كأس الخليج ومقاييس التفوق
ثلاثمائة وثلاثون مباراة خاضتها منتخبات الخليج ضد بعضها منذ نشأة كأس الخليج عام 1970م حتى قبل هذه البطولة الثانية والعشرين التي احتضنتها الرياض مجددًا وانطلقت مبارياتها بالأمس فما الذي لمسناه خلال المرحلة الماضية من تطور كروي في منطقة الخليج؟ وهل البطولة هي السبب الرئيسي في تحقيق بعض المنتخبات لإنجازات قارية والوصول لنهائيات كأس العالم؟
فمن وجهة نظري أن هذه البطولة يمكن أن تكون قد وضعت بذرة الاهتمام بكرة القدم الخليجية وإقامة المنشآت وازداد حجم التنافس للوصول للأفضلية بين المنتخبات واستعانت بعض الاتحادات منذ وقت مبكر باللاعب الأجنبي لتطوير إمكانيات لاعبيها، إلا أن كأس الخليج لم تكن في أي من بطولاتها الماضية مقياس تفوق أو أنها تمنح انطباعا بأن المنتخب الفائز بكأس الخليج هو المنتخب الأفضل على مستوى الخليج بدليل أن منتخب الكويت الفائز بأكبر عدد من بطولات الخليج لم تفده بطولاته في تحقيق أي من الإنجازات القارية مجددًا بعد أن حقق كأس آسيا عام 1980م ووصل لنهائيات كأس العالم بأسبانيا عام 1982م وهو يأتي بمسافة كبيرة بعد المنتخب السعودي صاحب الإنجازات الحافلة على مستوى القارة بتحقيقه كأس آسيا لثلاث مرات ووصوله للمونديال أربع مرات عدا تحقيق منتخب الناشئين لبطولة كأس العالم ووصول منتخب الشباب وإنجازات قارية أخرى على مستوى المنتخبات والأندية علاوة على البطولات العربية والخليجية وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن الكرة السعودية ستظل لسنوات قادمة الأفضل في الخليج ولن يكسر أي منتخب حجم منجزاتها وتاريخها الكروي الطويل لما تملكه من إمكانيات وبيئة خصبة للمنافسة ودوري قوي هو الأفضل خليجيا وعربيا ويملك حجما واسعًا من المتابعة، وهذه الأفضلية ليس لها وجود في كأس الخليج بحكم أن هذه البطولة هي بطولة ذات طابع خاص من المنافسة وتحكمها الظروف وطبيعة الإعداد المعنوي وآلت في بعض السنوات إلى أبطالها بالحظ لا بالتفوق الفني.
ـ وما أريد الوصول إليه هو أن بطولة الخليج برغم كل المراحل التي مرت بها وميزانها الخاص لتحديد القوى الكروية في المنطقة إلا أنها في نسختها الحالية كما في النسخ الماضية تظل مطلبًا خاصة وأن معظم المنتخبات الخليجية ستشارك في نهائيات كأس آسيا المقبلة باستراليا وتطمح أن يكون حصولها على اللقب الخليجي حافزًا لمشاركة آسيوية فاعلة، أما الشارع السعودي الذي كان في السابق وخاصة إبان حقبة الإنجازات الكروية السعودية منذ عام 84 م ينظر لبطولة الخليج على أنها بطولة ذات طابع خاص لا تدخل في خانة المحاكمة والمسائلة عن أسباب فقدانها أصبح ينظر للبطولة الآن باهتمام ويسعى لمساندة المنتخب من أجل الحصول عليها لسبب واحد وهو أن المنتخب السعودي لم يضف في سجله أي بطولة منذ سنوات تجاوزت الثمان وعادة المنتخبات الكبيرة هي أن تخطط للعودة حتى لو كانت هذه العودة من بوابة البطولات الصغيرة أو القصيرة لما لها من دافع معنوي مفيد في مستقبل المشاركات ..
ـ بالأمس انطلقت بطولة كأس الخليج وانطلقت معها آمال وطموحات منتخبات شقيقة نحو الكأس واتجهت إليها أنظار الجماهير مترقبةً البطل، ورغم أن المحللين في قناة الكأس والقنوات الأخرى وكذلك وسائل الإعلام المختلفة تتبعت مسيرة كل منتخب وصورة إعداده للبطولة ورشح البعض المنتخب السعودي وآخرون المنتخب القطري والمنتخب الإماراتي عطفًا على الإعداد القوي والمباريات القوية والمستويات الجيدة لهذين المنتخبين إلا أن من الصعوبة بمكان إغفال المنتخبين العراقي والكويتي وحتى العماني والبحريني فهذه المنتخبات ربما تكون لها كلمتها في البطولة إذا علمنا أن كأس في الخليج في العادة لا يعترف بصورة أي منتخب في فترة الإعداد بل يعترف بالحالة النفسية والبداية القوية لأي منتخب وكسبه للمباراة الأولى ربما تكون الدافع القوي نحو المنافسة ..
ـ إذا كان لجماهير الأخضر كلمة في البطولة بحضور كثيف اعتاده درة الملاعب فإن ذلك سيسهم في دعم حظوظ الأخضر في البطولة، بل إن اللاعبين سيستشعرون عظم المهمة ويقدمون كل ما لديهم من أجل إعادة المنتخب السعودي لخارطة الذهب مجددًا، فاللاعب السعودي في الأصل يحب اللعب تحت مظلة الحضور الجماهيري الكثيف واعتاد أن يتجلى وسط الدعم الجماهيري والتشجيع الدائم فهل ستقود الجماهير السعودية منتخبها للقب الرابع؟ وهل سيتفاعل اللاعبون مع طموحات أنصار الأخضر ويستغلون الأرض والجمهور؟
ـ زيارة الرئيس العام لرعاية الشباب لمعسكر الأخضر وزيارة بعض رؤساء الأندية مثل رئيس نادي الشباب ورئيس النادي الأهلي واهتمام رئيس اتحاد الكرة أحمد عيد وتواجد مشرف عام للمنتخب بحجم خبرة الدكتور عبدالرزاق أبوداود يعطي مساحة من الأمل في أن يحضر الأخضر في موعده.