كأس العالم.. كأس الأجسام
دائمًا ما ترسم كأس العالم مستقبل كرة القدم وتغير بعض مفاهيمها. في روسيا انهارت أسطورة الاستحواذ التي نمت وازدهرت خلال العشر سنوات الماضية؛ فالمنتخب الإسباني أصر على الاستحواذ وبقي يمرر ويمرر ويمرر دون فاعلية.
مرر أكثر من ألف تمريرة في آخر مباراة ولم يستطع لاعبوه التسجيل، بل إن الهدف الوحيد الذي سجله الإسبان كان بقدم المدافع الروسي سيرجي إجناشيفتش.
كأس العالم أعادت الحياة للطرق الدفاعية التي أثبتت فاعلية واضحة في المباريات غير المتكافئة، حيث خسرت ألمانيا مباراتين أمام المكسيك وكوريا بفضل الهجمات المرتدة، وكذلك فعلت السويد في مبارياتها خصوصًا المباراة الأخيرة مع سويسرا. وبالمثل نجحت أوروجواي في إقصاء رونالدو ومن معه بفضل الدفاع الشرس والهجمات المرتدة السريعة.
ما ميز كأس العالم أيضًا هو عودة رأس الحربة التقليدي أو لاعب الصندوق من جديد، بعد أن طلبنا منه أن يبحث عن وظيفة جديدة. مهاجم المستقبل سيكون أقرب لهداف بلجيكا لوكاكو منه لمهاجم المكسيك تشيشاريتو. طويل القامة وقوي البنية يستطيع حماية كرته ومضايقة المدافعين. طول هاري كين “188” وأديسون كفالي “184” وروميلو لوكاكو “190” ودييجو كوستا “188” وأرتمن دزوبا “196”. عاد بريق رأس الحربة التقليدي بعد أن همشته “التيكي تاكا” وأعطت الأولوية للمهاجم المتحرك النشيط الذي يجوب الملعب طولاً وعرضًا، ولا يتسمر في الصندوق بانتظار الفرج.
القوة الجسمانية كانت عاملاً مهمًّا وحاسمًا في كأس العالم؛ لذلك عانت المنتخبات العربية وكذلك المنتخب الأرجنتيني والإسباني وتفوقت منتخبات مثل الروسي والكرواتي والسويدي والإنجليزي.
إذا ما أردنا أن ننافس على المستوى الدولي فيجب أن نهتم بالبنية الجسمانية ونهتم بتغذية الأطفال قبل الكبار. عدم الاهتمام بالتغذية جعل المنتخب السعودي الأقصر والأخف وزنًا في المونديال. لا يمكن أن نقلص الفارق البدني مع العالم دون الاهتمام بالتغذية في المدارس. وجود مطبخ متكامل في كل مدرسة سيساهم في صناعة جيل صحي لا يعاني من سوء التغذية التي تكلف المملكة مليارات سنويًّا. لو دفعنا مقدمًا تكاليف العلاج التي يتسبب بها سوء التغذية في برنامج للتغذية المدرسية سنوفر الكثير من الأموال وسنصنع جيلاً فتيًّا يستطيع خدمة بلده في أي مكان.
من الصعب أن يبدع لاعب في كأس العالم بعد أن كان “يدوخ” في “الطابور”.. من الصعب أن يبدع أي إنسان في أي مجال وهو يعاني من نقص الحديد وفيتامين بي وسي ودي.