نصف نهائي يجمع الأحق
مباراتا نصف النهائي المختصر الممتع والمثير للمونديال، ومن لم يتابع كل مبارياته الماضية لن يفوت هاتين المباراتين المؤدية نتيجتهما للمباراة النهائية، زبدة الموضوع والقول الفصل في التنافس على زعامة كرة العالم.
اليوم المواجهة الأولى من هذا الدور أيضًا قد تعتبر للفائز في نظر بعضهم بروفة لنيل الكأس، حيث يعتبر الكثيرون أن فرنسا وبلجيكا في الميزان الفني والتفاضل العناصري يتفوقان على إنجلترا وكرواتيا اللذين يلعبان غدًا لتحديد الطرف الثاني في النهائي.
القراءة الفنية التي تراعي كل الظروف والاحتمالات أفضل من العمياء التي تعتمد على تحليل الأداء ورسم الطريقة والخطة وإمكانية تنفيذ ذلك من العناصر ومعرفة مماثلة بالخصم؛ لأنها تبقى ناقصة ما لم تضع فرضية ما قد يحدث قبل وأثناء المباراة؛ ما يغير من المعادلة بفعل التأثير خارج ما هو مخطط له.
مباريات كثيرة خالفت المتوقع لها ليس على النتيجة فحسب، ولكن حتى الأداء، تخلف لاعب عن المشاركة بداعي الإصابة أو تغيير المدرب لنظرته في الطريقة والخطة قد تذهب بالفريق إلى جهة أخرى ليست في حسبان قارئ المباراة، ولا في ظن من توقع نتيجتها، ارتكاب خطأ جسيم من أحد اللاعبين احتسب بسببه ضربة جزاء أو طرد سيفسد كل السيناريو الافتراضي للمحلل أو للمراقب والجمهور، وبالتالي سيجعلك تتابع المباراة دون رغبة في البقاء في حالة الحماسة والشغف.
بالمنطق الفني فرنسا أقرب للتأهل للنهائي والحصول على الكأس، صحيح ليس هناك فارق فني مع المنتخب البلجيكي يمكن احتسابه، لكن عوامل بسيطة ترجح فرنسا مثل تنوع إمكانية اللاعبين واستثمار الكرات المرتدة والحالة البدنية الجيدة والمعنوية مسنودة بتجربة وذكريات 1998م، ولولا ذلك لقلنا إن ما قدمه المنتخب البلجيكي أكثر إقناعًا وأحقية بمكافأة جهد، ولو كانت هذه المكافأة هي كأس العالم.
التعاطف مع منتخب كرواتيا أسس له بعروضه في مباريات المجموعة ويكفيه سحقه الأرجنتين لينال هذا الإعجاب، لكن أيضًا دون إغفال تأثير وجود لاعبين مهمين بين صفوفه ينتمون إلى ريال مدريد ويوفنتوس وبرشلونة قربته أكثر للجمهور، والصعوبة في مواجهة إنجلترا أن الإجهاد الذي نال من الكروات بلغ حدًّا كبيرًا أمام أيضًا تغير على مستوى أسلوب اللعب للإنجليز وامتلاكه الهداف هاري كين ومدربًا مميزًا هو غاريت ساوثغيت.. قد تكون المرة الأولى التي توزع فيها مشاعر التعاطف بالتساوي بين منتخبات نصف نهائي المونديال في تاريخه؛ لأن جميعهم يستحقون.