هل نقول خيرا .. أم نصمت؟
وضعت دورة الخليج أوزارها..!!
ومضى كل إلى غايته..!!
هدأت الزوبعة..!!
طارت النشوة.. والأفعال.. وردود الأفعال!! وحضرت الفكرة.. بعد الهدوء.. وراحة البال..!! بعد أن أشبعنا المنتخب.. بكل أطرافه وأطيافه قدحاً.. وردحاً..!!
هدأت الأنفس..
وسكنت الأقلام..
كما هي فورة الحليب.!! وزوبعة الفنجان.!!
ولحسن الحظ..
أن عودة الركض في مباريات الدوري جاءت بعد ساعات من نهاية الدورة..!!
ورغم ما في ذلك من سلبية رآها البعض.. إلا أن تحول الأنظار إليها كان من أبرز الإيجابيات!!
وجاءت مباراتا الديربي.. ودخول الدوري مراحل الحسم لتضيف بعداً آخر.. وصرفا آخر للأنظار.. مما منح المنتخب وأجهزته الإدارية والفنية راحة نفسية.. كانت فرصة لالتقاط الأنفاس.. ومراجعة النفس!!
مع نهاية هذا الأسبوع يدخل منتخبنا معسكره التدريبي استعداداً لمباراته المقبلة ضمن تصفيات كأس العالم عن قارة آسيا.. وذلك بعد أسبوعين من الآن.. أمام كوريا الشمالية وعلى أرضها.!!
هذه المباراة تحمل من الأهمية الشيء الكثير.. فهي تأتي بعد دورة الخليج.. وما صاحبها من أفعال وردود أفعال وأحداث، لا على صعيد النتائج التي تعتبر طبيعية وفي نظري أنها كانت جيدة.. ولكن على مستوى الإعلام والطروحات التي تمت من خلاله.. وتأثيرها على الشارع الرياضي.. وانعكاس ذلك على المنتخب..!!
هذا.. أولاً..
وثانياً:
أنها تمثل منعطفا هاماً في مسيرتنا في تصفيات كأس العالم.. وربما مفترق طرق..!! وأكثر محطات هذه المسيرة أهمية حتى الآن.. إذ إن الفوز بها يعني كسر الكثير من الحواجز الفنية والنفسية.. وتجاوز خطوة هامة في هذه المرحلة..!!
ومن هنا.. تكمن أهمية المرحلة المقبلة.. وكيفية الإعداد لها.. والتعامل معها!! على كافة المستويات الإدارية.. الفنية.. والإعلامية..!
على المستوى الإداري..
جاء اجتماع الأمير سلطان بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب ورئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم بمدرب المنتخب ناصر الجوهر ومديره فهد المصيبيح وتجديد الثقة بهم خطوة في الاتجاه الصحيح.!! وهي خطوة منطقية.. لا توجد خطوات أخرى غيرها..!!
وأجزم أن الحديث لم يكن فقط عن تجديد الثقة بقدر ما تعدى ذلك إلى نوع من التحصين والدعم المعنوي لتجاوز المرحلة السابقة وما صاحبها من خروج عن النص في التعامل مع المنتخب وأدائه في دورة الخليج!
وعلى المستوى الفني
فإن الاستقرار يمثل عاملاً مهما في هذا الجانب والفريق خرج لتوه من دورة الخليج.. التي كانت بمثابة الإعداد له.. وبدا أكثر انسجاما ووحدة.. واستمرار الجهاز الفني يدعم هذا الجانب.. خاصة وأنه الذي بدأ معه تصفيات كأس العالم.. والأكثر قدرة على التعامل معها.. وفهماً لأطرافها..!!
وجاء خروج اللاعبين.. ومشاركتهم أنديتهم مباريات الدوري بمثابة (تغيير الجو).. والعودة بروح جديدة.. ونفسية أكثر ارتياحاً وهدوءا لبدء المرحلة المقبلة.
كل هذه الأمور.. ساهمت في طي دورة الخليج.. وتجاوزها..!
وبقي الدور الأهم.. وهو دور الإعلام!!
وكيفية تعامله مع المرحلة المقبلة؟!
وهل يستطيع هو الآخر طي دورة الخليج..؟!
بكل ما تحمله كلمة الطي من معنى.؟!
هل يستطيع هذا الإعلام أن يتحرك.. ويعمل للمرحلة المقبلة بعيداً عن تأثيرات دورة الخليج.. وترسبات دورة الخليج؟!!
هل نقول خيراً..؟!
أم نصمت.؟!
وما الخير الذي نقوله؟! وما حدوده؟!
أم أن الخير هنا عملية نسبية؟! كل يراه وفق منظوره الشخصي ورؤاه الشخصية؟!
هل يتحول إعلام دورة الخليج.. وعندما أقول (إعلام دورة الخليج).. فإنني لا أعني الكل.. بقدر ما هو نوع من تغليب العموم..!!
أقول ..
هل يتحول هذا الإعلام بمقدار 180 درجة.؟!
وهنا تكمن الخطورة!!
وقد لاحت بعض هذه التحولات لدى البعض.!!
إن المنتخب.. والمسؤول أيضاً بقدر ما يطرب للمبدع.. ويرتاح للثناء..خاصة عندما يستحقه ويكون في محله.. وهي طبيعة النفس البشرية.. بل وواجب القادر على منحه.. فإنه في الوقت نفسه يحتاج للرأي الصادق الذي ينير له بصيرته.. ويعينه على تلمس دربه.!!
إن أي بناء لا يخلو من الأخطاء.. حتى وإن كان في مرحلة التشطيبات النهائية.!!
وأي عمل.. لا يخلو منها.. وإن كان في مرحلة قطف الثمار..!!
لكن التعامل مع هذه الأخطاء في مرحلة كهذه يحتاج إلى نوع من الدقة والبراعة في التعامل..!!
فالمرحلة لا تحتمل هدم البناء.. وإعادة تأسيسه بقدر ما تحتاج إلى فن التعامل في معالجة الأخطاء..!!
والمنتخب.. أحوج ما يكون في المرحلة المقبلة.. إلى الدعم المعنوي.. وإلى الرأي الصادق..!!
بحاجة إلى رفع روحه المعنوية..!!
رفع الروح المعنوية.. لا يعني الثناء الذي يعمي بصريته.!!
وبحاجة إلى.. النقد البناء..
النقد الذي لا يهوي بمؤشره إلى نقطة الصفر.!!
وبينهما.. خيط رفيع.. تنتظم فيه حبيبات من لؤلؤ.. هي مزيج من هذه وتلك تشكل عقدا ثميناً يجب المحافظة عليه.!! نساهم جميعاً في نظمه وتشكيله.!!
ومن الشجاعة.. أن يبتعد من لا يستطيع نظمه والمساهمة فيه بإيجابية.!!
والله من وراء القصد.
الحكام الأجانب
(والهدف التسلل)!
لم تخلُ مباراتا الديربي (النصر والهلال) و(الأهلي والاتحاد) مساء الجمعة والسبت الماضيين من أخطاء تحكيمية لا تقل فداحة عن أخطاء بعض حكامنا الوطنيين بل ربما تجاوزت ذلك.. لكنها خلت من ردود أفعال الإداريين.. وبعض الإعلاميين تجاه الحكام.. والتي تعودناها مع حكامنا الوطنيين.. في أخطاء مشابهة، بل وفي تفسير وتأويل بعض القرارات الصحيحة.. إلى قرارات خاطئة.. وفقاً لرؤية هؤلاء.. وتحقيقاً لتطلعات معينة..!!
لن نتحدث عن أسباب ذلك.. فهي معروفة، وقد سبق لي التطرق إليها، وإن كان من أبرزها عدم الجرأة، وإدراك أبعاد هذه التصاريح.!!
لكنني سأتطرق إلى نواح أخرى.. أكثر أهمية في نظري.
بداية سأشير هنا بإيجاز إلى أبرز هذه الأخطاء وهي أخطاء لا أتبناها من وجهة نظر شخصية.. بقدر ما أجمع عليها المحللون التحكيميون في وسائل الإعلام المختلفة.
ـ في مباراة النصر والهلال.. أخطأ الحكم في عدم طرد لاعبين اثنين من فريق النصر لارتكابهما أخطاء متعمدة تستدعي ذلك.
ـ وفي مباراة الأهلي والاتحاد أخطأ الحكم أيضا في عدم طرد مدافع الاتحاد رضا تكر بعد أن احتسب عليه ضربة جزاء في الدقيقة 30 من الشوط الأول.
كما أخطأ في عدم احتساب ركلة جزاء للاتحاد في شوط المباراة الثاني.!
وإذا كنا نقول إن ضربات الجزاء.. أو حجم الخطأ.. ومقدار العقوبة المستحقة عليه تخضع لتقدير الحكم.. وهي أمور قد يستند إليها بعض الحكام للهروب من أخطائهم.. رغم عدم القناعة بالمبرر في بعض الأحيان إلا أن عدم طرد حكم مباراة الأهلي والاتحاد للمدافع رضا تكر وعدم احتسابه ضربة جزاء للاتحاد.. لا يمكن أن تدخل في هذا الإطار وإنما تتجاوزه إلى (لا اجتهاد فيما نص عليه القانون) خاصة وأنها وقعت أمام ناظريه.. ومن زاوية رؤية واضحة وعن قرب.. وهذا ما يخرجها عن دائرة الاجتهاد.. وربما يدخل بها إلى دوائر أخرى.!
في ضربة الجزاء المحتسبة.. هناك إقرار بنوعية الخطأ وحجمه، وبالتالي كان المفترض إشهار البطاقة الحمراء لتكر.. أو على الأقل (البطاقة الصفراء الثانية).. وهي تعني الطرد..!! لكنه اكتفى بضربة الجزاء.. مراعيا جوانب أخرى وظاناً تقدم الأهلي بالضربة... إلخ!!
وفي ظني لو أنه لم يحتسب ضربة الجزاء نهائيا لكان وقع الخطأ عليه وتقويمه أخف وطأً.. إذ ربما وجد في التقدير الشخصي مخرجاً له.!! لكنه لم يكن جريئا بما فيه الكفاية. بدليل عدم احتسابه ضربة الجزاء الثانية والتي كانت لمصلحة الاتحاد..! وهذا ما أوقعه في أخطاء تراكمية أثرت على مستوى تقييم أدائه في المباراة.!!
وهي أخطاء لا يقع فيها حكم يتقلد الشارة الدولية ناهيك عن خبرة تمتد إلى ثمان سنوات (كدولي).. وإدارة العديد من المباريات الدولية الهامة.
ولحسن حظه أن المباراة سارت طبيعية.. ووفق المفترض.. وأعني جدارة الفائز وأحقيته بالفوز.. بناء على أداء الفريقين.
هذه الأخطاء ليست الأولى ولن تكون الأخيرة سواء نظرنا إليها على أنها جزء من اللعبة.. أو لأسباب أخرى..!! وقد شهدت كثير من المباريات في مواسم سابقة والتي أدارها حكام أجانب العديد من الأخطاء الكبيرة والمؤثرة.
هذه الأخطاء.. خاصة الواضحة منها.. والتي لا تقبل التأويل لا تخرج ـ في نظري - عن أحد أمرين:
ـ الأول:
إما أن هؤلاء الحكام ينظرون إلينا من علٍ!! وبنظرة دونية.. لمستوى الكرة السعودية والدوري المحلي وبناء عليه يدخل المباراة دون تحضير مسبق أو بلغة أخرى إعداد.. وذلك بوضع كل الاحتمالات.. وما يجب أن يكون..!! وأننا سنتقبل قراراته أيا كانت.. وسنقتنع بها طالما أننا وضعنا كل ثقتنا فيه.. ولجأنا إليه.!!
ـ الثاني:
أو أن هؤلاء (دخلوا اللعبة!!) وأعني النظر إلى المباراة من زوايا أخرى.. ومراعاة حساسية القرارات وردود الفعل والتأثر بما يدور حولها.. من خلال معلومات معينة تصلهم عبر المرافقين لهم.. سواء كان عن حسن نية.. أو غير ذلك.. بهدف وضع الحكم في الصورة وإعطائه الفكرة كاملة!! في حين يفترض دخول الحكم إلى المباراة دون ضغوط.. أو مؤثرات أخرى، لضمان حياديته وسلامة قراراته!
وسواء كانت الأولى.. أو الثانية وخاصة الأخيرة.. فإن الهدف الذي من أجله يحضر هؤلاء الحكام.. أو بعضهم.. لم يتحقق.!! وربما كان تسللاً..!!
على أنهم وفي كل الأحوال.. يمكن تصنيفهم ضمن قاعدة.. أخف الضررين.!!