لماذا نحب ونعشق؟!
تقريبًا، يمكن عدّ النجوم قبل أن يمكن عدّ الأعمال الفنية التي تحدثت عن الحب!. يكفي أن تفكّر بسيل تنهّدات الشعراء فقط لتتوب عن العدّ لا عن الحب!، فما بالك بالرسم والروايات وتأوّهات أهل الغناء وأفلام السينما. ألف حكاية وحكاية فقط عن كليوبترا إنْ دخلتَ السِّيَرْ!.
ـ كيف نُحب؟!، هذه مسألة يُمكن الحديث عنها وفيها وحولها، لا زلتُ أذكر بعض وصايا بوسكجاليا، كم كان كتابه “الحب” دافئًا ومُنَعَّمًا. كُتُب أخرى كثيرة تحدثت عن الحب، لا أوّلها طوق الحمامة ولا آخرها “شذرات من خطاب محب”، وإنْ كنتُ أحسب كتاب “شذرات..” لرولان بارت واحدًا من أعمق وأشفّ ما كُتب في هذا المجال. أُنجِز بطريقة عجائبيّة!.
ـ كيف نحب؟، سؤال على صعوبته، يظل أسهل من شرب الماء، في حضور سؤال: لماذا نُحب؟!. لدرجة أن أغنية عبد الوهاب قالت كل ما يمكن قوله: “من غير ليه”!.
ـ رأيان في صراع. ماري هيرزفيلد ترى أن الحب ينبثق من المعرفة لذلك الذي نحبه، وأنه لا حب عظيم دون معرفة عظيمة، وكلّ ما كانت معرفتك أقل فسيكون حبّك أقل، وعند درجة معينة من الجهل تنعدم إمكانية العشق أصلًا!.
ـ العشّاق والشعراء يحبّون هذا الطرح، يتمنونه صحيحًا، فإنْ لم يكن كذلك بالضرورة، كفاهم ما فيه من ثناءٍ وتزكيةٍ!. إيليّا أبو ماضي يلوّح موافقًا: لا يُحبّ المرءُ حتى يفهما!.
ـ سيجموند فرويد ينسف الرأي السابق تمامًا، والعجيب أنه أكثر من ساهم في شهرته، بعد تدوينه له في كتابه عن دافنشي. أثبته لينفيه!. رأي فرويد هو النقيض، وأنّ الإنسان لا ينصرف عن الحب بسبب قلّة المعرفة، بل العكس تمامًا!، فالإنسان يعشق بهِمّةٍ وبهدايةٍ من مُحفِّزات عاطفيّة، لا تُجْدي معها المعرفة، وأنّ أمور المعرفة والفهم والتآلُف مع طبيعة الأغراض التي يُولعون بها، في “لماذيّة” العشق، لا تُسعف بأكثر من تأثيرات فكرية واهنة!.
ـ إذا كان إيليّا أبو ماضي لحق بماري هيرزفيلد، فإن عمر بن أبي ربيعة سبق سيجمون فرويد، الذي بدوره يفتح لنا بابًا جديدًا لقراءة البيت الشارد: أتاني هواها “قبل أنْ أعرف” الهوى.. فصادف قلبًا فارغًا فتمكّنا!.