الأمطار .. فرح .. وترح
ـ لا أتصور أن هناك موضوعاً يطغى على حديث المجتمع السعودي هذه الأيام سوى حديث الأمطار الغزيرة التي هطلت وتواصل هطولها على مختلف مناطق المملكة. ـ لا أعتقد أن هناك من لايعشق المطر..فالمطر صانع جمال الطبيعة وملطف للأجواء.. بل إن هطوله يغير حتى النفوس فيزرع الابتسامة والأمل. ـ وإذا كان هطول الأمطار يشكل فرحاً لكل المجتمعات فإنه (بكل أسف) يشكل أيضاً ترحاً في مجتمعنا السعودي.. فالمطر هنا فرح وترح. ـ الأمطار فرح لأنها تغسل النفوس...تسقي الأرض...تملأ الآبار وتزيد من نسبة المياه الجوفية... الأمطار فرح لأنها تصنع الربيع فتزدان الرياض (جمع روضة) بزهور النفل والخزامى... الأمطار ترسم البسمة على وجوه المتنزهين الذين يرحلون للبراري جماعات وأفراداً. ـ الأمطار فرح لأنها تنظف الأجواء من عوالق الأتربة...وتجعل الرعاة فرحين كون بهائمهم تجد الكلأ والماء بعد سنوات من الجفاف. ـ حتى على الصعيد الاقتصادي فالأمطار فرح لأنها تنعش تجارة الاستراحات والمخيمات البرية ومستلزمات الرحلات البرية. ـ لكن الأمطار أيضاً ترح لأنها تجعل الطلاب والطالبات يخسرون أياماً من أيام تحصليهم التعليمي بسبب الغياب (الرسمي) من قبل الحكومة أو (التطوعي) من قبلهم. ـ الأمطار ترح لأنها تتسبب في انخفاض إنتاجية المجتمع جراء غياب الموظفين وربما تعطل المصانع وتتسبب في عدم حضور العاملين. ـ الأمطار ترح لأننا نخسر بسببها الكثيرين ممن لا يتقيدون بالتعليمات فيسارعون نحو الوديان والشعاب متناسين التحذيرات ومفتقدين لأبسط وسائل السلامة فيكون الثمن رحيلهم وبكاءنا (مع أسرهم) عليهم. ـ من المفترض أن الأمطار هي دوماً فرح لمن يقدرها ويتعامل معها بإيجابية أما من يفعل غير ذلك فهو من يحولها إلى ترح. ـ ممارسات المجتمع الخاطئة المتمثلة في قلة الوعي وعدم التقيد بالتعليمات هي من يحرمنا أفراح المطر ويجعلنا نعيشها أحزاناً. ـ أما على الصعيد الرسمي (الحكومي) وبكل أسف باتت الأمطار مزيجاً من الفرح والترح وتحديداً على صعيد المشاريع الخدمية. ـ من يصدق أن (المواطن) بات (يفرح) بهطول الأمطار لأنها (تكشف) عيوب المشاريع وتبرز سلبيات تنفيذها.. بينما (المسؤول) لا (يفرح) بهطول الأمطار خشية أن تكشف فساده. ـ هل أصبحنا ننتظر المطر من أجل إيجابياته المتعددة على الحياة والمجتمع أم من أجل كشف مكامن الخطر في مشاريع الدولة؟ هل مايحدث هو فساد مسؤول أم ضعف رقابة أم كلاهما معاً؟ ـ هل من الأفضل والأسهل أن ندعو الله بالهداية لمن شابه الفساد..أم أن ندعو الله بأن ينزل المطر بعد نهاية كل مشروع ليكشف الفساد والفاسدين؟ ـ تعالوا (كمجتمع) و(كحكومة) نجعل الأمطار دوماً فرحاً. ـ كمجتمع بالتقيد بالتعليمات والبعد عن مخاطر الشعاب والوديان خصوصاً أننا نبدأ اليوم إجازة نهاية الأسبوع. ـ وكحكومة بتنفيذ متميز للمشاريع الخدمية.