هدر الملايين
وتصنيف اللاعبين
يذكرني البكاء على لبن الاحتراف المسكوب بمن صحا من غفوته بعد معايشته لواقع آخر مخالف لواقعه الحقيقي، فبعد أن تدهورت كرتنا وانخفضت مستويات لاعبينا وتعالت أصوات النجوم فوق صوت الإدارات أصبحنا نخطب العودة إلى الأيام الخوالي التي كان فيها اللاعبون يحرثون الملاعب من أجل الفوز بلحظة بروز وانتزاع إعجاب الجماهير، والمشكلة ليست في الاحتراف بمفهومه الحقيقي بل في عقول اللاعبين وبعض من زرع ثقافة الملايين (للغلبانين) في وقت مبكر ودون تدرج إضافة إلى عدم وجود أرضية استثمارية خصبة في الأندية تغطي هذه العقود الضخمة التي قفزت إلى ساحتنا الرياضية فجأة لذا انهمر شلال الإخفاق في كل الاتجاهات ولم نعد نحصد إنجازات، والأدهى والأمر أن السحر انقلب على الساحر فالأندية التي فتحت صنبور الملايين (للغلبانين) ورفعت عقود اللاعبين على غرار سباق ياسر القحطاني والسهلاوي هي الآن تجأر بالشكوى وتطالب بالمساندة وإيجاد حلول أو سقف محدد لأسعار عقود اللاعبين..
ـ فالهلال هذه الأيام يعاني ويخشى من انفراط عقد نجومه وانتابه الخوف أكثر وهو يرى أحد نجومه أحمد الفريدي يلوح بورقة ضغط ساخنة تتمثل في وكيل الأعمال سلطان البلوي الذي سيبحث في المقام الأول عن مصلحة اللاعب، ومثل الهلال ولكن بدرجة أخف الأندية الكبيرة الأخرى التي ستجد نفسها أمام نفس الواقع وتعايشه بطريقة أو بأخرى إلى أن تخرج من هذا المأزق..
ـ ويبقى السؤال مطروحًا من وضع الكرة السعودية والأندية في هذا المطب وهي التي كانت تنعم باستقرار معنوي وتستطيع السيطرة على لاعبيها؟ وهل السبب تحديات مسئولي الأندية وسباقهم على اللاعبين لكسب التحدي وعلو الكعب؟ ومن الذي كان ضحيةً في النهاية لمثل هذه المغامرات؟ هل هم المغامرون أم كرة القدم السعودية أم كلا الطرفين؟
ـ أدرك الجهود الكبيرة التي تبذلها لجنة الاحتراف برئاسة الدكتور صالح بن ناصر من أجل سد الثغرات وإيجاد بيئة صالحة لممارسة احتراف حقيقي إلا أنها لا يمكنها وحيدة الوفاء بالدور التوعوي ما لم تكن هناك شراكة مع الأندية في تثقيف اللاعبين إضافة إلى نقطة مهمة قد تساعد من خلالها الأندية على الحد من المصروفات الضخمة والمبالغ الكبيرة التي تتكبدها في استقطاب لاعبين أو تجديد عقود آخرين وهي إيجاد سقف محدد لعقود اللاعبين أو حتى تصنيفهم إلى فئات، ومتى خرجت الأندية من هذا العائق الذي يقف عقبة أمام الوفاء بمسئولياتها فإنها ستسير على الطريق الصحيح وستتلمس الطريق من جديد نحو الالتزام مع لاعبيها وسيجد اللاعبون أنفسهم مجبرين على الالتزام مع الأندية..
ـ لقد طبقنا الاحتراف (بالمقلوب) فتدحرجت كرتنا من القمة إلى القاع، وفرحت الأندية بعقود الرعاية فأصبحت تحتاج إلى رعاية، وانتشت بالملايين فضاعت في لاعبين وأشباه لاعبين.