2013-10-06 | 08:35 مقالات

المحكمة ونصف الكوب المملوء

مشاركة الخبر      

ـ أجدني مشدوداً لطرح وجهة نظري حيال بعض القضايا التي قد لا يراها البعض ذات أهمية أو أنه يراها من جانب واحد وهو في الغالب الجانب السلبي ويهمل جوانب عدة بينها أموراً إيجابية. ـ أمور كثيرة أشعر بأن البعض يهتم بالنصف (الفارغ) من الكوب وينسى أو يتجاهل النصف (المملوء) مع أنه في النهاية نصف الكوب بل ربما في أحيان كثيرة قد يكون النصف الأكثر إيجابية لكن البشر بطبيعتهم يتناولون باهتمام بالغ الجوانب السلبية. ـ قضية من القضايا التي اشعر برغبة جامحة للحديث عنها هي المتمثلة بقرار المحكمة الجزائية بالرياض بقبول دعوى رد اعتبار الزميل محمد شنوان العنزي ضد رئيسي نادي الهلال والشباب. ـ في هذه المساحة لست بصدد مناقشة تفاصيل القضية لأنني أولاً لست طرفاً فيها وثانياً لأنها قضية منظورة حالياً. ـ إنما سأخرج من هذه القضية بعدة دروس بعضها سلبي وجزء منها إيجابي. ـ من الدروس السلبية أننا (كعرب) بشكل عام لا نجيد الحوار واختلاف الرأي ونذهب دوما نحو (الخلاف) بدلاً من (الاختلاف) حتى تتصعد الأمور وتتحول إلى قذف وشتائم وفي النهاية المحاكم. ـ درس آخر أراه يثار من هذه القضية وهو (شخصنة) الأمور بمعنى أننا حتى لو اختلفنا حول قضية مع أكثر من شخص فإن أسلوب (الاختلاف) يحدده موقف أو ارتياح الشخص المختلف مع الأشخاص موضع الحوار والاختلاف. ـ بمعنى أن المختلف في الرأي قد يقبل رأي أحد الأشخاص ويرفض رأي الآخر رغم تشابه آرائهما والسبب انه يقبل ذلك (كشخص) ويرفض الآخر كشخص وهنا مشكلة كبيرة في الفكر الحواري. ـ سلبية أخرى أستخرجها من خلال قضية الزميل العنزي ورئيسي الهلال والشباب تتمثل في أن هذه القضية تكشف مدى وحجم التعصب الممقوت في الوسط الرياضي لدرجة أن قضايا الحوار (حتى ولو كانت نقاشاً رياضياً وكروياً) فقد باتت تصل للمحاكم. ـ أما الايجابيات التي خرجت بها من هذه القضية فتتمثل في أن المحاكم باتت تنظر في مثل هذه القضايا دون تهميش وهذا يؤكد نزاهة القضاء وحرصه على حفظ الحقوق بدلاً من محاولة حفظ بعض القضايا من منطلق عدم أهميتها مع أنها في النهاية حقوق بشر. ـ إيجابية أخرى أعجبتني في القضية تتمثل في ضرورة حضور رئيسي الناديين وهنا نصف الكوب المملوء فالمحكمة لم تنظر (للطبقية) بل طبقت ما يجب عليها ان تطبقه وهو حضور أطراف القضية وهذا أمر إيجابي وحضاري للغاية يسجل للمحكمة. ـ أما الإيجابية الأخيرة التي خرجت منها فهي أن الجميع بات يعرف اليوم أن التجاوز من طرف ضد آخر لن يمر مرور الكرام وهناك جهات قضائية مستعدة للنظر في هذه القضايا واتخاذ ما يلزم تجاهها لحفظ حقوق الناس ولعل هذا من شأنه أن يخفف كثيراً من حدة التوتر والتجاوزات في الوسط الرياضي وتحديداً على الصعيد الإعلامي. ـ أخرج من هذه القضية وأتحدث عن موقف يستحق الإشارة يتعلق برئيس نادي النصر الأمير عبدالرحمن بن سعود (يرحمه الله) الذي مضى على وفاته أكثر من 9 سنوات وإنصافاً له أجدني أطرح هذا الموقف الذي علمت عنه قبل عدة ايام ويتعلق بالتحكيم خصوصاً أننا نعيش توتراً تحكيمياً مذهلاً هذه الأيام. ـ شخصياً ليس لدي حساب على (تويتر) لكن صديقاً عزيزاً اعتاد تزويدي بكل ما يستحق الاطلاع وكان من ضمنها تغريدة للاعب النصر السابق الخلوق عبدالرحمن البيشي. ـ يقول البيشي (في إحدى المباريات سجلت هدفاً وثارت الشكوك هل سجلته باليد أم بالرأس وبعد نهاية المباراة سألني الأمير عبدالرحمن بن سعود هل سجلت الهدف برأسك أم بيدك ؟ فأجبته بيدي فقال جعل يدك الكسر). ـ انتهت تغريدة عبدالرحمن البيشي التي لم يكشفها في حياة الأمير عبدالرحمن بن سعود حتى لا يقال انه ينافق له بل قالها بعد وفاته بأكثر من 9 سنوات..لن أعلق على التغريدة فأنتم وحدكم قادرون على استيعاب الدرس الذي بداخلها...فليرحم الله عبدالرحمن بن سعود الذي في حياته وبعد مماته قد نختلف معه لكننا لا نختلف عليه.