تناقضنا وإبعاد جلال
قلت مراراً إن ما يعيب المجتمعات العربية بشكل عام والمجتمع السعودي على وجه الخصوص هو (العاطفة) الجياشة وتحديداً على صعيد (الخلط) بين العاطفة والمنطق عند تقييم العمل والعاملين..
ـ التفاعل الإعلامي الكبير مع قضية استبعاد الحكم السعودي خليل جلال تأكيد وكشف جديد لحجم العاطفة التي نحشرها في كل أمورنا الحياتية..
ـ طبعاً نظرية (المؤامرة) كانت العنوان الرئيس لإبعاد خليل جلال وتعالت الأصوات بأن هناك من يقف ضد الحكم السعودي وأن الحكم السعودي محارب أو أن الاتحاد السعودي لكرة القدم لم يدعم جلال كما ينبغي وإلى ما شابه ذلك من خيوط المؤامرة التي نتعامل بها في كثير من قضايانا..
ـ الغريب أن من (تباكوا) على إبعاد خليل جلال كانوا هم أكثر الناس انتقاداً للحكم السعودي ومناداة بالحكم الأجنبي، وهذا منتهى التناقض إذ كيف تنتقد وتقلل من كفاءة الحكم السعودي (محلياً) وتطالب به في نهائيات كأس العالم..
ـ بالتأكيد أن من يختارون الحكام المشاركين في نهائيات كأس العالم هم في النهاية بشر يتأثرون بما حولهم ومهما كانت المعايير (الفنية) التي يضعونها لاختيار الحكام فإن الجوانب النفسية مهمة للغاية وفي تصوري أن ما يكتب ويثار عن الحكم السعودي (محلياً) يصل للمقيمين الدوليين ومن الطبيعي أن يؤثر على قراراتهم بشأن الحكام المشاركين في نهائيات كأس العالم..
ـ أي أن الهجوم والإساءة للحكم السعودي (محلياً) تصل للمقيمين الدوليين وتؤثر على قرارهم ولو بنسبة ضئيلة..
ـ علينا أن نتخلى عن عاطفتنا ونتعامل مع الحكم السعودي (محلياً) و(خارجياً) بنفس الرؤية ونقيم أداءه التقييم الصحيح بعيداً عن (وتر الوطنية) الذي يعزف الكثيرون عليه وكأن من يقول أن الحكم السعودي لا يستحق التواجد في نهائيات كأس العالم لا يملك حباً للوطن..
ـ من يملك الحب للوطن هو من يتخلى عن عاطفته ويقيم العمل والعاملين بكل تجرد يكشف السلبيات ويضع الحلول..
ـ أتمنى ألا يفهم الحكم القدير خليل جلال أنني ضده شخصياً بقدر ما أنا ضد الأسلوب الذي نتعامل فيه مع الحكام السعوديين بشكل عام فنحن باسم (الأندية) نخسف بهم وباسم (الوطن) نصعد بهم للفضاء وكلا الأمرين مبالغة وعلينا أن نتعامل بواقعية ونسعى لتطوير الحكم السعودي..
ـ نسأل أنفسنا.. الحكام العالميون الكبار الذين نراهم يتكررون في نهائيات كأس العالم أليسوا متميزين بثبات المستوى سواء في منافسات دولهم (محلياً) أو في بطولات أوروبا أو في نهائيات كأس العالم بينما الحكم السعودي لا يمكن أن يحافظ على مستواه المتميز لسنتين متتاليتين..
ـ اتركوا العاطفة في تقييم الأمور وتخلوا عن أسطوانة أن أفضل لاعب وأفضل حكم وأفضل إعلامي وأفضل دوري في العالم العربي كلهم سعوديون..
ـ علينا أن نتخلى عن عاطفتنا ونصلح أحوالنا الداخلية قبل أن نتهم الآخرين بأنهم السبب وراء عدم وجودنا في المحافل الدولية..
ـ أما قرار الحكم القدير خليل جلال بالاعتزال فهو قرار شخصي بحت لكنني أراه جاء انفعالياً وكردة فعل على قرار استبعاده وفي تصوري أن جلال قادر على مواصلة التحكيم وليس شرطاً أن يشارك في نهائيات كأس العالم.