الصورة: البُعد الرابع للأغنية!
ـ العين تُمارس دورًا على الأُذُن، تخريبيًّا أو تجميليًّا، أو تمنح حلًّا ثالثًا وسيطًا: تُغيّر المعنى!.
ـ انتبه الموسيقار محمد عبد الوهاب إلى ذلك، قال: "العين تُنشِّز أيضًا". رفض التوقيع على أغنية "اتمختري يا خيل" إلَّا بعد أن يرى مشاهد تصويرها في الفيلم، ذلك لأنه أقام اللحن على وقع "تمختر" الخيل فعلًا!.
ـ كل ما في أغنية عبد الكريم عبد القادر الأشهر "أنا رديت لعيونك"، كان يسير باتجاه أغنية عاطفية، شوق رجل ملتهب للقاء امرأة بعد غيابٍ، ليس في الكلمات كلمة واحدة تشير إلى جغرافيا أو بلدٍ، والموسيقى كانت أخَّاذة ومعطاءة بحميمية دافئة لعلاقة غرامية، لا صخب ولا حماسة! لكنَّ المخرج بدر المضف اختار التصوير من طائرة عائدة، ومن شباك الطائرة، يظهر البحر وأبراج الكويت، المشهد جعل من الأغنية واحدة من أروع الأغاني الوطنيّة!.
ـ "يا ناس أحبه وأحب أسمع سواليفه" أغنية لعلي عبد الستار، تكاد تكون الأحلى له، ناسبت صوته تمامًا، هي الأخرى كانت تحكي شوق عاشق لمعشوقة بدلالٍ، قبل أن يحوِّلها التصوير إلى أغنية عائلية من الدرجة الأولى، حيث الأب وصغيرته!.
ـ أغنية "بنت الحارة" لشفيق جلال، واحدة من أرق وأعذب الأغنيات العاطفية، لكننا لم نعد قادرين على سماعها دون رعب أو خوف، ذلك لأنها ارتبطت بمشاهد جرائم فيلم ريّا وسكينة!. شجن اللحن الساحر في الكلمات المذوَّبة في ماء الغنج: "أنا إيه ذنبي.. أنا إيه ذنبي.. حدفت لي المنديل البمبي". انقلبت إلى منديل مُسمَّم!.
ـ وقبل أيام كنت أستمع، "وهي عادة شبه يومية عندي"، إلى برنامج العلم والإيمان لمصطفى محمود، صوت الناي في المقدّمة يعيدني كل مرّة بحنين جارف إلى دفء أيام خَلَتْ، عبقريّة محمود عفّت تجلّت بكاملها في هذا الناي. كانت ابنتي الصغيرة "الجوهرة" في حضني، وفجأة قالت: "بابا.. هذي.. موسيقى تخوِّف"!. أعدت السماع، ولأول مرة أنتبه إلى أن الناي كان يئن بقلق ومخاوف مُستثارة فعلًا!.