كرة القدم نصف علم
ونصف حقيقة
دروس كرة القدم تحدث ليس لنتعلمها ولكن من أجل أن نتلقاها، ومن أجل ذلك لا تزال بنفس السيناريوهات المعقولة والمجنونة دون أن ننجح في التحسب لها، فهي نصف علم ونصف حقيقة، وأحياناً لا شيء من هذين، ناتجها ما تنتهي له نتائجها لا ما نخطط أو نجمع له من أدوات.
الفرق الكبيرة من أندية ومنتخبات هي من تتلقى الدروس لا لتتعظ، لكن لتكن عظة لغيرها، هي النموذج الذي يجبر الآخرين على التصديق أن الكرة مستديرة تحتفظ داخلها بسرها الذي جعلها تعطي عشاقها من طرف جمالها حلاوة، وتراوغ بصدماتها ومفاجآتها كما يراوغ الثعلب!
إذا قلنا إن ما حدث في نصف نهائي أبطال أوروبا بعودة ليفربول من خسارة ثلاثية نظيفة في الذهاب، إلى فوز برباعية في الإياب على حساب ميسي ورفاقه، أنها دروس أو معجزات تحققت في أنفيلد وبغياب صلاح وفيرمينو، سيكون ذلك أسهل وصف، وقد جرت العادة أن نقول ذلك فليس عندنا قدرة على تحليل وقراءة الانقلابات الفنية، لأن كرة القدم ليست علماً وليس لها قواعد ثابتة يمكن أن نحتكم إليها.
أي توصيف للتحولات في النتائج يبقى عاجزاً وضعيفاً أمام غموض وأسرار كرة القدم التي لم ولن تُكتشف، وأي دخول في تفاصيل فنية في مباراة كتلك ما هو إلا هروب من إعطاء وصف دقيق لما حدث "كيف ولماذا"، المدرب الإيطالي كابيللو قال عن المباراة لسكاي: فالفيردي كان مغروراً بعض الشيء في اختيار نفس الأشخاص الذين لعبوا معه المباراة الأولى وكان يجب التغيير.
مدرب ليفربول يورجن كلوب قال لقناة بي تي سبورتس: إنه أمراً لا يصدق أن نفوز على أفضل فريق في العالم وبشباك نظيفة. ومورينهو قال: إنها مفاجأة من العيار الثقيل، اسأل أي محلل في العالم سيقول لك نفس الكلام، برشلونة لم يتهيأ لهذه المباراة، لم يتوقع حدوث مثل هذه الكارثة. بينما سواريز قال ظهرنا فريقاً من الشباب الصغار في هدف ليفربول الرابع.
مهما بحثت كي تعرف ما حدث بالضبط، لن تجد من يأخذ بيدك إلى الحقيقة، لأن ليس في كرة القدم إلا نصفها، ومهما اجتهد المحللون الفنيون في التشريح والتشخيص والقراءة فلن يصلوا لشيء يتفق عليه الجميع، فهي علم يضيع نصفه بين أرجل اللاعبين، ولولا ذلك لما كان للعبة كرة القدم هذا الإبهار والإدهاش والمغناطسية.. ستبقى كرة القدم الأمر الذي يختلف عليه الجميع ليتفقوا على أن يلتقوا ثم يختلفوا، وهكذا دواليك حتى ما لا نهاية، وهنا سر عظمة هذه اللعبة.