دوري مثير ومنتخب فقد التأثير
أعطى الألمان دروسًا في كيفية صنع المنجزات وتحقيق البطولات ثم كيفية الاحتفاء بها دون مبالغة أو تكلف، وإذا كنا نعرف تاريخ ألمانيا الكروي الرائد وتواجدها المستمر في المنافسة على كأس العالم الذي يعد أكبر تظاهرة كروية وتحقيقها للقب أربع مرات فإننا لا بد وأن نخلص لدرس مستفاد وهو ارتباط نجاح التخطيط بالنتائج المثمرة، فالمنتخب الألماني يتواجد بقوة في المنافسات العالمية والقارية منذ نشأتها ويكسب بطولاتها وكذلك تفعل الأندية الألمانية وهذا يعني أن التخطيط السليم غالبًا ما يؤدي إلى المنجزات وأن الاستقرار التدريبي وقلة تعاقب المدربين يعني وضوح المنهج والصبر على التأقلم معه واستيعابه حتى أضحت ألمانيا اليوم كما هي بالأمس مدرسة كروية يشار لها بالبنان وتنهل من دروسها المنتخبات الأخرى، حتى فوزها العريض على مدرسة السامبا البرازيل بسباعية في أرض الأخيرة اعتبرته ألمانيا أمرًا طبيعيًا في كرة القدم ولم تبالغ في الفرحة حتى لا تفقد مكتسباتها بخسارة كأس العالم وهو هدفها الأكبر ونجحت في مخططها وغير ذلك فتلك طبيعة الفهم لنتائج كرة القدم التي تحكمها الظروف في كثير من الأحيان فخسارة البرازيل بسباعية بقدر ما يعني سوء الجيل الذي شنع بتاريخ البرازيل بقدر ما يعني في نفس الوقت قوة ألمانيا ومقدرتها على إحراز اللقب الرابع، بينما نحن منذ سقوطنا كرويًا على يدها بالثمانية في مونديال 2002 ونحن نولول ونلطم ومارسنا شتى أنواع السخرية وتثبيط العزائم وإحباط القدرات وجلد الذات وكأننا في الأصل منتخب عالمي حضر لمنافسات كأس العالم ليدافع عن لقبه أو عن وصوله ذات مرة لنهائي أو نصف نهائي، فألمانيا نفسها خسرت في بدايات نشأتها الكروية من المنتخب الانجليزي بتسعة أهداف نظيفة ومعظم المنتخبات العالمية ذات الصيت والسمعة والإنجازات لحقت بها الخسائر المذلة في بعض فتراتها إلا أنها تعود بقوة لتحقق البطولات ولا تتعرض لقمع مستمر لخطواتها في سبيل النهوض من جديد، ربما هناك من يقول إن منتخبنا منذ سقطته لم ينجح في السير على برنامج تطويري شامل وجهاز تدريبي مستقر ينتشله من أوضاعه الكروية السيئة ولم يخرج بفكر جديد يجعلنا نتفاءل بمستقبله إلا أن هناك جهودا تبذل من أجل الاستقرار على فكر تدريبي يعيد صياغة قدرات المنتخب في مستقبل مشاركاته وربما حالنا الكروي الآن يشبه إلى حد ما حال الكرة الإنجليزية التي تجمع متناقضين بتواجد دوري مثير ومنتخب بلا نتائج.
ـ أنديتنا بالمناسبة التي صنعت دورينا المثير والمتابع في كل الأقطار العربية تسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى الوصول إلى الجاهزية الكاملة قبل انطلاق الموسم الجديد وتجتهد في تعزيز قدراتها سواء باللاعبين الأجانب أو المحليين ويبدو لي أن خارطة المنافسة هذا الموسم ستشهد سباقًا قويًا بين الأندية الجماهيرية الكبيرة الأهلي والهلال والنصر والاتحاد على لقب الدوري فالأهلي لن يكون بالتأكيد أهلي الموسم الماضي والاتحاد أيضًا فهما سيعمدان لمزاحمة النصر والهلال على المنافسة على الدوري الذي سيكون الهدف الأول لهذه الأندية وما عداه من ألقاب فهي غالية باسمها ولكنها ليست مثل الدوري كطموح يعطي مؤشرات القوة والاستقرار الفني والمعنوي، شخصيًا أرى أن أكثر من يحتاج هذا اللقب الآن هو الأهلي الذي فقده في سنوات ماضية لأسباب تحكيمية خاصة في مراحل المربع الذهبي علاوةً على جملة أخطاء ومسببات في الاختيارات العناصرية والفنية جعلته يخرج من مولد هذه البطولة في كل موسم بنتائج متباينة ومن المهم في هذا الموسم التركيز والعمل الجماعي الجاد خاصةً وأن الأهلي يملك كافة الإمكانيات العناصرية المثلى وربما يكون مركز الحراسة هو الهاجس الذي يخيف بعض الأهلاويين عطفًا على مؤشرات الموسم الماضي ونتائجه، الأمر الآخر هو وجوب عدم النظر إلى المباريات الودية بمقياس الزهو بالنتائج الكبيرة بل يجب أن يكون رؤية فنية واضحة في السير نحو تنفيذ إستراتيجية الإعداد بالشكل المأمول للوصول إلى جاهزية متكاملة قبل أولى مواجهات الموسم، فالفوز مثلاً على الربيع بسبعة أهداف نظيفة يعكس بداية برنامج إعدادي جيد إلا أن العبرة دائمًا بالنهايات وبخلاصة التجارب، ومن وجهة نظري أن أهم سبب للحصول على لقب كبير كالدوري هو تطبيق أسلوب النصر التصاعدي العام الماضي وهو عدم التفريط في نقاط البداية لتكون أكبر عون في نهاية المشوار علاوةً على أهمية حصاد النقاط باستمرار والتفكير في كل مباراة على حدة وكأنها بطولة مستقلة وعدم الخسارة أمام المنافسين..
ـ المؤشرات تقول إن الموسم الجديد سيشهد إثارة أكبر من الموسم الفائت وأن دائرة المنافسة ستتسع هذا الموسم لتشمل إضافة للهلال والنصر الأهلي والاتحاد أي أن الإثارة الكروية ستشتعل والأخطاء التحكيمية لن تغفرها الأندية التي صرفت الملايين على إعدادها للدوري.