موسمنا
ديربي
نعتقد أن الديربي هو المحك.. هو الاختبار.. هو من يُظهر المعدن الحقيقي للاعبين والمدربين ولكني اختلف مع هذا الطرح، فالديربي يأتي كالإعصار يقتلع كل الخطط والتوقعات المسبقة، فيظهر نجوم ويختفى آخرون. عندما ينتهي الديربي تعود الأمور إلى سابق عهدها.. فالأعاصير لا تدوم.
الديربي بطبعه مجنون.. لا يقاس أبداً على الجنون. الديربي يجعل اللاعبين يتفوقون على أنفسهم ويُخرجون أكثر مما يملكون.. يصل هرمون الأدرينالين لقمة تركيزه في العروق فيتحول اللاعب إلى مارد خرج للتو من مصباح علاء الدين. وعلى النقيض يُصاب آخرون بالخمول والانزواء والانكماش والنوم وهم واقفون، فترى أرقاماً تركض في الملعب بلا وجهة ولا تأثير.
وصلت الإثارة حدها.. ثم تخطت كل الحدود في ملعب الجامعة. عرفنا منذ الدقيقة الأولى أننا أمام مباراة سنتذكرها طويلاً. لم يكن هناك وقت للجلوس فقد سجل الهلال ونحن وقوف، ثم عزز الهدف بثانٍ ونحن نهم بالجلوس. على الرغم من تقدم الهلال بهدفين إلا أن النصر عاد وتعادل في خمس دقائق وكان بإمكانه الفوز لو واصل الهجوم.
نلوم خيسوس مدرب الهلال على عدم استغلال التقدم المبكر بهدفين ونلوم هيلدر مدرب النصر على عدم استغلال عودة فريقه إلى المباراة وخطف النقاط الثلاث. ولكن الديربي يخرج دائماً من يد المدربين.. يفقدون السيطرة على اللاعبين.. يحاولون التفكير ولكنهم يعجزون، فالمباراة أسرع منهم. نراهم على الخط ضائعين تائهين حائرين يحكون الرؤوس وكأنهم نسوا كرة القدم ومبادئ التدريب.
بالنسبة لي أخذت من الديربي ما يكفي.. شبعت كرة قدم.. استمتعت إلى آخر ثانية. كان لي من الأدرينالين نصيب. على الرغم من أن المباراة أقيمت العصر، إلا أنني بقيت منتشياً بالديربي منطلقاً بسرعة الصاروخ متحمساً كمن لعب. عندما خرجت على قناة العربية للحديث عنها منتصف الليل، كنت فخوراً بما قدمه الفريقان والجمهور. الجمهور حكاية مختلفة هذه المرة. تفاعل وحب وانتماء وتشجيع طوال اللقاء. لم يكن أمرابط نجم المباراة بل الجمهور. بغض النظر عن النتيجة خرج الجميع بعد الديربي راضين ومستمتعين بالأجواء والأداء والصخب.
يبدو أن التنافس الهلالي ـ النصراوي سيستمر حتى نهاية الموسم وسنشهد مزيداً من الأعاصير في الطريق إلى تحقيق النسخة الاستثنائية من دوري المحترفين. لن تكون الأمور سهلة، فالهلال والنصر في منافسة شرسة، انتهى الديربي ولم تنته الإثارة، فموسمنا على ما يبدو كله ديربي.