«يبيعون علينا الوهم»
قدّر الله عليّ قبل ظهيرة أمس أن أذهب مع شدّة حرارة الجوّ مع الازدحام الكبير الذي تشهده شوارع وطرقات العاصمة جرّاء عدم استيعاب هذه الطرقات للمركبات، فسعتها الاستيعابية تقلّ عن عدد السكان المهول – أنصح بتطبيق مفهوم الهجرة العكسية – ثم لكثرة الحفريات والأخاديد التي شوّهت وجه الرياض الجميل، زيادة على مرونة سائقي السيارات الذين يبتسمون دائما وتظهر على محياهم علامات السعادة والحبور، بل إن بعضهم « يطلّق بالثلاث « ويتوقف على جانب الطريق حتى يسمح لك بالمرور والسير بأمان وراحة، ولا أحد منهم على الإطلاق يتداخل في السير ويكاد أن يصطدم بك ولا يتركك في حالك وكأنه يسير إلى أمر إما حياة أو ممات، وقتها كنت في طريقي إلى أحد البنوك المحلية ولم يسبق لي أن تعاملت معه مسبقا لإنهاء معاملة خاصة، وقصدت الفرع الأقرب لمنزلي وبعد معاناة الحصول على موقف، وحين دلفت للمبنى وقطرات العرق تحوّلت لـ « مزنة غرّا « بللتني حتى وصل البلل مداه فرحا بقدرتي الخارقة على تجاوز كل المعوّقات، ولكن قابلني الموظف بابتسامة غير مريحة وزفّ لي الخبر الكارثة « السستم عطلان « منذ الصباح، قلت له والحلّ؟ فكان جوابه سريعا « روح للفرع الفلاني « فما كان منّي إلا أن عدت القهقري أجرّ أذيال الخيبة وامتطيت دابتي بعد أن فقدتها بين الدواب، وبعد أن أشعلتها شمس نجد الحارقة حتى تحوّلت لما يشبه الجمرة، وسرت بين أسراب الدواب حتى ولو لم تكن أسرابا وكأني أطارد سرابا حتى وصلت للفرع « الفلاني « بعد أن تكرر مشهد المعاناة السابقة وبنفس السيناريو وجدت أن السيّد « سستم « عطلان أيضا، لكنني هذه المرة تفاجأت بشخص يلحق بي ويسأل على استحياء « وش هو السستم « قلت هو الشخص الذي يعطي الأوامر بتقديم النقود.. ولم يعقب، ويبدو أن جوابي لم يقنعه، فتوجهت للفرع « العلاّني « الذي طلبوا مني الذهاب إليه، وحين دخلت مبناه وأنا شبه منهار أخبرني من يقف على الباب ويرتدي زي رجال الأمن الصناعي بأن عليّ الانتظار طويلا، فلا يوجد إلا موظف واحد والفروع الأخرى ترسل « العملاء « زرافات ووحدانا، وقد حمدت الله أنني لست « عميلا « لهم، وقد مكثت أربع ساعات في الانتظار شملت تأدية فرضين للصلاة في الفرع انتظارا، ومع أن هذا الوقت مهدر، إلا أنني استغللته في التفكير في أمر البنوك ولِم يعملون بنا ما يعملون من سوء في التعامل ونقص في الخدمات واستغلالا لخيرات البلد ومقدراته، ومع ذلك لم يقوموا بعمل واحد في الخدمة الاجتماعية، ولم يساهموا في دعم المشاريع الإنشائية والحياتية، ولم يستثمروا في الرياضة كما تفعل أغلب البنوك العالمية، هم فقط يستغلوننا أبشع استغلال، ويبيعون علينا الوهم بثمن غال جدا. الهاء الرابعة حمامه تشتكين بصوتك المتضايق كل ذا وانتي على غصن الشجر مرتكيه لا تحسبيني ليا جريت صوتي رايق في خفوقي غصتين وفي عيوني بكيه