الرؤية
لا الرؤيا!
ـ وطننا في خطر لأنه في حلم، ولأنه في حلم فهو في مأمَن!. مرّت أوقات كنّا نخاف فيها من إضاءة المصابيح، خوفًا من ألا نرى أحلامًا يُمكن رعايتها!، أحلامًا نأخذها معنا إلى الشارع، وفي مكان العمل!، لنحققها لا ليفسّرها لنا مُعَبِّر!.
كان الأمن قائمًا طوال الوقت، والحقوق مصانة. المؤسس العظيم الملك عبد العزيز أفنى شبابه كله على ظهر فرس ليضمن لنا ذلك، أوصى به الأبناء فحفظوا الوصيّة، العِرْض والدم والمال مُصان، تاريخ المملكة العربية السعودية لا يُمكن مَسَّه من هذه الناحية. الدّم الذي كان يسيل هدرًا وغدرًا في الجغرافيا القريبة منّا، ظلّ مُصانًا عندنا بكرامةٍ لا يمكن للتاريخ تجاهلها. كل حديث عن كرامة بشرية لا يبدأ بحفظ النفس، ثرثرة مهما تزركشت الشعارات!.
ـ حوادث بسيطة أيقظت عقولًا نابهة، وحوادث كبيرة أيقظت الجميع!. "جهيمان" كان أول الحوادث الكبيرة، كان يمكن للأمر أنْ يكون من النوازل لا من الحوادث لولا رحمة الله بنا، ثم شجاعة القرار ويقظة الأمن، ظننّا أننا دفنّا الفتنة، لم ننتبه لأذيالها، وفي سماحةٍ لم تبرأ من غفلة، صار لهذه الأذيال رؤوس، مشكلة الرؤوس النابتة من أذيال أنك مهما حاولت محاورتها فإنها ترجع لعقلية الذيل!. وأخيرًا، في البعيد هناك، في نيويورك تحديدًا، حدثت نازلة!، انتبهنا للداخل، وكان الحس الأمني يقظًا، قادرًا على الملاحقة، ودرء مخاطر عديدة، فضل ربي كبير دائمًا، ثم جاء ما يسمى بالربيع العربي!.
ـ انهارت دول، بالكاد لحقت مصر نفسها!، العجيب أن أوطان الحكم الوراثي لم تُمَسّ بأذى، معرفة السبب تزيل العجب: لم يقم أي منها على شعارات كاذبة، بذخ الكلام الفائض عن الحد لم يكن في سياسات أي منها، الأمور كانت واضحة، والآباء يهيئون للأبناء دروبًا أطيب، هكذا بكل بساطة. الكذب هو العدو الأول لأي حكم، الاتحاد السوفيتي بعظمته لم ينهر بسبب حرب النجوم، ولا بطالعها، هُدَّ على الرؤوس لأن الحكّام كذبوا على شعوبهم!.
ـ تغيّرت الدنيا، المعطيات على أرض الواقع صارت أكبر من أن يتم تأجيل التعامل معها ومن خلالها، فما بالك بتجاهلها؟!. وجاء سلمان بن عبد العزيز، وجاء محمد بن سلمان، معهما وبهما حلّت الرؤية محل الرؤيا!. واستيقظت مملكة جديدة، تفخر بماضيها، بوفائها بالعهود، ولا تتنكّر لحاضرها، وتعرف أن الحلم بالمستقبل لا يليق بالنائمين!.