(تاجر الموتى)
هي ليست رواية على غرار « تاجر البندقية « وحتى وإن كان « ويليام شكسبير « رمزاً في مسرحيته إلى أحداث ربما تكون من نسج خياله لكن لها صلة بالواقع، حيث استندت على حب المال والسعي لكسبه بشتى الطرق وممارسة الانتهازية في كل خطواته واللعب على وتر القيم الإنسانية ودغدغة مشاعر الآخرين هكذا ما كان في « تاجر البندقية « وهذا ما حدث مع « تاجر الموتى « وكلا البطلين يتميزان بخبث كبير في الطبائع والوسائل والتفكير والفارق الزمني والمكاني بينهما، آنذاك تواجد بطل الأولى قبل ما يقارب من خمسة قرون وفي مدينة البندقية بإيطاليا، في حين أن بطلنا في هاءات اليوم يتواجد بيننا زمانا ومكانا، وإن كان يتنقل بالقرب منّا ولايعرف له اسم معيّن لدرجة بات يشك الواحد بأن هذا الشخص يحمل معه في كل تنقلاته « مصباح علاء الدين السحري « أو يتخفى ب « طاقية الإخفاء «، فقد ظهر في ساحتنا فجأة وبلا مقدمات بل وبسرعة فائقة وخطرة وكأنه « قطار الشرق السريع « حتى ولو لم يحتج لقضبان ليسير عليها، هدفه واضح وصريح « جمع المال «، ووسائله متعددة وغريبة ومتشعبة، ولديه قدرة عجيبة على اختراق القوانين وعلى المراوغة والتحايل، ولديه قدرة على الإقناع حتى أنه يستطيع أن يجعل من « الفسيخ شربات «، ولأننا ساحة « تقليد أعمى « رحبنا به دون أن نسأل أنفسنا « من هذا ؟ وماذا يريد ؟ والغريب أننا تركناه يتنقل من مقر إلى مقر آخر ومن مائدة شهية إلى وليمة أشهى، وتستمر الحياة ويستمر التلاعب بنا حتى في المشاعر باتجاه الموتى في مشهد هزلي مضحك مبكي يشبه إلى حدّ بعيد أولئك الذين وضعوا مخططاً لأراض سكنية فوق مجموعة من « الزلط « بعد انتهاء مراسم دفن الميّت وقبل العزاء في المقبرة، ويكفي للدلالة على سذاجتنا أنه يدعونا لاحتفالاته ويقنعنا بأننا ضيوف، وبعد فترة نكتشف أننا سددنا « الفاتورة « بطريقة مختلفة، لكننا في النهاية من تحمل أعباء السفر والمشقة ونحن أيضا من سدد الفاتورة، والغريب أيضا أنه يحضر بين الفينة والأخرى بشكل واحد لكن بأسماء مختلفة، والأغرب من ذلك أننا نناديه بالاسم الذي يقرره هو ولا نغلط حتى من باب السهو بالاسم القديم، فقد غسل عقولنا بالحلاوة من طرف اللسان ولم نشاهد مراوغة الثعلب التي يتقنها. الهاء الرابعة كل ما يطق الليل شبّاك جفني يطيح من بين السهر حلم وأحباب وما يورق بفصل الشتاء غير غصني لا صار ماينبت بهالجذع غيّاب البارحة حمول السهر هدّ متني ورميت كل البارحة من ورى الباب