ديربي بأحرف
من «نجوم»
من بعيد، يعود ديربي “العاصمة” بكامل عافيته، وعلى الرغم من أن الهلال والنصر لم ينقطعا عن المواجهات المهمة، ما عدا مواسم قليلة نتيجة عدم التقائهما في وضع تنافسي على اللقب، إلا أن لقاء الغد لا يعيدنا فقط إلى سابق عهد “الديربي”، بل وإلى كتابته من جديد.
النصر والهلال في حالة استنفار مختلفة عمَّا سبقها، بما في ذلك مباراة القسم الأول، ففي هذه المباراة رائحة البطولة تعطِّر المكان، ونجوم المهرجان يخطف ضياؤهم الأبصار، والفارق النقطي لم يعد حائلًا أمام النصر، إذ سيتقدم بفارق نقطة، وفي الوقت نفسه محفزٌ للهلال بإعادته إلى خمس نقاط، والنجوم في أوج مستوياتهم من حمد الله إلى جوميز، وإدواردو، وجاليانو، وديجينيك، وبيتروس، وكاريلو، وأمرابط، الجميع مرابط على حدود ساحة المواجهة، فما الذي بقي إذًا؟
التركيز داخل الملعب من الجميع يضمن قمة القمم في تاريخ “الديربي”، فمن جانب اللاعبين، وأجهزتهم الإدارية والتدريبية مطلوبٌ منهم عدم الخروج عن النص، ومن جانب الرابطة، وإدارة الملعب مطلوب تطبيق الأنظمة والقوانين على الجميع، والنقل التلفزيوني عليه ألَّا يخرج عن نطاق الملعب بغرض المجاملة، أو إثارة أحد، وعلى الإعلام بكافة وسائله التركيز على الملعب، بأن نسمع ونقرأ ونشاهد كل ما له علاقة بالـ 90 دقيقة، وما يجري فيها بالفعل، لا ردة الفعل التي تحدثها.
هذا “الديربي” لم يحدث من قبل. كل شيء حوله يُغري الجميع بالمشاركة فيه من أي موقع كان. ملعب الملك فهد الدولي سيتسيَّده جمهور النصر بنسبة 70 في المئة، لذا موعودون بمفاجآتهم في أسلوب التشجيع و”التيفو”، بينما سينتظر جمهور الهلال أن يجعله فريقه الأعلى صوتًا إذا ما بادر في هز الشباك. نتيجة التعادل ستخمد فورة المشاعر والإحساس بأن اللقب صار من نصيب أحدهما، وجنون وهستيريا الانتصار سيقابلها خيبة ومرارة الخسارة. لن تجد منطقة وسطى بين الحالتين إلا بالتعادل.
سيُكتب دوري “العاصمة” من جديد بأحرف من “نجوم”، وسيلعب النصر والهلال “بالأعصاب”، كيفما شاءا. هذه المرة ستجدون سدنة التوقعات يتوارون، ليس خشيةً من ألَّا ينجحوا في توقعاتهم، فهذا يحصل كثيرًا، وإنما لأن معطيات القمة “كابوس” لا يمكن الوثوق في أي من تفاصيله على أنه حقيقة عندما تدق ساعة الحقيقة.
نثق في أن اللاعبين سيدخلون المباراة من أجل اللعب فقط، وسيفرغون كل طاقاتهم وانفعالاتهم في الركض خلف الكرة بحثًا عن الفوز، ما يجعلنا لا نخشى على سلامة خروج المباراة إلى بر الأمان، لكن على بقية الأطراف “الحكام، والجمهور” المساهمة في ذلك.