نعمة أم نقمة؟
خلال الفترة القصيرة الماضية أحيل أكثر من ملف إلى الجهات المختصة نظير طرح آراء عبر قنوات فضائية أو قنوات التواصل الاجتماعي.
ـ هنا أتحدث عن قضايا رياضية وتحديداً تتعلق بالنصر والهلال وغيرها من الأندية والشخصيات الرياضية، الجهات الرسمية التي أحيلت لها القضايا لم تكن جهات رياضية بل هي أعلى من ذلك بكثير.
ـ أبدأ من النهاية وأقول إنه من المفترض أن لانشغل الجهات الرسمية رفيعة المستوى بقضايانا الرياضية التي للأسف الشديد بعضها (تافه) للغاية، ومن المفترض أن نترك هذه الجهات تهتم بما هو أهم وأقصد أمن واحتياجات المواطن، وأن تكون هناك جهات أقل مستوى تنظر في القضايا الرياضية.
ـ معظم القضايا الرياضية التي رفعت للجهات الرسمية نتيجة احتجاج طرف ضد آخر تمثلت في رأي طرحه شخص عبر قناة فضائية أو قناة تواصل اجتماعي.
ـ لا أحد يقبل أن يكون عرضة للخطأ من طرف آخر ومن حق كل شخص أن يدافع عن نفسه عبر قنوات رسمية تحفظ حقوقه وتردع من تجاوز الخطوط الحمراء، لكنني أعود للتأكيد على ضرورة تخصيص جهة تنظر في مثل هذه القضايا التي يبدو أنها ستتكرر كثيراً ومن المفترض أن لانأخذ وقتاً هاماً من الجهات الرسمية لمثل هذه القضايا.
ـ أعود للموضوع الرئيس الذي هو في الغالب محور كل القضايا الخلافية التي تم الاعتراض عليها أو تقديم شكاوى بحقها.
ـ كل القضايا كانت نتيجة (رأي) طرحه شخص ما قد نتفق معه وقد نختلف وكان هناك على الطرف الآخر من يعترض على ذلك القرار وبكل أسف أننا كمجتمع عربي بشكل عام وسعودي على وجه الخصوص لانجيد فن الحوار ولا التعامل بمبدأ (الرأي) و(الرأي الآخر)، وبالتالي نتخاصم بمجرد أن (نختلف) على رأي معين.
ـ عندما حدث الانفجار الفضائي عالمياً وتبعته قنوات التواصل الاجتماعي كان العالم الغربي أكثر تقدما على صعيد ديمقراطية الرأي وتقبل اختلاف الرأي وبالتالي كان من الطبيعي أن يتعاملوا بشكل إيجابي للغاية مع القنوات الفضائية وقنوات التواصل الاجتماعي لأنهم متقدمون للغاية في مفهوم الحوار وكل طرف يعرف حدود وأطر الحوار.
ـ على الطرف الآخر كان الوضع مختلفاً للغاية، فدول العالم الثالث (ومنها دول العالم العربي والسعودية واحدة منها)، فتلقفت هذه الدول الانفجار الفضائي ومن ثم قنوات التواصل الاجتماعي في وقت كان مستوى الوعي والثقافة متدن للغاية وغياب تام لمفهوم الحوار وبالتالي بات استخدام (الأغلبية) منهم للفضائيات أو لقنوات التواصل الاجتماعي بغرض (الفضفضة) أو التعبير عما هو مكتوم في الصدور دون تفهم لمردود ما يطرحه هذا الشخص ويتلقفه ذلك الشخص.
ـ البعض أعتقد أن استخدام القنوات الفضائية وقنوات التواصل الاجتماعي مفتوح دون سقف وحدث ذلك دون فهم أو إدراك لخطورتها بل دون فهم بأن مستوى وعي المتلقي وثقافته يختلف من شخص لآخر.
ـ بمعنى أن ماقد أطرحه من رأي قد يفهمه الشخص (أ) بطريقة بينما يفهمه الشخص (ب) بطريقة أخرى وقد يفهمه شخص ثالث بطريقة مختلفة وبالتالي كلما كان الطرح عبر الفضاء أو قناة التواصل الاجتماعي مبهماً كلما كان مردوده أكثر خطورة.
ـ نحتاج لرفع مستوى وعي وثقافة مستخدمي القنوات الفضائية والتواصل الاجتماعي، كما علينا ونحن نطرح رؤانا أن نأخذ في الاعتبار أمرين هامين، أولهما أن نملك القرائن والدلالات عندما نتحدث عن معلومة وليس فقط نعلنها دون تأكد منها، الأمر الثاني يتعلق بمستوى وعي وثقافة وعلم المتلقي، وعلينا أن نرتقي بفكرنا ونؤمن بالرأي والرأي الآخر وأن اختلاف الرأي لايجب أن يفسد للود قضية.
ـ إذا فعلنا ذلك باتت قنوات الفضاء والتواصل الاجتماعي نعمة بدلاً مما هي عليه اليوم (نقمة).