" لماذا الفتح ؟ "
في الأدب الإسباني هناك قصة قصيرة لكنها ذات معان كثيرة وهي تقول إنه في إحدى القواعد العسكرية يوجد كرسي مميز من التقاليد السائدة أن يقف بجواره عسكريا يمارس " الخفارة " وظل هذا التقليد لسنوات طويلة دون أن يعرف السبب ما أن تنتهي " وردية " إلا وتبدأ الأخرى لأكثر من ربع قرن وفي يوم من الأيام تعيّن في القاعدة ضابطا جديدا وشابا وبعد أيام بسيطة لفت انتباهه الكرسي صاحب الحراسة فِأخذ يسأل عن سبب هذا التميّز الغريب وهل هناك قصة معينة أو حدث تاريخي كسبب مباشر لهذا التقليد العريق ولكن كل أسئلته لم تجد الجواب الشافي لكنه علم أن هذا التقليد قد بدأ تقريبا قبل خمسة وعشرين عاما فتفّرغ للبحث في الملفات القديمة لعله يجد شيئا يزيل هذه الطلاسم الغامضة وكانت المفاجأة المذهلة بعد بحث مضن ففي يوم من ذلك التاريخ أعيد طلاء الكرسي بعد أن أحرقت الشمس لونه وجعلته باهتا وحتى لا يجلس الناس على الكرسي فتتسخ ملابسهم بالطلاء فأمر الضابط المناوب عسكريا بالوقوف بجواره حتى يمنعهم وحين انتهت فترة دوامه وحضر ضابط آخر استمر في فرض " الخفارة " حتى أصبحت تقليدا مع مرور السنون هذه القصة تنطبق على ساحتنا الرياضية والضابط الجديد هو فريق الفتح فقد كانت الساحة تمارس تقليدا متوارثا فحين الفشل يتم فورا إقالة المدربين وكأنهم السبب الرئيس واستمر هذا التقليد خصوصا وإن إدارة المنتخبات المتعاقبة والأندية الكبيرة تمارس هذا الأمر بإيمان تام وبتواصل عام فسارت بقية الأندية على ذات المنوال غير مستشعرين بأهمية الاستقرار الذي يعتبر شرطا اساسيا من شروط صناعة فريق بطل حتى جاء فريق الفتح بإدارة العفالق وبتدريب الجبال وخلال ست سنوات ونيّف استمر مسلسل الاستقرار وفق تخطيط مستقبلي محدد الأهداف ولم تتغير القناعات حتى والفريق يخسر " بالخمسات والستات " وقد ساعدهم في ذلك عدم وجود الضغوطات الإعلامية والجماهيرية ولو رغبت إدارة ناد كبير تطبيق هذه النظرية فلن تستطع ذلك إلا لو استغنت عن الآخرين وصمّت آذانها عن كل الأصوات الآن فريق الفتح على مشارف التاريخ وفوزه بلقب الدوري يعتبر حدثا استثنائيا والأمنية أن يستفاد من هذا الدرس على الأقل بالنسبة للأندية البعيدة عن الضغوطات بالبحث عن الاستقرار ووضع الخطط بعيدة المدى حتى يبدأ البناء من أسفل لعل وعسى أن تتغيّر بعض قناعات الوسط الرياضي ونجد من يوقف " الخفارة " عن كرسي الطلاء الهاء الرابعة عطر فؤادك بالتقى فالعمر محدود السنين وإحمل بصدرك مصحفاً يشرح فؤادك كل حين