مُسَلِّيات خطرة
ـ "يستطيع الرجل السيطرة على انفعالاته بينما لا تستطيع المرأة السيطرة على شيء"!.
ـ تشعرك مثل هذه العبارات برشاوى على هيئة مكافآت في تنقلّاتها!. فالكلمة الآتية يمكن استشفافها قبل الوصول إليها، والمعنى يتزحلق تلقائيًّا، حتى إنّ القارئ يصل إليه قبل أن ينتهي من قراءته!، ما يترك لدى هذا القارئ شعورًا بالقدرة على السيطرة وقَنْص المفهوم، وهو محلّق في السماء لم ينزل إلى الأرض بعد ولم يستقر في مكان!.
ـ هذا الشعور الوهمي، الذي تُنتجه مثل هذه الطريقة في صياغة العبارات، يجعل من هذه العبارات مُحبّّبة، فهي تقدّم تسليةً وتُؤكد نباهة وحيويّة القارئ!.
ـ تأكيد يشبه ما يحاول الإعلان الدعائي إثباته في قلب الزبون!، بالذات حين يُدخل الإعلان زبائنه في لعبة الأسئلة الثلاثة، واعدًا إياهم بنيل جائزة إذا ما نجحوا في معرفة الإجابات الصحيحة، وكل الزبائن سينجحون لأن الأسئلة سهلة ومكررة ومعروفة!.
ـ يحدث ذلك في الأسواق دائمًا، ويصيب الإنسان شعور بزهو خفيف أو ثقيل لتجاوزه الاختبار بنجاح، حتى مع علمه بأن الجائزة خدعة متجهة في حقيقتها لمحفظته لا لعقله!.
ـ كثير من العبارات، هي أقلّ من حِكمة بكثير، ولا تؤيّدها تجربة علميّة حقيقيّة، ومرفوضة منطقيًّا، وبالرغم من ذلك تتدحرج على الألسنة، ويتنمّق بها كثير من الناس، للظهور بهيئة المثقفين، أو للتأكيد على حلاوة اللسان!. مقولات سطحيّة ساذجة هَشَّة، كل سبب وجودها في سهولة حفظها، وفي قدرة كلماتها على الانزلاق بطريقة صبيانية تسمح للذاكرة بمعرفة الكلمة المقبلة قبل أن تُدبِر سابقتها!.
ـ وفجأة، تصبح مثل هذه المقولات حِكَمًا وأمثالًا، وتُقام عليها تنظيرات فلسفيّة!، تنظيرات كلما زادت الحماسة في تبنّيها والدفاع عنها، و"كحش" المتناثر من الحكايات لتأكيد صحتها، كشف الأمر عن بلاهة صاحبها!.
ـ تفكيك مثل هذه العبارات، يكشف بنيانها!، وهو بنيان قائم على أربع ركائز أساسيّة: ركيزة التضاد، ركيزة الانتصار الساحق لأحد المتضادّين، ركيزة الإيقاع وربمّا السجع، وركيزة الاختصار!. مع إمكانيّة البناء على ركيزتين أو حتى ركيزة واحدة فقط من هذه الركائز!. لاحظ أن المنطق ليس ضمن هذه الركائز أبدًا!.
ـ المسألة قد تبدو مُسليّة حقًّا في بعض الأحوال، تحديدًا فيما نُقرّ جميعًا بأنه عاطفيّ بحت، كالتشجيع الرياضي والميل لفريق بعينه!. لكنها تصبح خطرة حين تتمدد وتنسحب، على وإلى، مناحٍ أخرى من الحياة والفكر!.