2009-04-14 | 18:00 مقالات

المختصر المفيد.. في سيرة العميد

مشاركة الخبر      

عندما وصل التنافس بين الاتحاد والهلال أشده على صدارة دوري المحترفين، وهما الفريقان اللذان قادا المسيرة طوال الدوري، وتحديدا بعد تعادل الهلال مع الشباب وفوز الاتحاد على الاتفاق.. لاحت في الأفق بعض بوادر البطولة، وارتفعت معنوية الاتحاديين، وأصبح الاتحاد قاب قوس أو أدنى منها من قبل نهاية الدوري بثلاث جولات إذ أصبح ذلك مرتبطا بتعادل الهلال واستمرارية فوز الاتحاد خاصة وأن مسيرة الهلال فيما تبقى هي الأصعب.
في هذا التوقيت كان كل اتحادي يتمنى تعادل الهلال وحسم البطولة مبكراً لصالحه لأنه يدرك أن تأجيل الحسم إلى مباراة الفريقين يمثل عبئا كبيراً على الفريق الاتحادي، ومصدر قلق لهم عطفا على أمور كثيرة يدركها المتابعون والمحللون والاتحاديون أنفسهم!!
وهذا أمر طبيعي..
وهو حال الهلاليين الذين كانوا يمنون النفس بخسارة اتحادية تدفع بهم للصدارة، وهي حال أي فريق يصل لمرحلة كهذه!!
لكن فوز الاتحاد بالبطولة بهذه الصورة ووفق هذا السيناريو جعل الاتحاديين يرفعون أيديهم لله حمداً وشكراً على أن الحسم تأجل..!!
فقد تغير طعمها..!!
واختلف مذاقها..!!
وأصبحت لها نكهة خاصة..!!
فرق بين..
أن تأخذها بيمينك..!!
ومن أمام فريق بطل..!!
وفي مباراة رد اعتبار..!! أو بالأحرى بطولة رد الاعتبار..!!
أن تسعى إليها.. بجدك.. وجهدك.. وعرقك..!!
ـ وبين..
أن تأخذها من أيسر الطرق..
أو أمام فريق لا يرتقي إلى مستوى المنافسة..!!
أو أن تسعى إليك محمولة.. ومغلفة بجهد الآخرين..!!
كلاهما بطولة..!!
وبجدارة أيضاً..!!
والطريقة لا تقلل من أحقية البطل!!
فالبطل هو من يجمع أكبر رصيد من النقاط!!
والدوري طويل..!!
والفرص متكافئة..
لكن..
الفرق في كيفية الحصول عليها..!!
لأن..
النتيجة في النهاية واحدة..!!
واسألوا...
كل اتحادي.. فلديه الخبر الأكيد.!!
واسألوا..
الذي صنع الفرق.. فهو العميد!!
ـ ألم يكن عنترة العبسي يثني على قوة خصمه.. ويسرف في مديحه.. ثم يتفنن في وصف ذاته.. وكيفية تعامله مع هذا الخصم.. وإسقاطه..!!
لأنه.. يدرك أن الفخر في قدرتك على إسقاط الأقوياء..!!
وليس الانتصار على الضعفاء..!!
ـ وهكذا..
كان الاتحاد مع الهلال..!!
وهكذا..
كان العميد مع الزعيم!!
والاتحاد.. يدرك أن الهلال لم يكن ذلك الخصم المتواضع..!! وأنه حاول أن يصنع منه ذلك البطل (الصوري) ليحقق من خلال ذاته..
والعميد.. يدرك أن الزعيم.. لم ينل هذا اللقب.. إهداء..!!
أو.. على طريقة (الشهادات العليا) التي انتشرت هذه الأيام!!
وإنما..ناله.. عبر تاريخ عريق من الحضور الدائم في ساحات المنافسة.. وميادين البطولة متفرداً فيها بالألقاب أرقاماً.. وأوصافا..!!

ومن هنا..
لم ينتصر الاتحاد.. على الهلال فقط..!!
فقد انتصر على التاريخ..
وعلى الزعامة..
وعلى قاعدة جماهيرية عريضة.. أبكاها الاتحاد.. في لحظة كانت تنتظر فيها زف عريسها إلى منصة الفرح..!!
وإذا كان الانتصار الاتحادي على الهلال أمس الأول.. هو الذي منحه اللقب..!!
فإن ما يجب أن يدركه الجميع.. أن هذا الانتصار.. وإن أضفى على اللقب نكهة خاصة.. فإنه لم يكن السبب في صياغة البطولة ورسم الطريق لها.. بقدر ما كان نهاية الطريق.. والمنعطف نحو منصة التتويج.!!
وهو وإن كان منعطفاً هاماً.. لو لم يتجاوزه الاتحاديون.. لانتظروا على قارعته يندبون حظهم.. ويبكون جهدهم.. إلا أنه كان يمثل (ختام مسك).. أو يمكن اعتباره كذلك. لعطاء امتد على مدى أشهر.. وبناء مر عبر سنوات..!!
الاتحاد..
لم يتجاوز الهلال فقط.. حتى يصل منصة التتويج.. لكنه تجاوز آخرين دخلوا ساحة الصراع والمنافسة.. وبعضهم كان لا يقل طموحا ورغبة..!!
والذي تابع سيرة الاتحاد.. طوال هذا الدوري يدرك أنه وضع له استراتيجية واضحة لتحقيق هدفه..
ورسم خارطة طريق محددة المعالم للوصول إلى ذلك الهدف..!!
وظل قائداً للفرق.. طوال هذه الطريق.. قادراً على توزيع جهده ولياقته.. مما يعني ثقته بنفسه وإمكاناته.!!
لعب الاتحاد 18 جولة.. لم يخسر فيها.. وإن تعادل في أربع منها!!
كانت خسارته الأولى في الجولة 19 أمام الأهلي وهو الذي انتصر عليه في الدور الأول وبنفس النتيجة ((2ـ1)..!!
وكانت الخسارة الوحيدة..!!
وكانت بمثابة جرس الإنذار..!!
الذي أدرك من خلاله الاتحاديون خطورة الموقف!!
بعدها..
لعب الاتحاد أربع جولات قبل الحسم (بعضها مؤجل).. انتصر فيها جميعاً.. وبنتائج توحي بانتفاضة المدرك لوقوع الخطر.. حيث سجل أربعة عشر هدفاً وفي فرق ليست سهلة: الشباب، الاتفاق، الوحدة، نجران..!!
والاتحاد..
بفوزه الأخير جمع 55 نقطة من أصل 66.. مبتعداً عن أقرب منافسيه (الهلال) بخمس نقاط.!!
والاتحاد..
سجل 57 هدفاً.. خلال مسيرته في الدوري بمعدل 2.6 هدفاً في كل مباراة.! وبفارق 16 هدفاً عن أقرب منافسيه (الهلال سجل 41 هدفاً بمعدل أقل من هدفين في المباراة الواحدة)..
وعندما أطرح هذه الأرقام..
وهي أرقام منشورة..!!
وهي معلومات موثقة..!!
والجميع يدركها..!!
فإنني لا أطرحها من باب السرد المعلوماتي بقدر ما استند إليها.. وأدعو لذلك.. للتأكيد على جدارة الاتحاد بهذه البطولة.. وجدارة هذه البطولة بالاتحاد..
كان الاتحاد.. طوال الدوري.. معيناً لا ينضب من العطاء..
وحركة لا تهدأ من الأداء..!!
كان العنوان الأبرز في كل الصفحات..!!
والنجم المضيء.. في كل القنوات..!!
كان دائماً..
في صدارة العناوين..!!
وواجهة الأحداث..!!
ولهذا..
لم يكن غريباً..
ولا مستغرباً..
أن يقفز إلى الواجهة في يوم التتويج!!
ـ وهكذا هو الاتحاد..
طوال تاريخه..
وعبر مسيرته..!!
حضوره مدهش..!
وغيابه يرسم علامة استفهام.!!
والحضور الذي أعنيه هنا.. والغياب..
لا يعني حضور اللحظة..!!
ولا غياب المناسبة..!!
لكنه..
الحضور بمختلف أطيافه..!
والغياب باختلاف مدده.!!
فالاتحاد.. أيها السادة..!!
أو العميد.. سموه ما شئتم..!!
لا فرق.!
فالاتحاد مفخرة..!!
والعمادة.. شرف..!!
وكلاهما لقب.. أو وصف لتاريخ عريق.. وحاضر زاهر..!
ومعين من العطاء لا ينضب.!!
وسيرة تستحق الدراسة..!!
وعبرة لمن أراد أن يعتبر.!!
ـ والذين يعرفون الشأن الاتحادي..!!
والمنصفون.. لتاريخنا الرياضي..!!
يدركون.. كيف كان الاتحاد..؟!
وكيف أصبح..؟!
وبين (كان) و (أصبح). هناك العديد من (الأفعال الناسخة).. و(حروف الجر).. و(ظروف الزمان والمكان).. و(علامات التعجب والاستفهام..)!!
ـ لكن..
الفرق العريقة.. والتي تملك القاعدة الصلبة.. والأصول الثابتة.. هي التي لا تتأثر بالأزمات..!! أو بالأحرى.. لا تسقطها الأزمات ولا تعلن إفلاسها..!! وتخرج من الميدان.!!
هي التي تحني رأسها حتى تمر العاصفة بدلاً من مواجهتها.!!
وهي التي تعيد ترتيب أوراقها!! بعد هدوئها!! وهي التي تعرف كيف تتعامل مع الظروف والأحداث..!!
والاتحاد.. هو أحد هذه الفرق التي أجادت التعامل مع كل الظروف.. وتجيده.!!
عشرين عاماً..
عقدان من الزمان..
بعد أن فاز الاتحاد بكأس الملك عام 1387 هـ 1967.. (سار فيها على الدرب).. لكن (الدرب ظل مجهولاً)..
إلى أن عاد بعدها.. إلى البطولة ذاتها!!
بعد سنوات.. فقد فيها البوصلة.. وكاد أن يفقد الهوية..!! لولا أصالة الهوية.. وقوة معدنها..!! وحب الاتحاديين لاتحادهم.. وحرصهم عليه!! والسعي لإعادته.. عبر خارطة طريق بدأها الأمير طلال بن منصور مع بداية الدوري الممتاز.. وأثمرت عن بطولة الدوري المشترك عام 1402هـ 1982م التي اعتمدت فيها بعد بطولة دوري.
ثم مرحلة التنظيمات مع عهد الدكتور عبدالفتاح ناظر يرحمه الله.
ثم مراحل من البناء.. والحصاد حتى أصبح الاتحاد في العقد الأخير.. رقما ثابتا.. وصعباً لاعلى الصعيد المحلي فقط.!! وإنما تجاوزه إلى القاري.. والعالمي.!!
قبل حوالي عشر سنوات.. وعندما فاز الاتحاد في عهد طلعت لامي بالثلاثية (بطولات الموسم الثلاث).. كأول فريق يحققها.. كتبت مقالاً تحت عنوان (هاؤم اقرأوا تاريخي).. مشيراً فيه إلى أن تلك البطولات.. لم تكن وليد المصادفة.. أو الحظ.. بقدر ما كانت نتيجة العمل الجاد!!
واليوم..
أكرر ما قلت.. إن ما يتحقق للاتحاد.. لا يمكن أن يكون نتاج عمل موسمي فقط..!! بقدر ما هو تاريخ من العمل البناء والعطاء المثمر.. من الاتحاديين على مختلف أطيافهم ومواقعهم..!!
وبالتالي..
فإن النجاح الاتحادي.. ليس في هذه البطولة فقط..!! وهي بطولة مشرفة ومستحقة.. ولكنه في هذا الحضور الدائم في ساحة المنافسة.. وميادين البطولة.
والله من وراء القصد