(ترززوا يا الأجاويد)
ذات مساء استلقيت على أريكة في صالة المنزل مخصصة للأمور الجسام ومعدة بطريقة منظمة بحيث تتيح للمستلقي مشاهدة كل زوايا البيت ومتابعة كل ما يدور فيه إضافة لإمكانية مشاهدة التلفزيون المعلق جدارياً بعد أن تناولت وجبة دسمة على غير العادة واستعداداً لمشاهدة مباراة لقب يعقبها حفل تتويج للبطل ولكن يبدو أن فخامة الأريكة ونعومتها وكمية الطعام الذي هبط اضطرارياً لبيت الداء وبرودة جهاز التكييف بنسائمه ألقت بظلالها عليّ ودخلت في نوبة سبات عميقة رأيت فيها مثل ما يرى النائم أن المباراة التي أنتظر انتهت بفوز البطل وخلال حفل التتويج رأيت « كابوساً مرعباً» حيث التنظيم الدقيق والهدوء التام والفقرات المرتبة التي أعطت للأبطال الحقيقيين فرصة للاحتفال والابتهاج بفرحتهم العارمة ووسائل الإعلام بجميع أنواعها تلتقط ما لذ لها وطاب من الصور الثابتة والمتحركة وينفض بعدها السامر والفرحة مرتسمة على الوجوه لانعدام كل طرق المنغصات وأسبابها، عقبها استيقظت فزعاً وبعد أن نفتث ثلاثاً على يساري قلت « خير اللهم اجعله خير « وما إن هدأت روحي الفزعة حتى وقعت عيني على التلفاز وإذا بالمباراة قد انتهت ومراسم التتويج قد بدأت وفق طريقتنا المعتادة دون أن نخرج عن طبيعتنا ودون أن نلبس ثوباً ليس بمقاسنا وقد غطت العشوائية على كل شيء ودبت الفوضى في كل الأرجاء وسط توهان عظيم من الجميع حتى أن المصورين تفرغوا لتصوير بعضهم مع الكأس ومع الجماهير وحتى مع عرّاب الحفل في حين بقي أصحاب الإنجاز ينظرون باستغراب لبعضهم ويفكرون هل سيكرمون، وهل هم الأبطال فعلا أو أن في الأنظمة واللوائح تغيير، ووسط هذه الأجواء تحوّلت الكاميرات المتحركة نحو كوكبة « بشوت « تسير الهوينى لا خوف ولا وجل ورغم أنني أعرف أولئك الأشخاص فهم من يتصدّر كل وسائل الإعلام « صبح وليل « إلا أنني استغربت من تواجدهم جميعاً وليس لتواجدهم أهمية قصوى حينها عدت للاسترخاء من جديد بعد أن ضغطت جهاز التسجيل على شريط « سامري « فمع هذا الفن أجد وسيلة استرخاء لتصدح الفرقة «ترززوا يا الأجاويد ترززوا يا الأجاويد ربي حداني عليكم ... ويا حنظلة لا تمنين يا حنظلة لا تمنين خضرا وفيك المرارة». الهاء الرابعة ألا يا صَبا نَجدٍ مَتَى هِجتِ مِن نَجدِ لَقَد زَادَني مَسرَاكِ وَجداً عَلَى وَجدِ أأن هَتَفَت وَرقاءُ في رَونَقِ الضُحى عَلَى فَنَنِ غَض النباتِ مِنَ الرندِ