتبر كبيرة وقياسية نسبة لأندية أخرى.. وفق المعايير التي تقوم عليها.!!
أتساءل.. عن المشجع العادي.. الذي يحترق في المدرج.. وخارج أسوار النادي.. وهو الأساس في بقاء النادي في دائرة الأضواء.. وهو الداعم الحقيقي له سواء بصورة مباشرة كحضور لقاءات وغيرها.. أو غير مباشرة بجلب استثمارات للنادي وفقا لفعالية هذه الجماهير واتساع قاعدتها.!
هذا النوع من الجماهير.. ألا يحق له أن يصل صوته.. وأن يشارك في صناعة القرار في ناديه.؟!
وهل يمكن البحث عن آلية لتحقيق ذلك..؟!
أعتقد أن الوقت أصبح الآن أكثر ملاءمة وحاجة لتقريب المسافة بين النادي وجماهيره.. وأن تكون هذه الجماهير على مقربة من صناعة القرار.. وما يدور في النادي.. لكي تكون أكثر قدرة وكفاءة على توصيل صوتها بحرية وحيادية بعيدا عن أية تأثيرات جانبية.. أو علاقات شخصية.!
الثالثة:
الذين تحفظوا على الانتخابات الاتحادية، أو اعترضوا عليها.. أو انسحبوا.. كان مصدرهم في ذلك التشكيك في نزاهة الانتخابات.. وفي شراء الأصوات!!
وأعتقد أن الخطأ ليس خطأ المرشحين.. بقدر ما هو خطأ النظام واللوائح.!
المرشح كلما وجد ثغرة في اللائحة.. سوف يستغلها لمصلحته ومن حقه هذا.. طالما أنه يسير وفق القانون.. وهي جزء من لعبة الانتخابات..!!
والخطأ الأكبر هو في إتاحة الفرصة لكل عضو بالتصويت طالما أنه قد سدد رسم اشتراك العضوية.. بغض النظر عن تاريخ التسديد وموعده.. حتى وإن كان قبل الانتخاب بثوان!!
هذا الخطأ كانت ترتكبه الغرف التجارية.. وكان يمثل ثغرة ومشكلة في انتخاباتها.. وتمت معالجته قبل عدة سنوات.!
ويفترض في رعاية الشباب أن تستفيد من هذه النقطة في لوائح الانتخابات والترشيح لمجالس الأندية.. بحيث يشترط أن يكون قد مضى على تسديد العضو لرسم الاشتراك ما لا يقل عن ستة أشهر.. حتى يصبح من حقه الإدلاء بصوته في الانتخابات.
مثل هذا الشرط.. لو تم تعميمه وتطبيقه مستقبلا سيكون له دوره وأثره في مصداقية الانتخابات ومن جانب آخر.. دعم الأندية.. باستمرار العضو في تجديد اشتراكه.!
الاتحاد.. ولجنة الاحتراف:
لم تكن الإدارة الاتحادية الجديدة بحاجة لأن تبدأ خطوتها الأولى مع النادي.. ومع جماهيره بصدمة وعجز عن التعاقد مع أي لاعب سواء كان محليا... أو دوليا.. بسبب التزامات مالية على النادي!
ولم يكن نادي الاتحاد بتاريخه وعراقته بحاجة لأن يدخل في صدام ومواجهة مع الجهات الرسمية و(كشف المستور)!
لم يكن الاتحاد بحاجة لهذه.. ولا تلك، لو كانت هناك قيادة حكيمة للنادي.. ووفاق بين أعضاء الشرف.. والأسرة الاتحادية.. والأمر هنا.. لا مجال فيه للتشكيك!! وإلصاق التهم..!! أو التهرب من المسؤولية.
فالبيان صادر من جهة رسمية (لجنة الاحتراف).. وهي تابعة لاتحاد كرة القدم.!!
وهو يتحدث باسم الاتحاد.. ويستند على بعض خطابات رئيس الاتحاد.. ومسؤول الرياضة الأول الأمير سلطان بن فهد.. ولا أعتقد أن هناك مجالا لتوظيف اسمه ومنصبه في موقف كهذا!! بقدر ما هي حقائق وجدت اللجنة نفسها أمامها!
ومن خلال البيان.. الذي أشار إلى أن الالتزامات المالية للنادي تجاه جهات محلية وأجنبية يتجاوز 18 مليون ريال بسبب تعاقدات.. وتأخير حقوق.. تأكد أن الأمير سلطان خاطب الاتحاديين كرئيس لاتحاد القدم، وأن الرد الاتحادي جاء بعد خمسين يوما.. وكان رداً باهتاً.. لا وضوح فيه ولا تجاوب!!
هذا النوع من التعامل مع الرئيس لأعلى سلطة رياضية... ماذا يمكن أن نسميه؟!
ولجنة الاحتراف ممثلة في رئيسها د. صالح بن ناصر ونائبه أ. أحمد عيد بذلت جهودا كبيرة مع الاتحاد الدولي لكرة القدم ـ كما يعرف الجميع ـ وتم الإعلان عن بعضها في حينه لحل إشكالات بعض الأندية السعودية.. هناك.. وقام اتحاد كرة القدم بتسديد بعض الالتزامات نيابة عن الأندية حفاظا على سمعة الكرة السعودية.. وامتثلت بعض الأندية بالفعل.. والمشاكل المرتبطة بنادي الاتحاد.. والمعلن عنها ليست الوحيدة على النادي.. فقد تم حل كثير منها.. وهذه قضايا مستجدة..!!
ولم يكن النادي في حاجة لإثارتها.
ولم تكن اللجنة أيضا في حاجة لذلك.. رغم ما تواجهه من نقد من الإعلام وأطراف أخرى.. وأن الصمت هو سبب التمادي.
لكن اللجنة اضطرت عندما وجدت نفسها في تحد صارخ من مسؤول اتحادي.. يطالبها بالإعلان ويبرئ ساحة الاتحاد!!
والغريب
كيف يقبل شخص ما.. (أي شخص) أن يترشح لرئاسة ناد.. وهو يعلم أن عليه مثل هذه الالتزامات التي ستمثل حجر عثرة في طريق عمله؟!
وإذا كان لا يعلم شيئا عن ذلك.. فإن المصيبة أعظم.. لأنها لا تتعدى أحد حالين:
ـ إما..
أنه لا يعلم عنها.. وبالتالي كيف يترشح لرئاسة ناد.. لا يعلم عن أوضاعه المالية.. والتزاماته.. وهي الأمر الأكثر أهمية.!
ـ أو..
أنه تم إخفاؤها عنه.. وتضليله..!!
وهذه مشكلة أكبر.!!
وفي كلا الحالين يتحمل هو مسؤولية كبرى في مثل هذا الموقف.. الذي ربما أنه وجد نفسه فيه فجأة.. أو تم وضعه فيه مع وعد بتجاوزه!!
والغريب أيضاً:
يتعلق برئيس النادي الذي انتهت مدة تكليفه.. ومن ناحيتين:
ـ الأولى:
أنه أعلن ذات مرة أن مصاريف النادي خلال الموسم الماضي قاربت المئتي مليون ريال..!!
هنا لن أسأل كغيري أين ذهبت؟! لكنني أتساءل إن نادياً يصرف مثل هذه المبالغ.. هل يعجز عن صرف ما يعادل عشرة بالمئة منها على التزامات تمس سمعة النادي وسمعة الوطن ومستقبل النادي؟
ـ الثانية:
أنه أعلن أن عجز الميزانية (الديون) فقط ثلاثة ملايين ريال.. أو أكثر بقليل!!
هل يعني هذا.. أنه هو الآخر لا يعلم شيئا عن الـ18 مليوناً.. والتزامات النادي؟
أم أنه يعلم؟!
وهنا.. لماذا لم يذكرها..؟!
وكيف تم إقرار الجمعية العمومية.. وتبرئة ذمة مجلس الإدارة.. وكيف وافق مندوب رعاية الشباب على الميزانية إذا لم يكن مذكورا فيها هذا العجز؟!
وإذا كان مذكورا.. فلماذا لم يعلن؟!
هذا هو السؤال؟!!
الاتحاد.. أيها السادة:
ناد كبير.. وناد عريق.. وهو عميد الأندية السعودية..!
الاتحاد.. أحد الأندية التي تقود الكرة السعودية عالميا.. وأبرزها.. وهو في هذا الموسم.. ممثلنا الوحيد في بطولة الأندية الآسيوية.. ونأمل منه الوصول إلى العالمية.. وناد بهذا الاسم.. وهذه المكانة.. لا نرضى أبدا أن يكون مجالا للعبة الإعلامية.!!
وأن لا يكون مجالا لتصفية الحسابات.
ولا عرضة للآخرين.. من الداخل أو الخارج للتقليل من مكانته والنيل منه!!
وما ينطبق على الاتحاد.. ينطبق أيضا على الأهلي والهلال والشباب والنصر والاتفاق.. وغيرها من أنديتنا الكبيرة.. التي يجب أن تبقى كبيرة بأسمائها.. وعطاءاتها.!
الاتحاد..
بحاجة إلى كلمة سواء بين أعضائه ليظل الاتحاد اسما على مسمى.. وعميدا حقيقيا ومثالا يحتذى به.
والزمن..
هو زمن الاحتراف.
والاحتراف..
ثقافة.. وفكر.. قبل أن يكون ممارسة!!
وإذا كنا داخل عصر الاحتراف الحقيقي.!
وأصبح لدينا هيئة لدوري المحترفين؟!!
وأصبح لدينا (دوري محترفين)..
وبدأ هذا الدوري يأخذ أبعاده الحقيقية ويسير في هذا العالم..
فإما أن تكون أنديتنا جزءا من هذا العالم!!
أو لا تكون.!!
والله من وراء القصد.