عقوبة ترفيهية
أتت العقوبات الانضباطية الأخيرة وحتى ما سبقها من عقوبات لتؤكد مجددًا مدى التفاوت في تطبيق النصوص القانونية والركون إلى زاوية أخف الضرر بحكم رأي المشرع ومزاجه، فالفرق بين أنديتنا أن هناك من تبرز له الوجه القاسي ولن يقف في وجهك أحد وأخرى تظهر لها اللين لسلطتها وما يدار ولا نعلمه خلف الستار، وفي حالة البرازيلي فرناندو مينجازو يفترض أن يتجاوز القرار لجنة الانضباط إلى السلطة العليا لاتحاد الكرة لاتخاذ قرار رادع يحفظ هيبة الكرة السعودية وسمعتها وحتى لا تكون العقوبات المطاطية (المخففة والمخفضة) ذريعة للاعبين آخرين بتكرار نفس المشهد عندما يرون أن العقوبة لا تستحق الاهتمام مقارنة بقوة تأثير مثل هذه الحركات المشينة وردة فعلها في المدرجات والشارع الرياضي السعودي علاوةً على امتهان كرامة الحكم السعودي فتحولت عبارة (الحكم سيد الملعب) إلى (الحكم شماعة الملعب) ووسيلة الترفيه لتنفيس غضب اللاعبين والإداريين وأسهم رئيس اللجنة عمر المهنا في سلب شخصية حكامه بعدم دفاعه عنهم علاوةً على تأكيدات اللجنة بأنها في مثل هذه المواقف كحالة مينغازو لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم على حسب الموجة والتردد وما يطلبه المدللون.
ـ كلنا نتذكر كيف غادر مدرب الأهلي السابق زاناتا على أول طائرة في أعقاب حركته الشهيرة والقرار الصارم الذي صدر بحقه وكذلك الحسن كيتا والذي قام بحركة مسيئة تتنافى مع الأخلاق والقيم وتم إبعاده ثم عاد عن طريق نادي الشباب واليوم فرناندو يعتدي على مكانة الكرة السعودية وهيبتها وكان يفترض أن تصدر عقوبته على غرار ما حدث مع زاناتا والحسن كيتا دون العودة للجنة الانضباط التي أقرت في بيانها الأخير عقوبته بأربع مباريات وهي عقوبة غير رادعة بل هي فرصة للاعب للراحة والابتعاد عن عناء المباريات وإرهاق ميزانية النادي بمرتباته وعقده دون فائدة فنية في عدد محدود من المباريات وليس معنى ذلك التحامل على الشباب أو أي ناد آخر بل على العكس بادر الشباب بعقوبته وهي خطوة تستحق الثناء والمقصود هنا أننا نخشى من تكرار هذه المشاهد وما تسفر عنه من انعكاسات سلبية في المنافسة الرياضية التي يجب أن تظل شريفة ونزيهة وبعيدة عن متناول كل من يحاول الاتجار بها وتحويلها إلى سلعة رخيصة بالإشارة أو بامتهان كرامة الحكم أو المنافس أو الجماهير لذا فإن الصرامة مع حالة زاناتا بالإبعاد آنذاك يقابلها حاليًا ترفيه فرناندو وهو ما يشجع على رؤية مشاهد مسيئة أخرى في غياب القرار الصارم والرادع.
ـ ذكرت في إحدى حلقات برنامج مانشيت على إذاعة يو إف إم أن العمل في إدارات الأندية السعودية يتشابه إلى حد كبير مع فارق الإمكانات المالية حتى في النصر بطل كأس ولي االعهد ومتصدر دوري جميل والهلال وصيفه فالناديان العاصميان لا يتفوقان على بقية الأندية بذاك القدر من الفوارق سوى أنهما وفقا في تهيئة الجوانب المعنوية والاستمرار في تحقيق النتائج الإيجابية ولو استعرضنا على سبيل المثال العناصر الأجنبية في الفريقين لما وجدنا ذلك التأثير الكبير باستثناء البرازيلي نيفيز في الهلال، والدليل أن النصر بطل هذا الموسم حتى الآن بلغة الأرقام حقق مكاسبه بجهود لاعبيه المحليين واستقراره التدريبي وبقية الأندية أرهقت نفسها في المواسم الأخيرة بتعاقب الأجهزة الفنية واستبدال الأجانب حتى أصبح لها في كل موسم شخصية ونهج مختلف ألغى بعض مقومات تفوقها ولنأخذ الشباب مثالاً وهو بالمناسبة استطاع التفوق بجدارة على الصعيد الآسيوي في أولى جولاته أمام الاستقلال الإيراني خارج أرضه وهو ما يؤكد أن لديه خامات عناصرية جيدة ولكنه تأثر محليًا بالاضطرابات الفنية نتيجة تعاقب ثلاثة مدربين على قيادة الفريق في موسم واحد والنزاع بين الإدارة وبعض اللاعبين والتفريط في نجم كبير بحجم ناصر الشمراني، والاتحاد تأثر بالمشكلات الإدارية والمالية، والأهلي بالتغييرات العناصرية والفنية، والاتفاق كذلك وهو ما انعكس على عطاءاتها المتذبذبة محليًا فتارةً تفوز، وتارةً تخسر حين لا تتوقع لها الخسارة وهذا ما أراح النصر والهلال من مزاحمة هذه الأندية في المنافسة على الدوري وتبقى للأندية وخاصة الأهلي والاتحاد والشباب إنقاذ موسمها بتحقيق كأس الملك وحتى الهلال إذا ما حقق منافسه النصر الدوري وأضافه لكأس ولي العهد ..
ـ خلاصة الكلام أن الأندية يجب أن تستفيد من أخطائها المتكررة على الصعيد الإداري في عملية التغيير المستمر للأجهزة الفنية والخامات العناصرية والاستقرار والحفاظ على المكاسب هما السبيل لتحقيق الإنجازات والبطولات.