ساعتها..
يا ويل الشاعر!
كنتُ، فيما مضى، أسخرُ ممّن يكتبون قصيدة كل يوم، وأستهين بمن يكتبون قصيدتين أو أكثر في اليوم الواحد، أعني أولئك الذين يفعلون ذلك دائمًا. كنت أقول: أربع قصائد في السنة الواحدة، حصيلة كافية وأكثر، وراحت السنين!.
ـ اليوم، أُغيِّر رأيي، أخالفه، أقلبه قلبًا، وأقول: اكتبوا ما قدرتم على الكتابة، ترنّموا، واستمتعوا، ولا تفوّتوا فرصة الشعر متى ما سنحت!.
ـ موهبة الشعر هذه، قد تتوقّف فجأة، يخفت وهج القدرة، وينحني ظهر الدّفْق، فلا يعود قادرًا على المشي بغير عكّاز!. ساعتها.. يا ويل الشاعر ويلاه!.
ـ لديه الرغبة، ولديه المعاني، وربما لديه الكلمات أيضًا، والوقت!، غير أن شيئًا ما، شيئًا "ماء"!، تمّ فقده!.
ـ شيء لا تدري ما هو، لكنك تعرفه من أثَرِه، من اللّا بهجة المُصاحبة!. تروح وتجيء، تفتّش عن رعشة الاندهاش العجائبية فيك أثناء الكتابة فلا تجد شيئًا!.
ـ أعود إلى دفاتري، وأوراقي القديمة، أجد بيتًا، بيتين وشطرًا، كلمتين لا أدري ما الذي كنت أريد أن أفعل بهما، سطرًا مشطوبًا بحبر غضبٍ لم يعد يسمح لي بقراءة ما تحت الشطب!. وأشياء أخر متناثرات، وأتحسّر: لماذا لم أُتمّها؟!.
ـ أدري أنني كنتُ أنتظر ما هو أفضل وأعلى قيمةً وشأنًا أو أرقّ سحرًا!، لكنني في النهاية فوّتُّ الفرصة!.
ـ أُصاب بما يشبه الجنون الخفيف حين تتمكن أربع أو خمس كلمات مجتمعة من استعادتي لإحساسي الأول بها!، حالة حب، حالة غضب، وهذه كتبتها في حالة انشراح فَكِه، وهذه كتبتها والعَوَز ذابح، وهذه وهذه..!.
ـ كان يمكن لي القبض على الزمن، على لحظات منه، فيما لو أكملت، لكنني لم أفعل!. وحين أحاول استدراجي للدخول في الجوّ السابق نفسه، لأُتِمّ ما بدأته، أو ما كدت أبدأ به، أفشل، ويحبطني ذلك!.
ـ الغريب أنني أنجح أحيانًا، أحيانًا قليلة جدًا، من استعادة إحساسي بتلك اللحظات، لكن وما أن أشرع في تتمّة، حتى تتداخل أحاسيس وأوضاع ومفاهيم كثيرة أخرى، تشوّش الصورة، تكاد تزوّرها، فأتوقف، لا أقدر على شيء!.
قفلة:
" الله معك، تسهّلَيّ..
العاشق الطايش.. عَقَلْ!
إنتي تأخرتي علَيّ..
عشرين سَنَهْ.. على الأقَلْ"!