فوبيا الحياد
ـ نجتهد ونحاول في أن تكون أقلامنا أكثر ميلا للحياد، لكننا في النهاية لانجد من بعد الجهد والمحاولة سوى الشتم والسب والاتهام، ففي هذا المجال الرياضي الواسع إما أن تكون متعصبا تنافح من أجل فريقك المفضل وتعادي منافسيه، وإما أن تبقى على الحياد فتتحمل تبعات ذلك من قدح وردح.
ـ الكثير من المفاهيم اختلطت مع بعضها وبالتالي فالعاقل لم يعد يملك المقدرة على التفريق بين إعلام المهنة الصحيح وبين إعلام المدرجات ذلك أن الهرم في هذا الاتجاه بات مقلوبا (المتشنج) بطرحه التعصبي (بطل) والمحايد الذي يسير بنضج المفردة ورقيها وعدالتها (فاشل) وهكذا دواليك.
ـ رياضتنا تبدلت وتغيرت، تبدلت من روح المنافسة إلى روح العدائية وتغيرت صورتها من روح الوعي والمثالية والأخلاق إلى روح السب والشتم والتجاوز، فالكل هنا إلا من رحم الله أضحى يتعاطى هذه الرياضة مستخدما عبارات مفخخة تؤجج هنا وتشعل فتيل الصراع التعصبي هناك دونما نجد لمثل هذا الحال الذي سئمنا التعايش معه جهات رقابية تقول إلى هنا وتوقفوا.
ـ في المدرجات متعصبون لكنهم لم يصلوا بعد لدرجة المتعصبين في بعض وسائل الإعلام وهنا بصراحة تكمن المأساة، ففي الوقت الذي يفترض أن يكون فيه الإعلام ثابتا بالطرح المتزن هاهي المشاهد تأتي إلينا في كل موسم لتؤكد لنا العكس وأعني بهذا العكس ذاك الإعلام (المتعصب) الذي أوجد لنفسه إطارا يتنفس من خلاله الإثارة المبتذلة والإصرار عليها.
ـ إلى متى ونحن نعاني داء التعصب؟ هل من حل؟ هل ستنتهي المعضلة؟
ـ كل هذه الأسئلة تتداول بين أوساط الرياضيين ما عدا هؤلاء، فالذين أصبحوا ممثلين لأنديتهم المفضلة عبر وسائل التلفزة والصحافة لا يزالوا أكثر صمودا هذا يسيء وذاك يشتم والثالث بعد أن يدمج الشتم بالإساءة يذهب إلى حيث يقطن البقية لكي يسمع عبارات الثناء كون (شجاعته) في (قلة الأدب) شوهت صورة المنافس وساهمت في تغذية التعصب المقيت الذي كاد أن يموت.
ـ رفقا بعقولنا ياهؤلاء، واعلموا أن الحياد في الإعلام سمة تنصف حاملها لا كما تعتقدون بأنه (انبطاحية) و( مجاملة) و(انحياز) مفتعل.
ـ كرة القدم ياسادة يا كرام جميلة حين تتسم بمثالية التشجيع والنقل الإعلامي المنصف والمحايد، لكنها قد تبدو أكثر تشويها وقبحا عندما تتحول ميادينها إلى ردح وقدح وشتم وتجاوز، فدعونا نهتم بالأولى ودعونا نقفز عن الثانية.. وسلامتكم.