هاءات ثلاث " على سجّاد أصفهان "
حين تستيقظ الصباح سعيدا نشيطا.. ثم تسير واثقا على سجاد أصفهاني فاخر نحو " مجلس الرجال " لتتناول قهوة عربية يفوح من عبقها رائحة الهيل المختلط بالزعفران الأصلي المائل للحمرة.. فأنت بذلك تتهيأ لمواجهة أعباء يوم آخر برحابة صدر وبثقة الكبار، فبمجرد أن تحضر للمؤتمر الصحفي قبل النزال المزمع وأعني بذلك نزال الصدارة، وحتى لو سألك مستفز: هل تخشى من تكرار " نصف درزن " فلا تجيب " ليس كل طير يؤكل لحمه " لأنك بذلك ستوجع أخا لك خذلته القدرة والخبرة ولكن قل كما قال " طلق المحيا " لقد حضرنا هنا سابقا ولكن بشعار أخضر وبـ " صقور خضراء " وكنا أحد عشر رجلا فاستطعنا الفوز أمام أكثر من مئة ألف أو يزيدون " فالعدد في الليمون " وبحضور " نجّاد " حتى ولو لم يستطع تأدية النقش على القماش. بالأمس عصرا تكررت نفس الملحمة العربية حين حضر أحد عشر فارسا عربيا يمتطون صهوة جياد أصيلة تعشق النزال وتبرع فيه وتتقنه، فما أن احتدمت المعركة توشحوا لون السماء فأطربوا الأرض وأمتعوها حتى تغنّت تحت الحوافر بدلا من أن تتألم.. ومع أن طعنة كل رمح وضربة كل سيف لم تدمي الشباك في الأول، إلا أن الهمم بقيت عالية لم تتزعزع ولم تستكن ولم يدب الفتور في العزائم ولم يرتخ الطموح حتى نجح " العربي " في الطعنة القاتلة فسالت الدماء من الشباك وذرفت العيون المدامع كدما هناك وفرحا هنا، ومع ذلك استمرت الملحمة ولو بقليل من الرحمة فلم يجهزوا على الخصم بل تركوه يتأمّل في الحياة والأوكسجين يسحب من رئتيه باتجاه العبث والخواء الجوّي.. حتى أن لسان حال الجمهور الفارسي قالها بالعربية الفصيحة " افعلها وخلصني ياهلال " ولأنه لم يستجب بدأت رحلة " إخلاء فوري وجماعي " باتجاه المجهول، واستمر الفارس العربي ثابتا لم يغره الفوز فيتكبّر بل تواضع واحترم المنافس ثم سجد لله شكرا، في المقابل سال اللون الأحمر القاني وانسكب وقد حق له أن يسيل مبكرا رغم فداحة أخطاء " صاحب العين الضيقة " الذي سمح بممارسة كرة طائرة مع القدم، وترك للمستضيف حرية اللعب وفق قاعدة " آخر واحد حارس " وإن زادوا عليها بتأدية دور الحارس في أكثر من موقع على " معشب الميدان " التاريخي. الهاء الرابعة ونحن أناس لا توسـط بيننـا لنا الصـدر دون العالمين أو القبـرُ تهون علينا في المعالي نفوسنا ومن خطب الحسناء لم يغلها المهرُ أعز بني الدنيا وأعلى ذوي العلا وأكرم من فوق التراب ولا فخرُ