عن أوبريت الجنادرية
ـ رسالة من صديق: “الله يا فهد.. يا رفيق القلب والدرب من “مقهى الجمرة” في العليا.. من: “إذا ما اشتقت في الغربه.. قل الذكرى طحين الوقت واخبز من تبي قربه”.. إلى الجنادرية وأوبريت الوطن”!.
كان من الواضح أنه يريد أن يقول ما هو أكثر، ومنعه الحياء!. غير أن المحبة لم تمنعه من تذكيري بما مرّ وما استقرّ!.
ـ اليوم هو أحد أكثر أيامي سعادةً وفخرًا، وصعوبةً أيضًا!. وكأنه لم يسبق لي قبل اليوم أن سمعت أو فهمت معنى: تكليف وتشريف، يُعجنان ببعضهما عجنًا!. وأنتظر المساء بصبرٍ ممتلئ!.
ـ بدأت الحكاية من اتصال كريم من الموسيقار طلال، كانت الكلمات مختصرة حاسمة عظيمة اللطف والكرم: “أمامنا عمل وطني كبير، وثقتي بالله ثم بك كبيرة”!. أعادتني المكالمة للحلم والسهر!. خاصةً وأن مكالمة أُخرى من الموسيقار الكبير لحقت بالأولى، كانت هذه المرّة لشرح فكرة الأوبريت ولتحديد رسالة العمل، ظلّت الكلمات مختصرة، واضحة وجليّة على اتساع الحلم والأُفق، غير أنني تعمدت الإطالة هذه المرّة، عرفت فيما بعد أنني كنتُ مُحقًّا لأنني صرتُ سعيدًا!.
ـ في هذه المكالمة، ومكالمات أخرى تبعتها، فُتح لي المجال لأتعرف على شخصية موسيقيّة نادرة، ثريّة الأفق والفهم والقدرة على قيادة مجموعة عملها باستثنائية حقيقيّة!.
ـ الفكرة، تداعيات الأوبريت في مقاطعه، الترتيب من البدء حتى الخاتمة، بل وحتى أوزان المقاطع الشعرية، الزمن المناسب للانتقال من لوحة إلى لوحة، مدّة الأوبريت زمنيًّا بدقّة، الحذف.. الإضافة.. الاختصار.. الدمج..،
كل ذلك وأكثر، يُردُّ الفضل فيه إلى الله سبحانه وتعالى ثم إلى بطل العمل الحقيقي الموسيقار طلال، الذي لقيت منه وفيه وعنده من المشاركة والمساعدة عجائب شتّى، كم كان عظيم التشجيع والمؤازرة، رقيق ودقيق الملاحظة والتنبيهات!. ياما حلمتُ بالتعامل مع ملحّن بهذه الدرجة من النباهة ومن الانغماس في عمله، وقد تحقق لي ذلك بما لا يُصدّق من الفعالية مع الموسيقار طلال!.
ـ وحين يتعلق الأمر بعمل وطني، فإن التقصير حاصل لا محالة. إن لقيتم في أوبريت الجنادرية هذه الليلة قصورًا، فأنا أحد المقصّرين وربما أكثرهم، وإن لقيتم ما ترونه جميلًا وممتعًا وهادفًا، وهذا ما أتمناه، فأنا لم أكن إلا عنصرًا صغيرًا من عناصر العمل الذي أرجو أن ينال استحسانكم، وأختم بما قاله لي الموسيقار طلال قبل أيام: “أردنا أن نرد لوطننا شيئًا من جمائله، ومهما كان هذا الشيء قليلًا، فقد عملنا عليه بكل ما أوتينا من وقت وطاقة، والله الموفِّق”!. الله الموفِّق.